التبرع بالأعضاء البشرية بعد الموت.. إليك رأي دار الإفتاء والكنيسة
التبرع بالأعضاء البشرية يلجأ إليه البعض للعلاج من مرض خطير لا يوجد له حل آخر، ولكن اختلفت الآراء حول مشروعيته. فما هي الآراء المعروضة؟
انتشر جدل واسع حول قضية التبرع بالأعضاء، وتضاربت العديد من الأقاويل والآراء والفتاوى. كان أول متبرع بالأعضاء الحية في عام 1954، هو رونالد لي هيريك، حيث تبرع بكليته لأخيه التوأم المتطابق. بينما فاز الجراح الرئيسي جوزيف موراي في عام 1990 بجائزة نوبل في تخصص الفسيولوجيا أو الطب عن تقدمه في زراعة الأعضاء. فما هو التبرع بالأعضاء البشرية وما هي أسباب الجدل؟
التبرع بالأعضاء البشرية ما هو؟
يعرف التبرع بالأعضاء البشرية على أنه موافقة أي شخص بالتبرع بأحد أعضائه لشخص آخر تبعًا للقوانين المنصوصة، سواء كان المتبرع على قيد الحياة أو بعد وفاته، ولكن بوصية منه قبل الوفاة أو بعد موافقة أقاربه. قد يكون التبرع بالأعضاء بهدف البحوث العلمية أو لزراعتها لشخص آخر مريض. من أكثر عمليات التبرع بالأعضاء شيوعًا هي:
- الكلى.
- القلب.
- البنكرياس.
- الرئتين.
- الجلد.
- القرنية.
- الكبد.
- الأمعاء.
- العظام والنخاع.
تحدث عمليات التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة الطبيعية أو الموت دماغيًا، وذلك في خلال 24 ساعة من توقف القلب، كما يمكن الاحتفاظ بالأعضاء والأنسجة البشرية لمدة تصل إلى 5 سنوات ما عدا القرنية. مما يثير قضية أخرى، وهي عمل بنوك لحفظ الأعضاء البشرية. ذلك بطريقة قانونية بعيدًا عن تجارة الأعضاء.
ما حكم الدين في التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة؟
تعددت آراء العلماء في قضية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، حيث يقول بعض علماء الأزهر الشريف الآتي:
- قال الدكتور خالد عمران، وهو أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية "يعتبر التبرع بالأعضاء بعد الوفاة من الصدقات،
وذلك تصديقًا على قول الله تعالى: "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا". - كذلك أكد الدكتور مجدي عاشور، وهو مستشار مفتي الجمهورية، على جواز التبرع بالأعضاء البشرية،
لكن بشرط عدم اختلاط الأنساب، والتأكد من عدم الإضرار بالمتبرع وإفادة المنقول له. بينما أكد على عدم
جواز بيع الأعضاء البشرية بمقابل مادي، حيث أن جسم الإنسان وأعضائه ليست سلعة يمكن شرائها. - أضافت الدكتورة آمنة نصير، وهي أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، أنه يوجد العديد من الضوابط الشرعية للتبرع
بالأعضاء، والتي منها موافقة المتبرع، وألا يؤثر على صحته، كما يجب أخذ الحيطة والدقة عند إجراء
عملية النقل حتى لا تؤثر على المتبرع وتعم الفائدة على المتبرع له.
حكم التبرع بالاعضاء البشرية بعد الوفاة
- أما عن رأي الدكتور مبروك عطية، وهو أستاذ الشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، فقد قال إنه لا يجوز التبرع بالأعضاء البشرية
سواء كنت حيًا أو ميتًا، حيث أن الإنسان لا يملك جسده ولا أعضائه، إذن فهو يتبرع بشيء لا يملكه. - كما أوضح الدكتور أحمد كريمة، وهو أستاذ الشريعة الإسلامية والفقه المقارن بجامعة الأزهر عن مدى إباحة التبرع بالأعضاء البشرية
في الحالتين الحياة أو الموت، حيث أكد أنه حرام ومخالف للشريعة الإسلامية. ذلك لأن الإنسان لا يملك جسده، فلا يجوز التصرف فيه،
ومن هنا تكون جميع عقود التبرع بالأعضاء باطلة ولا صحة لها، حيث أن جميع أعضاء الإنسان ملكًا لله عز وجل.
ما حكم التبرع بالأعضاء بعد الوفاة دار الإفتاء؟
أوضحت دار الإفتاء بجواز العلاج بنقل أو زراعة الأعضاء البشرية من شخص متوفي إلى شخص آخر مصاب،
ولكن يجب توافر بعض الشروط لضمان عدم التلاعب بالحياة البشرية، ومن أهم هذه الشروط هو التحقق
من الموت الكامل للمتبرع بالأعضاء البشرية، وذلك عن طريق توقف عملية التنفس ووظائف القلب
والمخ نهائيًا، والتأكد من أن روحه قد فارقت الحياة. ذلك عن طريق استشارة أطباء متخصصين في تحديد حدوث الوفاة الأكيدة.
سلبيات التبرع بالأعضاء بعد الموت
- تحتاج عملية التبرع بالأعضاء إلى وجود تطابق نسيجيًا وتوافق الزمرة الدموية بين المتبرع والمتبرع له، الأمر الذي قد يتطلب وقتًا طويل، والذي يضر بالمريض وقد يموت وهو منتظر إيجاد شخص متوافق معه.
- تعتبر عمليات زراعة الأعضاء من العمليات الخطيرة، والتي تستغرق وقتًا طويلًا، فقد يتعرض المريض لنزيف شديد ومضاعفات كثيرة.
- يتخذ بعض الأشخاص هذه العملية وسيلة لتجارة الأعضاء والتربح منها.
ما هي شروط نقل الأعضاء البشرية؟
يوضح قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية بعض الشروط والضوابط المرتبطة بعمليات زرعة الأعضاء، وهي:
- لا يجوز نقل أعضاء أو أنسجة من إنسان حي أوميت إلى جسم إنسان آخر بدون الخضوع لهذا القانون وتطبيق جميع قرارته ولائحته.
- كما أنه لا يجوز إجراء عملية زراعة أعضاء إلا بهدف ضرورة الحفاظ على صحة المتبرع له وعلاجه، وتكون هذه العملية هي الحل
الوحيد للعلاج، مع عدم تعريض صحة أو حياة المتبرع للخطر. - يحظر زراعة الأنسجة أو الخلايا التناسلية، والتي قد تتسبب في حدوث اختلاط الأنساب.
- يمنع التبرع بالأعضاء من المصريين إلى الأجانب، إلا في حالة الأزواج، ولكن بشرط أن يكون قد مر على زواجهم أكثر من ثلاث سنوات.
- يمكن التبرع بالأعضاء بين الأبناء من أم مصرية وأب أجنبي.
- يجوز إجراء عملية تبرع بالأعضاء بين الأجانب بشرط تقديم موافقة رسمية من الدولة المنتمي لها الأجانب.
شروط التبرع بالاعضاء البشرية
- يجب أن تتم عملية التبرع بالأعضاء بعد موافقة المتبرع وتقديم موافقة كتابية بذلك.
- تمنع عملية التبرع للأطفال أو عديم الأهلية ولا يعتد بموافقة أبويه أو من يمثله قانونيًا.
- يمكن زراعة الخلايا الأم من الأطفال أو عديم الأهلية للأبوين والأخوة، ولكن بشرط تقديم موافقة كتابية من الأبوين
أو حداهم في حالة وفاة الآخر، وذلك في حالة عدم وجود متبرع آخر مناسب. - يتيح القانون فرصة العدول عن إجراء عملية التبرع بالأعضاء قبل البدء في إجراء العملية.
- يحظر بيع أو شراء أي عضو بشري أو أنسجة بمقابل مادي أو التربح من هذه العملية للمتبرع أو أحد أقاربه بأي شكل من الأشكال.
- كما يحظر على الطبيب البدء في عملية نقل الأعضاء عند علمه بعدم تطبيق جميع شروط وأحكام هذا القانون.
- يجب قبل البدء في عملية نقل الأعضاء إحاطة كلًا من المتبرع والمتبرع له بطبيعة ومخاطر العملية على المدى القصير
والطويل بواسطة لجنة ثلاثية وأخذ الموافقة منهم أو من ينوب عنهم في حالة التبرع بالخلايا الأم للأطفال أو فاقدي الأهلية. - يجوز عمل نقل أعضاء من شخص ميت لإنقاذ شخص حي من أمراض خطيرة. لكن يجب أن يتم ذلك بناءً عن
وصية رسمية للمتوفي، كما يجب أن يكون بين المصريين فقط.
هل التبرع بالاعضاء صدقة جارية؟
أجاز بعض العلماء مشروعية التبرع بالأعضاء على أنها صدقة جارية، كما قال الدكتور خالد عمران "أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية"، حيث أنها تعود بالنفع على الآخرين، ولكن يجب أن تتم وفقًا للقوانين والشروط، حتى يصبح هذا التبرع صدقة جارية للمتوفي، ومن أهمها:
- التحقق من الوفاة الحقيقة وليس الموت إكلينيكيًا.
- أن يكون المتوفى قد ترك وصية بذلك وبشهادة أحد الأطباء.
- ألا يتسبب التبرع بهذا العضو في خلط أنساب، حيث يمنع التبرع بالأعضاء التناسلية.
هل يجوز التبرع بالاعضاء بعد الممات ابن عثيمين؟
قد أفتى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بمنع عملية التبرع بالأعضاء البشرية، وفسر ذلك بأنه لا يجوز للإنسان بيع أعضاء جسده أو التبرع بها حتى بعد وفاته، واستدل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "كسر عظم الميت كَكَسْرِه حيا".
حكم التبرع بالاعضاء بعد الموت الشعراوي
حذر الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله من التبرع بالأعضاء البشرية، وذك باعتبار أن أعضاء جسم الإنسان أمانة من الله سبحانه وتعالى، ولا يحق له التبرع بها أو بيعها.
هل يجوز التبرع بالاعضاء بعد الموت هيئة كبار العلماء؟
يوجد خلاف كبير بين هيئة كبار العلماء في مسألة التبرع بالأعضاء، حيث نجد من أجازه ومنهم من حرمه ولكلًا منهم أسبابه، فنجد من حرمه خوفًا من أن يكون من المُثْلَة، وهي مسألة قد نهى عنها الشرع. بينما يوجد بعض العلماء الذين قالوا أن لا حرج في مشروعيته في حالة وجود وصية للمتوفى بذلك.
التبرع بالأعضاء بعد الموت رأي الكنيسة
اتفقت الكنائس المسيحية في مصر بجميع طوائفها في إتاحة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة،
ولكن بشرط أن تتوافق مع جميع الشروط والأحكام. كما تؤكد الطوائف المسيحية ذلك كالتالي:
رأي الطائفة الإنجيلية حول التبرع بالأعضاء البشرية
تهدف الطائفة الإنجيلية إلى الالتزام بالقيم العلمية والأخلاقية، قد أوضح القس الدكتور أندريه زكي "رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر"
أن الحياة لها قيمة عظمية، لذلك أتاحت الكنيسة بمشروعية نقل الأعضاء من شخص متوفى من أجل تحسين حياة الآخرين مع الالتزام
بالقوانين والأحكام. مع ضرورة أن يكون المتوفى قد أوصى بذلك قبل وفاته، بالإضافة إلى أخذ موافقة أقاربه.
الكرازة المرقسية والتبرع بالأعضاء البشرية
أكد البابا تواضروس الثاني، وهو بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية بمشروعية نقل الأعضاء بموافقة الكنيسة، ولكن بشرط أن يكون الميت قد أوصى بذلك.
رأي الطائفة الكاثوليكية في التبرع بالأعضاء البشرية
أوضح الأب هاني باخوم، وهو المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الكاثوليكية في مصر، أن الفاتيكان قد أعلن موقفه من قبل حول قضية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، حيث يجب أن يتوافق مع الشريعة الأخلاقية، وأنه غير مقبول إجراء هذه العملية بدون موافقة صريحة من المتبرع. أكد باخوم على أن التبرع بالأعضاء بعد الموت عمل نبيل، ويجب التشجيع عليه.
إلهام شاهين والتبرع بالأعضاء
أثارت الفنانة إلهام شاهين جدل واسع حول تصريحاتها بقرار تبرعها بأعضائها السليمة بعد الموت، وقد أخذت هذا القرار بعد استشارة رأي الدين والعلم.
توثيق أول توكيل رسمي للتبرع بالأعضاء بعد الموت في مصر
وثقت دينا رضا توكيل رسمي للتبرع بأعضائها بعد وفاتها، وهي تعتبر أول مصرية تثير هذه الفكرة، حيث أنها تشترك في مجموعة على الفيس بوك تدعو للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، بمعنى توفير أعضاء شخص متوفي إلى شخص حي مريض في احتياج لهذه الأعضاء، وليس بنقل أعضاء شخص حي لآخر حي.
تثير قضية التبرع بالأعضاء العديد من الخلافات في الآراء، حيث يتيحه البعض على أنه منفعة للآخرين مع عدم إلحاق ضرر بالمتبرع وأخذ موافقة كتابية منه مع الخضوع لجميع أحكام قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية. بينما يعترض عليه آخرون إيمانًا منهم أن الأعضاء البشرية غير مملوكة لهم ولا يجوز التصرف بها، فهي ملك لله عز وجل. شاركنا برأيك، فهل أنت مؤيد أم معارض؟