كيف تحول صراع دورتموند وبايرن لكلاسيكو ألمانيا؟
تقرير يستعرض كيفية تحول مواجهات بروسيا دورتموند ضد بايرن ميونيخ إلى كلاسيكو الكرة الألمانية
على عكس أغلب مباريات الكلاسيكو في أوروبا التي تعود جذور المنافسة فيها إلى العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، فإن المنافسة بين بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند في ألمانيا تعتبر حديثة نسبيا.
وقبل المواجهة المرتقبة، يوم الثلاثاء المقبل، بين بايرن متصدر الدوري الألماني، ودورتموند الوصيف، يستعرض التقرير التالي أهم التحولات التي جعلت تلك المباراة، كلاسيكو الكرة الألمانية.
هبوط دورتموند
مع انطلاقة الدوري الألماني بشكله الحالي "بوندسليجا" عام 1963، سيطر بايرن ميونيخ على البطولة، بل وامتدت تلك السيطرة لتصل للصعيد الأوروبي، حيث حقق دوري أبطال أوروبا 3 مرات متتالية في أعوام 1974 و1975 و1976.
لم تكن المواجهات بين بايرن ودورتموند خلل السيتينات والسبعينيات من القرن الماضي، بالمؤثرة أو الكبيرة في ألمانيا، حتى أن العملاق البافاري هزم "أسود الفيستيفال" بنتيجة 11-1 في البوندسليجا عام 1971، وهي السنة التي شهدت هبوط بروسيا لدوري الدرجة الثانية.
اختلف الوضع حين عاد دورتموند للدرجة الأولى في 1976، حيث استطاع حتى 1980، تحقيق 3 انتصارات على بايرن وتلقى مثلهم هزائم بالإضافة إلى تعادلين، ليظهر أن هناك إمكانية لأن تكون مواجهات الفريقين بالشكل الذي قد يجعلها الأكبر في ألمانيا.
الثمانينيات "مرحلة التقارب"
رغم أن بايرن ظل المهيمن في حقبة الثمانينيات وحقق 6 ألقاب للدوري وتأهل مرتين لنهائي دوري أبطال أوروبا، بينما لم يتوج دورتموند بأي بطولة خلال هذا العقد إلا أن تلك الفترة شهدت تواصل مرحلة التقارب في النتائج على صعيد المباريات بين الفريقين.
في الثمانينيات، حقق بايرن 7 انتصارات مقابل 4 لدورتموند بينما هيمن التعادل على 9 مواجهات مما يعكس كيف تحولت مبارياتهما لحالة من الندية، عكس الوضع في السبعينيات، حيث استطاع البافاري الفوز في 11 مناسبة مقابل 6 لدورتموند.
التسعينيات "مرحلة الكلاسيكو"
اختلف الوضع تماماً لدورتموند في التسعينيات، وكانت البداية عام 1991، حين تعاقد النادي الذي كان يحتل المركز العاشر بالبوندسليجا مع المدرب أوتمار هيتسفيلد، ليحدث ثورة في الكرة الألمانية إجمالاً وليس في "أسود الفيستيفال" فقط.
في الموسم الأول (1991-1992) لدورتموند تحت قيادة هيتسفيلد، كان الاختلاف مذهلاً، إذ استطاع الفريق هزم بايرن 3-0 ذهاباً وإياباً، وخسر اللقب بفارق الأهداف عن شتوتجارت، بينما احتل البافاري الترتيب العاشر، كأسوأ ترتيب بتاريخ النادي.
وعلى مدار 6 سنوات تالية لهذا الموسم، لم يتراجع دورتموند، وكان أسوأ مراكزه هو الرابع، بل وحقق لقب البوندسليجا مرتين في 1995 و1996، وذلك لأول مرة في تاريخ النادي.
توج دورتموند في الموسمين بفارق 6 نقاط عن بايرن، وشهدت تلك الفترة منافسة شرسة بين العملاقين، في الوقت الذي كان يتولى فيه مدرب يوفنتوس السابق جيوفاني تراباتوني تدريب البافاري وبقيادة هجومية من الفرنسي جيان بيير بابان ويورجن كلينسمان.
