وثائق سرية في الحمام و37 اتهاما.. ترامب في مأزق
"القوانين في الولايات المتحدة تنطبق على الجميع"، بهذه الكلمات كشف المدعي الخاص المكلف بالتحقيق جاك سميث، عن لائحة الاتهام الموجهة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
فعبر احتفاظه بعد مغادرته البيت الأبيض بوثائق سرية بما فيها أسرار عسكرية ونووية، وُجّهت إلى دونالد ترامب تهمة تعريض الولايات المتحدة للخطر، وفقا للائحة اتهام تاريخية صدرت الجمعة.
وخلال كشفه عن هذه اللائحة خلال خطاب تلفزيوني مقتضب، قال المدعي الخاص جاك سميث، إن القوانين التي "تحمي المعلومات المتعلقة بالدفاع الوطني ضرورية" و"انتهاكها يعرض بلادنا للخطر"، مطالبا بـ"محاكمة سريعة" للملياردير الجمهوري.
وكان ترامب أعلن الخميس أن القضاء الفدرالي وجه إليه لائحة اتهام على خلفية تعامله مع وثائق من أرشيف البيت الأبيض، في سابقة بالنسبة إلى رئيس أمريكي سابق، قائلا إنه استُدعي إلى محكمة في ميامي الثلاثاء.
وشدد ترامب على أنه "بريء"، مصورا نفسه على أنه ضحية مؤامرة دبرها خصومه الديمقراطيون لعرقلة وصوله إلى البيت الأبيض الذي يأمل بالعودة إليه عام 2024.
37 تهمة
وتتضمن لائحة الاتهام الصادرة الجمعة 37 تهمة بينها "الاحتفاظ غير القانوني بمعلومات تتعلق بالأمن القومي" و"عرقلة العدالة" وتقديم "شهادة زور".
وعلق ترامب على شبكته "تروث سوشال"، بقوله: "هذه لم تعد أميركا!" مؤكدا أنه "لم يكن لديه يوما أي شيء يخفيه".
وفي الولايات المتحدة، ثمة قانون يلزم الرؤساء بإرسال جميع رسائل البريد الإلكتروني والرسائل ووثائق العمل الأخرى إلى الأرشيف الوطني، فيما يحظر قانون آخر يتعلق بالتجسس، الاحتفاظ بأسرار الدولة في أماكن غير مصرح بها وغير آمنة.
وعندما غادر البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2021 للاستقرار في مقر إقامته الفخم في مارالاغو، أخذ ترامب معه صناديق كاملة من الملفات السرية.
ووفقا للائحة الاتهام، ظلت تلك الصناديق مكدسة في إحدى القاعات قبل أن تُنقل إلى "غرفة تخزين" يمكن الوصول إليها من حوض السباحة، وهناك شوهدت وثائق تحمل عبارة "سري جدا" على الأرض.
وتضم لائحة الاتهام صورة تُظهر أكواما من الصناديق داخل حمام كبير.
وفي يناير/كانون الثاني 2022 وبعد طلبات متكررة، وافق ترامب على إعادة 15 صندوقا تحوي أكثر من مئتي مستند سري، فيما أكد محاموه في رسالة بعد ذلك عدم وجود أي وثيقة أخرى.
لائحة اتهام
لكن بعد فحص الوثائق، رأت الشرطة الفدرالية أنه لم يعد كل شيء وأنه ما زال يحتفظ بعدد كبير من الأوراق في ناديه في بالم بيتش.
ودهم عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي في الثاني من أغسطس/آب الماضي، المنزل وصادروا حوالى ثلاثين صندوقا آخر تحوي 11 ألف وثيقة، بعضها حساس جدا بشأن إيران أو الصين.
وبحسب لائحة الاتهام، فإن الوثائق التي أخذها ترامب تتضمن "معلومات تتعلق بالقدرات الدفاعية لكل من الولايات المتحدة ودول أجنبية، وبالبرامج النووية الأمريكية". كما تتعلق بـ"نقاط ضعف محتملة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في حال تعرضها لهجوم عسكري، وخطط الرد المحتمل على هجوم أجنبي".
