"يدنا لا ترتجف".. تفاصيل قانون مكافحة الإرهاب بفرنسا
بحثت الحكومة الفرنسية، الأربعاء، مشروع قانون جديد حول الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، عملت وزارة الداخلية "منذ أشهر" على صياغته.
ودافع رئيس الحكومة جان كاستيكس، في ختام جلسة مجلس الوزراء، عن النص قائلا إنّه "يجعل من الممكن التكيف مع التهديدات الجديدة التي يصعب اكتشافها والاعتماد على أدوات جديدة مرتبطة بالتقنيات الجديدة".
وشدد على أنّ الاعتداءات الأخيرة التي شهدتها فرنسا كانت على يد "أفراد منعزلين، صغار السن بشكل متزايد، وغالبا ما يكونون غير معروفين لأجهزة الاستخبارات".
وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان كشف بعد يومين من الهجوم الذي أسفر عن مقتل شرطية في مركز رامبوييه بضاحية باريس ذبحا بيد متطرف تونسي، عن الخطوط العريضة للنص في حديث لصحيفة "لو جورنال دو ديمانش" مؤكدا أن "فرنسا يدها لا ترتجف".
وجاءت المقابلة الطويلة مع الوزير بمثابة رد على انتقادات المعارضة بعد الهجوم.
فقبل عام من الانتخابات الرئاسية، وفي وقت يتصدر الأمن اهتمامات الفرنسيين بعد الصحة والأزمة الصحية في استطلاعات الرأي، يأتي مشروع القانون في الوقت المناسب للسلطة التي وضعت السيادة في طليعة جدول أعمالها.
وأكد مصدر قريب من الحكومة أن إدراج مشروع القانون على جدول أعمال مجلس الوزراء المقرر الأربعاء، بعد أسبوع على صدور توجيه بهذا الصدد عن مجلس الدولة، كان مقررا "منذ عدة أيام" وفق ما أكد مصدر قريب من الحكومة، نافيا الاتهامات بتسريع التوقيت بصورة انتهازية في أعقاب الاعتداء.
شهدت فرنسا في السنوات الأخيرة موجة اعتداءات غير مسبوقة نفذها متطرفون وأوقعت أكثر من 260 قتيلا.
مراقبة "الخارجين من السجن"
ويستند النص الذي أعده وزير الداخلية على ترسانة من التدابير القائمة بالأساس، فيعيد صياغتها من أجل إرسائها في قانون.
ويهدف القانون المؤلف من 19 بندا بشكل أساسي إلى "تحديث" بل تعزيز عدد من أحكام قانون الاستخبارات الصادر في يوليو/ تموز 2015 وقانون الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2017، على ما أوضحت وزارة الداخلية.
وإلى عمليات الدهم الإدارية المعروفة بـ"الزيارات المنزلية" التي كثفها دارمانان بعد قتل المدرّس سامويل باتي بقطع الرأس في اعتداء نفذه إرهابي متحدر من الشيشان في أكتوبر/تشرين الأول 2020، سيكون بالإمكان مصادرة معدات معلوماتية في حال رفض مشتبه به كشف محتوياتها.
كما سيكون بالإمكان تمديد تدابير المراقبة الفردية (الإقامة الجبرية) "إلى حد سنتين" بعد الخروج من السجن بالمقارنة مع سنة واحدة حاليا للأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن ثلاث سنوات على أقل تقدير مع النفاذ بتهم الإرهاب.
ويسمح النص باتخاذ تدابير قضائية بحق هؤلاء "الخارجين من السجن" إذا كانوا يطرحون "خطرا كبيرا" بتكرار فعلتهم، من بينها اتخاذ مقر إقامة في مكان معين أو الخضوع لـ"رعاية صحية"، وذلك لفترة تصل إلى خمس سنوات بعد قضاء عقوبتهم.
وفي هذا الشأن أوضح وزير العدل الفرنسي إريك دوبون موريتي، أن "هذا يتعلق بما يقل عن مئة معتقل تمت إدانتهم، سيخرجون (من السجن) وسيتعين متابعتهم ومتابعتهم عن كثب".
"صناديق سوداء"
من جهة أخرى، ينص مشروع القانون على منع أي شخص ملزم بالإقامة في دائرة جغرافية معينة، من الحضور إلى مكان "يجري فيه حدث يواجه من حيث حجمه أو طبيعته مخاطر إرهابية خاصة" مثل مسابقة رياضية أو مهرجان موسيقي.
وفي شق الاستخبارات، يرسي النص وسيلة موضع جدل هي تقنية الخوارزمية التي تسمح بمعالجة بيانات الاتصال بشكل آلي لرصد أي مخاطر، مع توسيعها لتشمل عناوين الإنترنت.
كما سيتم تمديد المدة المسموحة لجمع بيانات الإنترنت إلى شهرين، مقابل شهر واحد حاليا.
وبعد انقضاء هذه المهلة تعتبر البيانات "ميتة" لكن يمكن الاحتفاظ بها خمس سنوات لأهداف البحث والتطوير ولا سيما في مجال وسائل الذكاء الاصطناعي المستخدمة في "الصناديق السوداء"، وهي الخوارزميات التي تسمح لأجهزة الاستخبارات بتحليل بيانات الاتصال بالإنترنت لرصد أي مؤشرات مشبوهة.
وسئل دارمانان عن المخاطر التي قد يطرحها مشروع القانون الجديد على الحريات الفردية، فدعا إلى التخلي عن "السذاجة"، متسائلا "كل الشركات تستخدم خوارزميات، والدولة هي الجهة الوحيدة التي لا يمكنها استخدامها؟"
ومن المتوقع أن يثير مشروع القانون الذي ينبغي صدوره قبل 31 يوليو/تموز مناقشات محتدمة في البرلمان، وقد يؤدي إلى موجة احتجاجات جديدة في صفوف المدافعين عن الحريات العامة.
aXA6IDMuMTQ3LjQ4LjEwNSA=
جزيرة ام اند امز