سباق ترامب وهاريس.. أوكرانيا تترقب وتستعد للتغيرات القادمة
تراقب أوكرانيا من كثب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية وسط مخاوف من أن تخلف تأثيرًا كبيرًا على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بدعمها لكييف.
ويشكل المستوى الحالي للمساعدات الأمريكية عاملًا رئيسيًا في صمود كييف وسيادتها. وتمثل هذه الانتخابات نقطة تحول، حيث يقدم كلا الحزبين الرئيسيين رؤى مختلفة لدور أمريكا في الأمن العالمي، وبالتالي التزامها تجاه أوكرانيا.
السؤال الأبرز بطبيعة الحال هو ما إذا كانت الولايات المتحدة ستحافظ على مساعداتها العسكرية والمالية الحالية الكبيرة، أو ما إذا كان هذا الدعم سيتضاءل لصالح نهج أكثر انعزالية أو تبادلية.
خلال عهد الرئيس بايدن، كان الالتزام الأمريكي تجاه أوكرانيا قويًا، مع حزم مساعدات عسكرية كبيرة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، والدعم الدبلوماسي لكييف. وكان لقيادة بايدن تأثير كبير في تشكيل تحالفات دولية، وتنسيق العقوبات على روسيا، وتزويد أوكرانيا بالوسائل اللازمة للدفاع عن نفسها.
ويتفق موقف إدارة بايدن بشأن أوكرانيا مع تقليد السياسة الخارجية الأوسع للحزب الديمقراطي المتمثل في دعم الدول الديمقراطية وردع التوسع الاستبدادي.
في المقابل، ينظر الجمهوريون إلى الصراع باعتباره صراعا ليس فقط من أجل مستقبل أوكرانيا، بل وأيضا من أجل مبادئ الديمقراطية والقانون الدولي والنظام العالمي القائم على القواعد. وبالتالي، فإن استمرار رئاسة الديمقراطيين من المرجح أن يعني استمرار السياسة الحالية بشأن أوكرانيا.
ولكن الحزب الجمهوري أكثر تعقيدا. فهناك فصيلان رئيسيان لهما وجهات نظر مختلفة بشأن أوكرانيا؛ الجناح المتشدد التقليدي، الذي تمثله شخصيات مثل السيناتور ميتش ماكونيل والرئيس السابق جورج دبليو بوش، والذي ينظر إلى دعم أوكرانيا باعتباره ضرورة استراتيجية. ويزعم صناع السياسات هؤلاء أن أوكرانيا القوية تشكل أهمية بالغة للاستقرار الإقليمي، وردع "العدوان" الروسي، والحفاظ على مصداقية حلف شمال الأطلسي.
فيما يعبر الجناح الأكثر شعبوية وانعزالية في الحزب، بقيادة شخصيات مثل الرئيس السابق ترامب وبعض حلفائه في الكونغرس، عن مخاوفه بشأن تورط الولايات المتحدة في صراع مطول في أوروبا الشرقية. ويشكك هذا الفصيل في حكمة المزيد من الالتزامات العسكرية والمالية تجاه أوكرانيا، بحجة أن أمريكا يجب أن تعطي الأولوية لمخاوفها المحلية من التورط في حروب خارجية.
إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فمن الممكن تمامًا أن يتم تقليص الدعم الأمريكي لأوكرانيا، أو على الأقل جعله مشروطًا باستعداد أوروبا لتقاسم المزيد من العبء. وقد يتجه ترامب نحو سياسة خارجية تبادلية، حيث سيشترط على الدول الأعضاء الأخرى في حلف شمال الأطلسي زيادة مساهماتها في المجهود الحربي.
لذا فإن الانتخابات الرئاسية لن تحدد مصير السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا فحسب، بل ستحدد أيضًا المسار للنظام الدولي الأوسع.
ووفق الصحيفة، لا تعتمد قدرة أوكرانيا على البقاء واستعادة أراضيها في نهاية المطاف فقط، بل على مرونتها الخاصة ومستوى الدعم الدولي الذي تتلقاه. وتلعب الدول الأوروبية دورًا مهمًا هنا، لكن القيادة الأمريكية تظل لا غنى عنها. ومن ثم فإن نتيجة الانتخابات الأمريكية قد ترجح كفة الميزان لصالح استمرار المساعدات أو تبشر بعصر جديد من فك الارتباط.
بالنسبة لأوكرانيا، فإن المخاطر كبيرة للغاية. والتحول في القيادة نحو نهج أكثر انعزالية قد يقوض موقف أوكرانيا، مما يجعل البلاد عُرضة لمزيد من التدخل الروسي.