ليبراسيون: الحزن على طائرة أوكرانيا ينفجر في وجه نظام إيران
المقاطع التي بثها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت العدد الكبير للمحتجين الغاضبين ضد النظام الإيراني
اعتبرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن حزن الإيرانيين على ضحايا الطائرة الأوكرانية المنكوبة، التي راح ضحيتها 176 شخصا، أصبح غضبا في وجه نظام بلادهم بعد إقرار الجيش الإيراني بإسقاط الطائرة المدنية.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه بعد 3 أيام من النفي المستمر للنظام الإيراني، اعترفت طهران بإطلاق صاروخ عرضي أسقط الطائرة الأوكرانية في 8 يناير/كانون الثاني الماضي، مشيرة إلى أن هذا الاعتراف المتأخر أثار غضب الشعب الإيراني الذي سأم من كذب حكامه.
وأضافت أنه بعد 3 أيام اكتست الشاشات بالسواد بدون أي تعليق أو إشارة للحداد، كما انتشر هاشتاق على مواقع التواصل الاجتماعي الإيرانية "ثلاثة أيام من الكذب"، موضحة أن الشباب الإيراني لم يعرب عن غضبه على الإنترنت فحسب وإنما في شوارع طهران.
ووفقاً للصحيفة فإن: "سبب هذا الغضب الذي اجتاح البلاد هو الاعتراف المتأخر من قبل السلطات الإيرانية التي أعلنت مسؤوليتها عن تحطم طائرة الخطوط الجوية الأوكرانية الدولية (بوينج)، والتي قتل جميع الركاب وأفراد الطاقم على متنها".
ورأت "ليبراسيون" أنه لم يكن لطهران أي خيار سوى الاعتراف بارتكاب تلك الجريمة، موضحة أنه "بالإضافة إلى اتهام عدة دول أوروبية وأمريكية للنظام الإيراني باستهداف الطائرة، فإن تحليل مقاطع الفيديو التي تبث على الإنترنت، دحضت مزاعم النظام الإيراني".
واعترفت السلطات الإيرانية أخيرا بأن صاروخا أطلق "بالخطأ" أسقط الطائرة، بعد إقلاعها من مطار الإمام الخميني في طهران.
ووقع الحادث في وقت توتر شديد، بعد ساعات قليلة من استهداف النظام الإيراني لقاعدة أمريكية في العراق، رداً على اغتيال قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، إذ أطلق الحرس الثوري عدة صواريخ باليستية على قاعدتين جويتين يستخدمهما الجيش الأمريكي في العراق، دون التسبب في أي وفيات أو إصابات، وفقاً للصحيفة.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أنه "بينما كان خطر النزاع كبيرًا لأكثر من أسبوع، كانت القوات المسلحة الأمريكية والإيرانية في حالة تأهب قصوى، ولكن النظام الإيراني لم يسيطر على نفسه واستهدف طائرة مدنية على متنها إيرانيون".
وأوضحت أن "طهران حاولت تبرير الحادث، على لسان قائد القوة الجوية، علي حجي زاده، خلال مؤتمر صحفي اعتذر فيه عن الحادث، كما هدد الأمريكيون بضرب 52 موقعا في إيران".
وحول السيناريو الذي ساقته السلطات الإيرانية لتبرير جريمتها، قالت الصحيفة الفرنسية إن "الدفاع الجوي الإيراني حول العاصمة طهران، أطلق النار على الطائرة بعدما صدرت عدة تنبيهات حول صواريخ كروز سيطلق على أحد المنازل، لذلك تم إطلاق المشغل النار بعد اعتقاد أنه هجوم عسكري".
وقالت الصحيفة الفرنسية إنه كان على النظام الإيراني التأكد أولاً قبل ارتكاب هذا الخطأ، ولكنهم زعموا أن الاتصالات قد تعطلت، وفشل الجندي الإيراني في الاتصال بقادته، وكان أمامه عشر ثوان ليقرر، حيث كان سيتحمل وحده مسؤولية تواجد صاروخ لضرب أهداف إيرانية".
وتابعت: "لكن هذا التصرف أدى إلى استهداف طائرة مدنية على متنها 176 شخصا، معظمهم من الإيرانيين أو مزدوجي الجنسية".
هذا هو السيناريو الذي تقدمت به السلطات الإيرانية، دون أن يتم التحقق من هذه الادعاءات بشكل مستقل، أثار انتقادات العالم، وسخط الشعب الإيراني لكون الطائرة المدنية معظمها من الإيرانيين، بحسب الصحيفة.
وقالت "ليبراسيون" إن طلاب من جامعة أمير كبير، إحدى أفضل الجامعات الإيرانية في البلاد، تجمعوا حول الشموع لتكريم الضحايا، وخلال الاحتجاجات أطلق المتظاهرون شعارات ضد النظام الإيراني، متهمين إياه بأنه "بلا شرف".
وهتف الطلاب أيضاً "الموت للكاذبين"، ورغم قمعهم بقوات مكافحة الشغب الإيرانية، فإنهم لا يزالون غاضبين في الشوارع.
وتسببت المظاهرة العفوية في صدمة دبلوماسية جديدة بين طهران ولندن، إذ اعتقل النظام الإيراني السفير البريطاني لفترة وجيزة بينما كان في مكان قريب من الاحتجاجات.
ونتيجة لذلك احتجت لندن، التي انضمت إليها برلين، وواشنطن، رسمياً على هذا "الانتهاك للقانون الدولي"، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
وأشارت "ليبراسيون" إلى أن "الصحافة الإيرانية، والتي تخضع لرقابة صارمة من قبل السلطات، أبدت غضبا شعبيا تجاه استهداف الطائرة والاعتراف بعد أيام من الإنكار"، وعنونت "خطأ لا يغتفر"، إنه "العار" وحتى " اعتذاركم هو الاستقالة"، إذ ظهرت هذه العناوين على أغلفة 3 صحف يومية، ذات اتجاهات مختلفة.
ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن "إطلاق الشرطة الإيرانية الغاز المسيل للدموع، لم يثنِ المتظاهرين عن النزول إلى الشوارع، حتى لو كانت قوات الأمن موجودة بأعداد كبيرة في العاصمة".
وأظهرت المقاطع التي بثها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي العدد الكبير للمحتجين الغاضبين ضد النظام الإيراني، رغم محاولاته لقمع تلك الاحتجاجات.
وطوال الأسبوع، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يطلق تغريدات بالإنجليزية والفارسية في خطوة غير مسبوقة، لإيصال رسائل مزدوجة تحذيرية إلى النظام الإيرانية، وتضامن مع الشعب الإيراني.
وقال ترامب في تغريداته: "إنه كان يتابع الاحتجاجات عن كثب، وأنه لا يمكن أن يكون هناك مذبحة أخرى للمتظاهرين المسالمين، ليس أكثر من مجرد قطع في الإنترنت"، في إشارة إلى الاحتجاجات التي اندلعت في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بعد الارتفاع المفاجئ في سعر البنزين والقمع العنيف، خلف الأبواب المغلقة من قبل النظام الإيراني.