ووُجّهت ستّ اتّهامات إلى مساعد لترامب هو والت ناوتا لمساعدته في إخفاء الوثائق.
وذكرت لائحة الاتهام أن ترامب ناقش مع محاميه إمكانية الكذب على المسؤولين الحكوميين الذين يسعون لاستعادة الوثائق وحفظ بعضها في صناديق بالقرب من مرحاض ووزع صناديق تحتوي على بعض من هذه الوثائق في أنحاء منزله بمنتجع مار الاجو بولاية فلوريدا حتى لا تعثر عليها السلطات.
ونقلت لائحة الاتهام عن ترامب قوله لأحد محاميه: "ألن يكون من الأفضل لو قلنا لهم إنه ليس لدينا أي شيء هنا؟".
متى يمثل للمحاكمة؟
ومن المقرر أن يمثل ترامب أمام المحكمة لأول مرة فيما يخص هذه القضية في ميامي يوم الثلاثاء قبل أن يتم 77 عاما بيوم واحد فقط.
ونظرا لأن ترامب سيقضي أي عقوبات فورا حالة إدانته، فإن الحد الأقصى للسجن الذي يواجهه هو 20 عاما لعرقلة العدالة.
وتتناول إحدى الوثائق دعم إحدى الدول الأجنبية للإرهاب بما يتعارض مع المصالح الأمريكية.
ونصت لائحة الاتهام على أن هذه المواد الحكومية صادرة عن البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية ووكالة الأمن القومي ووكالات أخرى تابعة للمخابرات.
وقال ممثلو الادعاء إن ترامب أطلع شخصا آخر على وثيقة لوزارة الدفاع وُصفت بأنها "خطة هجوم" على دولة أخرى، مضيفين أن ترامب تآمر مع ناوتا للاحتفاظ بوثائق سرية أخذها من البيت الأبيض وأخفاها عن هيئة محلفين اتحادية كبرى.
وكذب ناوتا على مكتب التحقيقات الاتحادي عندما أخبرهم أنه لا يعرف كيف انتقلت بعض الوثائق إلى جناح ترامب في منتجع مار إيه لاجو بينما كان في الواقع متورطا في نقلها هناك من غرفة تخزين، حسبما ذكرت لائحة الاتهام.
واحتفظ ترامب بالوثائق في منتجع مار الاجو الذي يمتلكه في فلوريدا وفي نادي الجولف الخاص به في نيوجيرزي. وجاء في لائحة الاتهام أن المنتجع استضاف عشرات الآلاف من الضيوف في أكثر من 150 حدثا خلال الوقت الذي كانت فيه الوثائق هناك.
وقال ممثلو الادعاء إن الكشف دون وجه حق عن الوثائق السرية قد يهدد الأمن القومي الأمريكي والعلاقات الخارجية وجمع معلومات المخابرات.
ولم يسبق في التاريخ الأمريكي أن وجهت محكمة اتهامات اتحادية لرئيس أمريكي سابق، وتأتي لائحة الاتهام في وقت تتزايد فيه حظوظ ترامب بنيل ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة العام المقبل.
ترامب يعين قاضية
كان ترامب قد قال إنه رفع السرية عن هذه الوثائق عندما كان رئيسا، ورفض محاموه تقديم هذه الحجة في وثائق المحكمة.
وقال مصدر مطلع يوم الجمعة إن القاضية أيلين كانون كُلفت في البداية بالنظر في القضية. وأضاف المصدر الذي رفض الإفصاح عن هويته أن كانون يمكن أن ترأس المحاكمة أيضا.
وتصدرت كانون التي عينها ترامب في عام 2019 عناوين الصحف العام الماضي عندما حكمت لصالح الرئيس الأمريكي السابق في مرحلة محورية من القضية قبل إلغاء الحكم في الاستئناف.وستحدد كانون عدة أمور من بينها موعد إجراء المحاكمة والحكم على ترامب في حالة إدانته.