عملية اغتيال الناشط الإعلامي فهد بوهندي الذي اعتقل لمدة 3 سنوات تأتي ضمن سلسلة من الاغتيالات التي شهدتها قطر.
يتعمد النظام القطري مواجهة المعارضة الشريفة الحرة التي تنتقد الأوضاع العامة في البلاد بإسكات صوت المفكرين ورجال الإعلام الناشطين وأصحاب الرأي وشيوخ القبائل الأحرار الذين يرفضون أن يكون وطنهم مرتعاً للفوضى وساحة للتناقضات ومحط تسلط العابثين بأمن وطنهم، وكل من ينتقد السلطات القطرية ومواقفها الرعناء يوضع في دائرة الشك والاتهام.
ومن هنا تَتكشّف أوضاع النظام في انتهاكاته الصارخة لحقوق الإنسان بتمويل ودعم المنظمات الخارجة عن القانون الدولي، وبانت حقيقته بالتزامن مع اتضاح أدواره وبتنسيق مع المنظمات المتطرفة للعبث بمقدرات المنطقة تقتيلاً وتدميرياً، بجانب عمليات التعذيب والتنكيل داخل معتقلاته، وكشفت المعارضة القطرية اقتياد زعمائها السياسيين إلى معتقل بوهامور، ولعب هذا المعتقل دوراً كبيراً في قمع المعارضة التي رفضت تأييد حكم أمير دولة قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني بعد انقلابه على والده واستيلائه على الحكم في 27 يونيو/حزيران عام 1995م، وتم اعتقال عدد من المقربين للأب خليفة والزج بهم في سجن بوهامور.
مهما كانت ادعاءات النظام بأن مؤسساته الإعلامية تجسد الحريات العامة في البلاد كما يزعم، وتمثل منبراً للكلمة الحرة، فإنها مجرد ترّهاتٍ، إذ تبقى أساليبه الإجرامية قائمة ومواقفه بعيدة عن النزاهة وعن أخلاقية المهنة وشرف الكلمة.
وتأتي عملية اغتيال الناشط الإعلامي فهد بوهندي الذي اعتقل لمدة ثلاث سنوات ضمن سلسلة من الاغتيالات التي شهدتها البلاد، وهو ناشط إعلامي قطري مدير مركز الإبداع الثقافي في إحدى المؤسسات القطرية، ومعارض للنظام وجرى سجنه تعسفياً مع حرمانه من أبسط حقوقه المدنية داخل السجن ومن ثم تصفيته تحت التعذيب، وهو ليس أول معارض يلقى حتفه، وهناك الكثير من الحالات المأساوية، إنه الشاهد على فظاعة النظام وإجرامه بحق المعارضة من الناشطين ورجال الفكر والإعلاميين، إنه اعتداء صارخ في حقه، ولكون الإعلامي بوهندي نقل الحقيقة بأمانة ومصداقية وحيادية وكشف زيف وتورط السلطات القطرية لعملياتها الإجرامية التي تتنافى ومبادئ العدالة، فإن ذلك يدين النظام القطري ويضعه أمام المساءلة الدولية.
ومهما كانت ادعاءات النظام بأن مؤسساته الإعلامية تجسد الحريات العامة في البلاد كما يزعم، وتمثل منبراً للكلمة الحرة فإنها مجرد ترهاتٍ إذ تبقى أساليبه الإجرامية قائمة ومواقفه بعيدة عن النزاهة وعن أخلاقية المهنة وشرف الكلمة، وهذه قناة الجزيرة وأمثالها الراسفة بتبعيتها للنظام القطري فهي ليست مستقلة، وسكتت عن طرح الحقيقة ولن يكون بمقدورها نشر ما ينتاب الداخل من انتهاكات صارخة، وكونها تشكل جزءاً من النظام والناطق الرسمي ما جعل دورها محدوداً لعدم تمكنها من إظهار انتهاكات حقوق الإنسان على امتداد الساحة القطرية وخارجها.
ونظراً للتعذيب الشديد في السجون القطرية، دعت منظمات حقوق الإنسان المجتمع الدولي للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة ضد السجناء السياسيين في سجن بوهامور، مثل التعذيب المنهجي وسوء المعاملة والاكتظاظ في السجون، كما تنتهك السلطات القطرية حق السجناء بموجب قانون الطوارئ، وقد أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا والرابطة الخليجية للحقوق والحريات والمنظمة الأفريقية للتراث وحقوق الإنسان بياناً، أدانت فيه قتل الناشط الإعلامي والصحفي القطري فهد بوهندي تحت التعذيب، وطالبت مسؤولي النظام بتقديم إيضاحات حول هذه الجريمة النكراء والكشف عن أوضاع السجناء الآخرين.
والدستور القطري يظل دستوراً عرفياً لا يعترف بحرية الرأي وحرية الإنسان، ولذلك يتم قمع المعارضة السياسية، ولا يوجد قانون أساسي ولا حرية أحزاب ولا منظمات مجتمع مدني، ولا منظمات حقوق إنسان تتعامل مع قضايا المواطنين وأصحاب الرأي، ويسمح الدستور القطري لقانون الطوارئ بالتحكم في البلاد، ويجري البطش بأي ناشط قطري يطالب ببعض الحريات في هذه الإمارة، ويتدخل النظام القطري في جميع شؤون حياة المواطنين، وبالتالي بلغت معاناتهم ذروتها بغياب نظام أساسي يستند إلى العدالة الاجتماعية.
ويتطلب تفعيل دور اتحاد الصحفيين العرب حتى يشكل قوة ضغط وأداة فعالة لمعالجة قضايا رجال الفكر والثقافة، والاهتمام بشؤونهم المهنية والحياتية والتأمين على مستقبلهم في مواقع عملهم، وباعتبارهم يمتلكون أسلحة من نوع خاص، تظل أقلامهم مشرعةً وسيوفَ حقٍ تواجه ألاعيب المتسلطين، وأجهزة التسجيل لديهم تجسد أبعاد الواقع بكل نزاهة وموضوعية، وعلى الدوام تلاحقهم المخاطر فهم الذين يشكلون دعامة كبيرة لا تقل أهمية عن المقاتلين في الميدان، وبذلك يظل الإعلاميون وأصحاب الضمائر شاهدين على الأحداث ومصورين للوقائع بدقائق تفاصيلها حرصاً منهم على الحقوق الإنسانية والحريات المدنية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة