أحدثها الدلافين.. اكتشاف خصائص مشتركة بين البشر وبعض الكائنات
ربما تنضم الدلافين قريبا إلى قائمة حيوانات التجارب ما قبل السريرية، بعد اكتشاف وجود تشابه كبير بينها وبين البشر في التمثيل الغذائي.
ووجدت دراسة بقيادة جامعة ديوك الأمريكية أن الدلافين ذات الأنف الزجاجي تحرق السعرات الحرارية بمعدل أقل مع تقدمهم في السن، تماما كما يفعل البشر.
وقالت المؤلفة الأولى ريبيكا ريمباتش، زميلة ما بعد الدكتوراه في الأنثروبولوجيا التطورية في جامعة ديوك ، إن هذه هي المرة الأولى التي يقيس فيها العلماء تباطؤا في التمثيل الغذائي مرتبطًا بالعمر في أنواع أخرى كبيرة الحجم إلى جانب البشر.
ودرست "ريمباتش" في الدراسة المنشورة بالعدد الأخير من "مجلة البيولوجيا التجريبية"، إنفاق الطاقة والجوانب الأخرى لعلم وظائف الأعضاء في الحيوانات التي تتراوح من الفئران إلى القرود، لكنها تقول إن البيانات المتعلقة بالثدييات البحرية مثل الدلافين والحيتان كانت شحيحة، هذا بسبب صعوبة استعادة سكان المحيطات هؤلاء لتكرار القياسات.
ودرس الباحثون 10 دلافين قارورية الأنف تتراوح أعمارهم بين 10 و45 عامًا تعيش في منشأتين للثدييات البحرية، وهما مركز أبحاث دولفين في فلوريدا ودولفين كويست في هاواي.
ولقياس متوسط معدل الأيض اليومي، استخدم الباحثون "طريقة المياه الموصوفة بشكل مزدوج"، وتُستخدم لقياس إنفاق الطاقة لدى البشر منذ الثمانينيات، وهي طريقة تتضمن جعل الحيوانات تشرب بضعة أوقيات من الماء مع إضافة أشكال "ثقيلة" من الهيدروجين والأكسجين التي تحدث بشكل طبيعي.
ومثل البشر الذين يقدمون أذرعهم لسحب الدم، ترفع الدلافين في هذه المرافق طواعية زعانفها من الماء حتى يتمكن القائمون على رعايتهم من جمع الدم أو البول كجزء من فحوصاتهم المنتظمة.
ومن خلال تحليل مستويات ذرات الهيدروجين والأكسجين الثقيلة في الدم أو البول، تمكن الفريق من حساب كمية ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها الدلافين كل يوم، وبالتالي عدد السعرات الحرارية التي تحرقها أثناء ممارسة حياتها.
وتوقع الباحثون أن تكون للدلافين عمليات أيض سريعة، لأن الدلافين من ذوات الدم الحار مثل البشر تمامًا، ويتطلب الحفاظ على الدفء طاقة في الماء أكثر من الهواء، ولكن على الرغم من العيش في عالم مائي، وجدوا أن الدلافين ذات الأنف القاروري تحرق طاقة أقل بنسبة 17٪ يوميًا مما كان متوقعًا لحيوان ثديي من حجمها.
كما لاحظ العلماء بعض علامات الشيخوخة الأيضية الشائعة لدى الناس، حيث استخدمت أقدم الدلافين في الدراسة، في الأربعينيات من عمرها ، ما بين 22٪ إلى 49٪ سعرات حرارية أقل كل يوم مما كان متوقعًا لوزن أجسامهم، ومثل البشر ، انتهى المطاف بالمزيد من هذه السعرات الحرارية على شكل دهون وليس عضلات، وكانت الدلافين في الأربعينيات من عمرها تحتوي على نسب دهون في الجسم أعلى بـ 2.5 مرة من نظيراتها التي تقل عن 20 عامًا.
وسبق الدلافين للانضمام إلى عائلة الحيوانات التي تجمعها صفات مشتركة مع البشر تؤهلها لإجراء التجارب الطبية "فئران التجارب"، وهي أقدم أعضاء هذه العائلة.
وتتطابق الفئران مع البشر جينيا، خصائصها البيولوجية والسلوكية تشبه تلك الموجودة في الإنسان، وتشارك البشر في العديد من العمليات، كما أن إجراء البحوث عليها سهلا، حيث إنها صغيرة وحبسها والعناية بها أمر بسيط، ويمكنها التكيف جيداً مع البيئات الجديدة.
ومن أعضاء هذه العائلة أيضا، ذبابة الفاكهة، وتستخدم هذه الحشرة الصغيرة منذ عام 1946 في البحث العلمي، بعد اكتشاف أن 75 في المائة من الجينات الخاصة بالأمراض التي تصيب الإنسان، يوجد نظائر يمكن تمييزها فيها.
كما تضم العائلة أيضا، القرود، والتي تستخدم على نطاق واسع في الأبحاث العلمية، وكان اللافت أن درجة التشابه بين البشر والقرود اتسعت، حيث أظهرت نتائج أبحاث قامت بها كل من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وجامعة هارفارد، وجامعة كارنيجي ميلو، أنه على الرغم من أن البشر والقرود لا يتحدثون نفس اللغة بيد أن طرق تفكيرهم متشابهة أكثر بكثير مما كان يعتقد في السابق.
وقالت الدراسة التي تم نشرت في دورية "ساينس أدفانسيس" في أكتوبر من عام 2020، إن الباحثين وجدوا تقاربا بين البشر وبين فصيلة من القرود تدعى قرود المكاك، وكان هذا التشابه فيما يخص الاستدعاء الذاتي والذي يعني عملية تكرار الشيء بطريقة مشابهة ذاتيا.
وأخيرا، تضم هذه لعائلة "سمكة الزرد"، أسماك الزرد والتي تعد نموذجًا مثاليًا للبحث الدوائي لأن جينومها قريب من البشر ولديها معدل تكاثر سريع، مما يسمح للباحثين بفحص بعض الأمراض عبر الأجيال المختلفة.
ومن أحدث الأبحاث التي استخدمت فيها "سمكة الزرد"، كان قيام الباحثون من جامعة ألبرتا الكندية بدراسة أعراض الانسحاب الناجم عن النيكوتين لأول مرة في نموذج سمك الزرد، ووجدوا تشابها مع البشر، وهو اكتشاف يمكن استخدامه لاختبار طرق علاج الانسحاب من الإدمان لدى البشر، وتم نشر النتائج في أغسطس من العام الماضي بدورية " ساينتفيك ريبورتيز".
وخلال الدراسة وجد الفريق البحثي أنه مع التعرض الحاد للنيكوتين، أظهر سمك الزرد جرأة متزايدة، تم قياسها بميل السمكة للاقتراب من تمثال صغير موضوع في ساحة الاختبار، كما أدى التعرض الحاد إلى زيادة حركة الأسماك أو رغبتها في التحرك حول الحوض، ومع ذلك فإن التعرض المتكرر للنيكوتين متبوعا بفترة انسحاب تسبب في انخفاض الجرأة والحركة.