شكوك حول اكتمال هدنة الحرب التجارية العظمى بين واشنطن وبكين
شكوك عدة أحاطت بإتمام الهدنة لأسباب تتعلق بقصر مدة التفاوض وسياسات الصين الصناعية التي ترفض الانصياع للغرب ومفاجآت ترامب
يبدو أن الحرب التجارية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما بادر بفرض رسوم جمركية على بضائع الصين الواردة للولايات المتحدة، لن تهدأ تحت وطأة هدنة الـ90 يوما التي اتفق عليها الطرفان، على هامش قمة العشرين الأخيرة في الأرجنتين.
- الحرب التجارية 2018.. لم يربح أحد
- صندوق النقد: اليابان وكوريا الجنوبية الأكثر تضررا من الحرب التجارية
وبدأت الهدنة، بعد لقاء الرئيس الأمريكي ترامب مع نظيره الصيني شي شي جينبينغ، خلال قمة العشرين في بوينوس أيرس في الأول من ديسمبر/ كانون الأول، حيث اتفقا على وقف فرض رسوم جديدة لمدة 90 يوما.
وعلى الرغم من إعلان الولايات المتحدة عن زيارة وفد حكومي أمريكي إلى بكين مطلع يناير المقبل/ كانون الثاني، لإجراء أول محادثات مباشرة منذ أن توافق الرئيسان، غير أن شكوك عدة أحاطت بإتمام الهدنة لأسباب تتعلق بقِصَر مدة التفاوض، وسياسات الصين الصناعية التي ترفض الانصياع للغرب، بالإضافة إلى تخوفات من قرارات أخرى غير متزنة من الرئيس الأمريكي.
وكالة "بلومبرج" قالت في تقرير مفصل لها على لسان خبراء في "بلومبرج إيكونوميكس" إن المشكلات الهيكلية الخطيرة في العلاقات التجارية الأمريكية/الصينية لا يمكن حلها في مثل هذه الفترة القصيرة "التسعين يوما"، وأن الصين لديها بعض السياسات مسبقة التجهيز، ويمكنها تقديمها كإصلاحات في السياق المحلي، وكتنازلات بالنسبة للولايات المتحدة.
كما صنّف الخبراء قرار الرئيس الصيني "شي جين بينج" على أنه تغيير للعقيدة الصناعية للصين لكي تتخلص من تبعيتها التكنولوجية للغرب، وتصبح إحدى الدول الكبرى في مجال التكنولوجيا المتقدمة، والذي جاءت على إثره استراتيجية "صنع في الصين 2025" بهدف تطوير القطاع الصناعي الصيني، والتركيز على الصناعات المتقدمة والتكنولوجية العالية يمثل أحد أهم التحديات أمام اتفاق الهدنة مع أمريكا.
وتخوّف التقرير من الرغبة الأمريكية في المقاومة الشرسة، حيث تسعى إدارة ترامب إلى فرض قيود على الشركات التي بها نسبة مساهمة صينية تتجاوز 25%، وتسعى للاستثمار أو حتى شراء تكنولوجيات أمريكية متقدمة في مجالات محددة معظمها يتعلق بالأمن القومي، مثل صناعة الشرائح الدقيقة والتشفير، فضلا عن الذكاء الاصطناعي.
واستنادا إلى تلك النظرة، وصف السفير جمال بيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب، سياسة الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بتلك الحرب بـ"غير المتزنة"، قائلا عن من بدأ مخالفة ضوابط التجارة الحرة وبنود اتفاقية التجارة العالمية أنه لا يمكن أن لا تتوقع منه قرارات مفاجئة.
وقال بيومي لـ"العين الإخبارية" إن الجانب الأمريكي رضخ لهدنة الـ90 يوما لالتقاط الأنفاس، إذ أن الولايات المتحدة بدأت حرب التعريفات الجمركية لمعادلة عجزها التجاري، ولم يتحقق ذلك، حيث بدا العجز التجاري الأمريكي في التمدد.
وأضاف بيومي أن الصين لن تتضرر وحدها، إذ أن امريكا ستكتوي هي الأخرى، لأن كيانات اقتصادية كبيرة مثل الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال سيتعامل مع منتجات أمريكية بالمثل، ما يهدد الأمن الاقتصادي للولايات المتحدة.
واعتمد ترامب من وراء تلك الإجراءات على تأثر الصين بشكل سريع؛ نظرا لاعتمادها على الصادرات بنسبة أكبر في اقتصادها، خصوصا صادراتها للولايات المتحدة التي بلغت أكثر من 500 مليار دولار، وفقا لإحصاءات 2017 مقابل 134 مليار دولار وارداتها من السوق الأمريكية.