الوطن هو لنا ونحن له.. هو الأمان والملجأ.. هو الدفء والطمأنينة.. هو الفخر والفخار، إنه شعور كل إماراتي تجاه أرضه.
اسألوا أولئك الذي فقدوا أوطانهم.. أولئك الذين تغربوا.. أبعدوا أو ابتعدوا رغبة أو قسرا.. اختاروا حضنا غير حضن الأم الرؤوم...ماذا يعني الوطن؟!
يقول محمود درويش: "لم نبحث عنه.. عن هذا الوطن في حلم أسطوري وخيال بعيد.. ولا في صفحة جميلة من كتاب قديم، نحن لم نصنع هذا الوطن كما تصنع المؤسسات والمنشآت.. هو الذي صنعنا، هو أبونا وأمنا، ونحن لم نقف أمام الاختيار، لم نشترِ هذا الوطن في حانوت أو وكالة، ونحن لا نتباهى ولم يقنعنا أحد بحبه؛ لقد وجدنا أنفسنا نبضا في دمه ولحمه ونخاعا في عظمه وهو لهذا لنا ونحن له".
نعم.. هو لنا ونحن له.. هو الأمان والملجأ.. هو الدفء والطمأنينة.. هو الفخر والفخار.. لن أبالغ إن قلت إنه شعور كل إماراتي تجاه أرضه، شعور يجب أن نعيد إحياءه في كل ذكرى قيام اتحاد تمر علينا.. نتفكر في ذلك الماضي الذي كافح فيه الآباء والأجداد واغتربوا شهورا في غياهب البحار المظلمة بحثا عن مصدر رزق ولقمة عيش.. والنساء خلفهم يربون الأبناء ويعتنون بالمواشي ويحفظون الغياب بدعاء لا يفارق الألسنة بين أحضان العريش والطوب.
هكذا مرت السنوات وكبر حلم المؤسسين لهذا الكيان الوجودي الذي يصعب الإتيان بمثله الآن تحديدا في زمن المطامع والشتات، لينهض بجموح وقوة ويراهن على بقائه الوالد المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" الذي أرسى قواعد البيت المتوحد بسعة الصدر ونفاذ البصيرة وطول البال والحكمة؛ فهي صفات تجلت في مواقفه الإصلاحية بين العرب ليكون حكيمهم الذي قلّ له نظير، وداخليا آمن بشدة بضرورة أن يكون هناك كيان سياسي موحد؛ فسارع بعد أن أعلن البريطانيون انسحابهم في يناير عام 1968، من الإمارات المتصالحة لتعزيز الروابط مع إمارات الساحل المتصالح؛ فرأى اتحادنا النور في الثاني من ديسمبر من عام 1971.
هذا هو جزء من وجه وطني الذي يراه العالم.. والوجه الآخر له يستشعره المواطن والمقيم عبر رغد الحياة وطمأنينة العيش الذي يفتقده الكثيرون من حولنا في مناطق النزاع والسلاح.. وقد قيل: "لا يهمني أين ومتى سأموت.. بقدر ما يهمني أن يبقى الوطن".
ثمانية وأربعون عاما مضت وباتت هذه الدولة الفتية نموذجا عالميا؛ فالدول لا تُقاس بعمرها بل بإنجازاتها التي تسطر في قواميس التنافسية العالمية والتقارير والدراسات التي تشهد لتفوقها ومكانتها المتقدمة.. واليوم دولتنا المدرسة في الإدارة الحكومية وجذب رؤوس الأموال ورجال الأعمال وصناعة السياحة والترفيه.. وقبل كل شيء نموذج لاحترام الإنسان وجعله رأسمال التنمية وتمكين المرأة لتكون شريكة البناء في كل مناحي الحياة وتحفيز الشباب الذين تعدهم وقودا للسير قدما في مسيرة الابتكار واقتصاد المعرفة وريادة الأعمال ومستقبل ما بعد النفط.. وحتى الطفل يُهيأ في كل مراحل نموه فكريا وجسديا ليكون "مواطنا عالميا" متمكنا من مهارات القرن الحادي والعشرين وقادرا على الاندماج في مجتمع متعدد الجنسيات والثقافات، ويملك من القدرات من يكفي ليحلل ويميز ويتفاعل عبر استخدام البحث العلمي؛ التوجه الجديد للتعليم في الدولة التي تؤمن بالتجديد المستمر.
فكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: "إننا نعيش في عصر المتغيرات سريعة الإيقاع والمستجدات بالغة التأثير في كل مناحي الحياة، وهذا يعني أن إنجازاتنا في قطاعات البنى التحتية والخدمات الحكومية والاقتصاد والتعليم والصحة والثقافة، معرضة للتقدم إذا لم نحسن مواكبة المتغيرات واستيعاب المستجدات؛ لذلك لا مكان عندنا للتراخي أو الركون إلى الراحة أو تأجيل عمل اليوم إلى الغد، وإذ تنطوي الإنجازات بطبيعتها على قوة دفع ذاتية، فإن من أوجب واجباتنا استثمار قوة الدفع هذه لتحقيق إنجازات نوعية جديدة تضمن لوطننا وشعبنا مواصلة التقدم في دروب التنمية والمجد والعلا".. هذا هو فكر قادتنا الذي يدعو إلى مواكبة الجديد والبناء على القديم لا هدمه.
كبرت هذه الدولة، وأصبحت قوة لا يستهان بها وثقلا سياسيا واقتصاديا في المنطقة. تقف برجالها المحنكين وعتادها المتطور وبنيتها التحتية المجهزة بأحدث الأسلحة والذخائر في وجه الطامعين والمخربين، حاملة هم الاستقرار والأمان في المحيط الخليجي والعربي بأسره.. فسجلت بطولات خالدة بدماء أبنائها وبمواقفهم البطولية المشرفة وما زالت تقف بحزم في وجه كل تهديد.
هذا هو جزء من وجه وطني الذي يراه العالم.. والوجه الآخر له يستشعره المواطن والمقيم عبر رغد الحياة وطمأنينة العيش الذي يفتقده الكثيرون من حولنا في مناطق النزاع والسلاح.. وقد قيل: "لا يهمني أين ومتى سأموت.. بقدر ما يهمني أن يبقى الوطن".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة