سمكة الزرد أمل البشرية في تجديد خلايا القلب التالفة
الباحثون أظهروا دور الخلايا البلعمية في إنشاء جزيئات تشكل جزءًا من ندبة القلب، وخاصة الكولاجين ، وهو البروتين الرئيسي المعني بهذا الأمر
يسعى فريق من الباحثين بجامعة أكسفورد، لفهم ودراسة أسماك الزرد، التي تستطيع تجديد الخلايا التالفة في قلبها، الأمر الذي يعطي البشرية أملا جديدا لتجنب قصور القلب والأزمات القلبية.
ويفقد المرضى ملايين من خلايا العضلات خلال الأزمة القلبية، التيلا يمكن لها أن تتجدد، وبالتالي فإن الآلية الافتراضية للإصلاح هي تشكيل ندبة قلبية "منطقة من الأنسجة الليفية تحل محل الجلد الطبيعي بعد الإصابة".
وعلى الرغم من أن هذه الندبة تعمل بشكل جيد في البداية لتجنب تمزق البطين، فإن الندبة دائمة وبالتالي ستؤدي في النهاية إلى قصور في القلب، ولن يتمكن من العمل بكفاءة كما كان الحال قبل الأضرار الناجمة عن الأزمة القلبية.
ومن المعروف أن سمك الزرد، التي تعيش في المياه العذبة جنوبي آسيا، قادرة على تجديد قلبها بالكامل بعد التلف الناتج عن تكوين ندبة مؤقتة مع تكوين خلايا عضلية قلبية جديدة. ويسعى د. بول رايلي وفريقه في جامعة أكسفورد لفهم ومقارنة تكوين ندبة القلب في الحيوانات المختلفة كجزء من الجهود المستمرة لاستكشاف ما إذا كان يمكن تعديل الندبة التي تحدث للبشر لتصبح ندبة عابرة مثل ندبة الزرد.
وحسب الدراسة المنشورة الخميس بدورية "نيتشر كومينيكيشن"، استخدم الباحثون 3 نماذج مختلفة من دراسة إصلاح القلب وتجديده؛ قلب الفأر البالغ، الذي يتصرف بطريقة مشابهة لقلب الإنسان، وقلب الفأر الوليد، الذي يمكن أن يتجدد لمدة تصل إلى 7 أيام بعد الولادة قبل أن يفقد تلك القدرة مع تقدم الفأر في العمر، وسمك الزرد الذي يمكن أن يعيد توليد القلب حتى مرحلة البلوغ من خلال تشكيل ندبة عابرة.
وفشلت الجهود السابقة المبذولة لعلاج النوبات القلبية باستراتيجيات استبدال الخلايا إلى حد كبير مع نتائج التجارب السريرية المخيبة للآمال، وأحد أسباب ذلك هو البيئة المحلية التي توضع فيها الخلايا الجديدة، وهي خليط من خلايا ملتهبة ومتليفة تمنع انخراط الخلايا الجديدة وتكاملها مع أنسجة القلب التي نجت من الأزمة القلبية، وبالتالي هناك حاجة إكلينيكية عاجلة لم يتم تلبيتها لتهيئة بيئة الإصابة المحلية لاستبدال الأنسجة المفقودة بكفاءة ، والأهداف الرئيسية لذلك هي الخلايا المناعية التي تغزو القلب بعد الإصابة مما يسبب الالتهاب.
وركز الفريق جهودهم على دراسة سلوك الخلايا البلعمية المناعية، والخلايا المرتبطة عادة بمكافحة العدوى في الجسم، واستخرجوا الخلايا البلعمية من كل نموذج حيواني لفحص تعبيرهم الجيني.
في كل من بلاعم الفئران وسمك الزرد، وجد العلماء أنها تظهر علامات على مسؤوليتها المباشرة في إنشاء جزيئات تشكل جزءًا من ندبة القلب، وبخاصة الكولاجين، وهو البروتين الرئيسي المعنى بهذا الأمر.
ويقول د. بول رايلي على موقع جامعة أكسفورد: "هذه المعلومات مهمة ومدهشة للغاية لأنه حتى اليوم كنا نعتقد تورط الخلايا الليفية القلبية فقط في تشكيل ندبة في القلب مباشرة".
ولمزيد من التحقيق فيما إذا كانت البلاعم تسهم في الواقع بشكل مباشر في الندبة، زرع الفريق البحثي هذه البلاعم في قلوب الأسماك والفئران التي أصيبت سابقًا، وتتبع ما حدث بعد 3 أسابيع، وفوجئوا بأن البلاعم ساعدت في تكوين ندبة.
ويضيف رايلي: "حددنا دورًا جديدًا تطوريًا للبلاعم يتحدى الاعتقاد الحالي المتمثل في أن الخلايا الليفية العضلية هي الخلايا الوحيدة التي تسهم في ندبة القلب، التي نعتقد أنه يمكن تطبيقها أيضًا على القلب البشري".
وتساعد الدراسة على معالجة الجزء الأول من المشكلة حيث حدد الباحثون البلاعم كلاعب جديد في إحداث الندبة، لكن قبل أن يتمكنوا من الانتقال إلى التجارب السريرية ومساعدة مرضى الأزمة القلبية، يحتاج الباحثون إلى إجراء المزيد من البحوث الأساسية حول فهم الآلية التي يمكن أن تسهم بها البلاعم في احداث الندبة.
ويتابع رايلي: "تشكل البلاعم جزءًا مهمًا من نظام المناعة لدينا، حيث تقوم بإزالة الخلايا الميتة وتساعد على إصلاح الأنسجة التالفة، من خلال انتاجها الكولاجين، وهو جزء رئيسي من أنسجة الندبات، وهذا قد يؤدي إلى طرق جديدة لتعزيز الإصلاح بعد القلب".
وكانت دراسة سابقة لجامعة إكسفورد عملت على سمكة الزرد قبل عامين قد حددت 3 مناطق من جينوم الأسماك كانت مساهمة في قدرة الأسماك على إصلاح قلوبها.