إسقاط الطائرة.. رسوب إيران بأول اختبارات المواجهة مع واشنطن
الغضب الشعبي انصب على رموز النظام الإيراني وعلى الحرس الثوري مطالبين برحيلهم جميعا
حين أرادت إيران رد الاعتبار لصورتها المنهارة في أعين أتباعها عقب مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني، لم تكن تتوقع أن اللعنة ستحل بها وقد تدق المسمار الأخير في نعش نظامها المتهاوي.
رد متشنج تخلله "خطأ" أسفر عن مصرع 176 مسافرا في طائرة أوكرانية، واعتراف متأخر رفع منسوب الغضب الشعبي في إيران إلى درجة الغليان، بخروج الآلاف من المتظاهرين المنددين بالحكومة والمطالبين بإسقاط النظام.
اعتراف مهين بعد إنكار، أسقط طهران في أولى اختبارات المواجهة المباشرة مع واشنطن، وتقلب عملية القصف الصاروخي الباليستي التي نفذها الحرس الثوري، درة تاج قوته العسكرية، ضد قاعدتين أمريكيتين في العراق، إلى فضيحة عسكرية وأمنية واستخباراتية وسياسية.
أرادت إيران أن تثبت لأتباعها بأنها ند لواشنطن، وأنها قادرة على الضرب في عمق قواعدها العسكرية بالمنطقة، لكن، وبدل أن تثأر لمقتل رجلها "سليماني" قتلت 176 مدنيا، لتفتح على نفسها جحيم الغضب الدولي، وتتجدد الانتفاضة الشعبية الداخلية بشكل أقوى مما وصلت إليه في الأسابيع الأخيرة.
ووفق مقاطع فيديو متداولة عبر مواقع التواصل، انصب الغضب الشعبي على رموز النظام الإيراني، وعلى الحرس الثوري، مطالبين برحيلهم جميعا.
وبدأت الاحتجاجات السبت الماضي بتجمع الطلاب الغاضبين خارج جامعتين على الأقل في العاصمة طهران، من أجل تأبين ضحايا الطائرة وتكريمهم، قبل أن تتحول مساء إلى احتجاجات عارمة سرت عدواها إلى كثير من المدن الأخرى.
أي دور لقطر
تقارير إعلامية نقلت عن مصادر دبلوماسية غربية أن الرئيس الإيراني حسن روحاني، اضطر للاستنجاد بأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، ليطلب منه لعب دور الوساطة مع الدول الغربية لوقف الهجمة الشرسة على بلاده عقب حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، ودفع التعويضات اللازمة مقابل التهدئة.
طلب يدرك روحاني أن تميم لن يقدر على رده، طالما يأتي كنوع من رد الجميل لطهران التي ساعدت الدوحة في أزمتها المستمرة منذ مقاطعتها من قبل جيرانها على خلفية دعمها الإرهاب.
وبالفعل، طار تميم إلى طهران، الأحد، بحثا عن مخرج لأزمة طهران، ونزولا عند رغبة روحاني.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك، قال روحاني إن "إيران قامت بواجبها ووقفت مع قطر بعد فرض الحصار عليها من قبل بعض دول المنطقة، وستبقى إلى جانبها"، وهو ما رد عليه أمير قطر بالقول: "علاقاتنا مع إيران تاريخية ونثمن المساعدة التي قدموها لنا، خصوصا بالسنوات الأخيرة".
"حزب الله".. إفلاس سياسي وعسكري
مليشيات إيران المنتشرة في المنطقة، وفي مقدمتها "حزب الله" اللبناني، لم تتأخر في الخروج من جحرها لمعاضدة الموقف الإيراني، ومحاولة الإيهام بأن لا شيء تغير أو سيتغير بعد مقتل سليماني.
لكن خطاب زعيم المليشيا حسن نصر الله، مؤخرا، جاء مشحونا بمبالغات أرادت طمأنة أنصاره من خلال إصرار مفضوح على استعراض القوة الإيرانية وقدراتها العسكرية الضخمة، بشكل نضح مبالغة أفقدت الخطاب أي مضمون مقنع.
توقف نصر الله طويلا عند التأكيد على أن الردود الإيرانية على اغتيال سليماني، التي بدأت بقصف قواعد أمريكية في العراق لم تكن سوى "صفعة وليس ردا"، متوعدا بأن هذه "الصفعة" تندرج ضمن "مسار طويل".
لكن المحللين أجمعوا على أن المبالغات التي تضمنها الخطاب تفضح الإفلاس السياسي والعسكري لميليشيا باتت أقصى ما يمكنها تقديمه لأتباعها هو الوعيد والتهديد الأجوف، بلا أي قدرة حقيقية على الأرض.