فضلا عن ذلك، فإن دورتموند بات أول فريق ألماني يحقق دوري أبطال أوروبا بشكله الحالي عام 1997 بفوز ساحق على حامل اللقب يوفنتوس 3-1 في مباراة أقيمت على ملعب "ميونيخ الأولمبي" معقل الفريق البافاري بذلك الوقت.
ورغم أنه خلال فترة التسعينيات، استطاع بايرن تحقيق 8 انتصارات مقابل 5 لدورتموند، إلا أن نجاحات بروسيا المحلية والأوروبية وفوزه على بايرن نفسه 1-0 في ربع نهائي دوري الأبطال 1998، جعلا "الأسود والأصفر" يسطر اسمه كأفضل منافس للبايرن في ألمانيا، وتحولت مبارياتهما لكلاسيكو الكرة الألمانية.
رحيل هيتسفيلد وعصر كلوب
في أعقاب رحيل أوتمار هيتسفيلد عن دورتموند لتولي تدريب بايرن في 1998، اختلف الوضع، حيث عاد العملاق البافاري للهيمنة محلياً وأوروبياً فحقق 4 ألقاب للبوندسليجا وتوج بدوري أبطال أوروبا.
على الجانب الأخر، انحسرت الأضواء عن دورتموند خلال العقد الأول من الألفية الحالية باستثناء موسم وحيد، وهو 2001-2002، إذ نجح في الفوز بلقب الدوري الألماني، رغم أنه في هذا الموسم تحديداً لم يهزم بايرن، فتعادلا إيابا 1-1 في ميونيخ بعد فوز بافاري 2-0 ذهاباً في ملعب "سيجنال إدونا بارك".
في الموسم نفسه، نجح دورتموند في التأهل لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي، لكنه خسر في النهائي بنتيجة 2-3 ضد فينورد الهولندي يوم 8 مايو/ أيار 2002.
بعدها انتظر دورتموند فترة طويلة من الوقت ليعاود منافسة بايرن، حتى جاء التغيير في عصر يورجن كلوب، المدرب السابق لماينز، الذي تولى تدريب الفريق في صيف 2008.
في موسمه الثاني تلقى كلوب بملعب سيجنال إدونا بارك خسارة قاسية 1-5 من بايرن في البوندسليجا بقيادة لويس فان جال، قبل أن يكرر البافاري تفوقه 3-1 في "أليانز أرينا" إياباً، لكن الوضع تغير بشكل كلي في موسم 2010-2011، حيث حقق دورتموند انتصارين على البافاري، وظفر بلقب البوندسليجا.
موسم 2011-2012، كان شاهدا على سيطرة من دورتموند على الكرة الألمانية، حيث ظفر بالبوندسليجا وحقق كأس ألمانيا بفوز الكاسح على البايرن بنتيجة 5-2، ليرسخ في وجدان المشجعين، بأن مباريات الفريقين، باتت هي كلاسيكو الكرة الألمانية.
وحتى في موسم 2012-2013، والذي شهد تتويج بايرن بالثلاثية التاريخية، فشل الفريق في قهر بروسيا بالبوندسليجا بتعادلين 1-1، غير أن البافاري استطاع الفوز على "أسود الفيستيفال" بنتيجة 2-1 في نهائي دوري أبطال أوروبا على ملعب "ويمبلي" بفضل هدف الهولندي أريين روبين الشهير في الدقيقة 89.
وعقب رحيل كلوب في 2015، شهدت تلك الفترة اختفاء نسبي للصراع بين الفريقين، ويكفي القول أن دورتموند لم يهزم بايرن في الدوري إلا مرتين في 9 لقاءات بالإضافة لتعادل سلبي، ولكن بقي "الأصفر والأسود" هو المنافس الأكثر رعباً للبافاري في الملاعب الألمانية.