الجزء الثالث من "فندق ترانسلفانيا" ينتظر العرض في يوليو/تموز المقبل.. ما هو الجديد في هذا الجزء؟ وما علاقته بالأجزاء السابقة؟
استطاع الجزء الأول من فيلم التحريك الأمريكي Hotel Transylvania والذي أخرجه غندي تارتاكوفسكيا أن يحقق نجاحا كبيرا في عام 2012 مما دفع المنتجين إلى تقديم جزء ثانٍ عام 2015 يضم كامل عائلة الجزء الأول "المخرج والنجوم آدام ساندلر وسيلينا جوميز وآندي سامبرج" إضافة إلى أفراد جدد ينضمون إلى المغامرة الجديدة مثل ميل بروكس بدور فلاد والد دراكولا، وحقق هذا الجزء بدوره إيرادات ضخمة بلغت 350 مليون دولار.
وينتظر جمهور السينما عرض الجزء الثالث من الفيلم في شهر يوليو/تموز المقبل بعد أن تكلف 65 مليون دولار، حيث تفاجئ "مافيس" والدها "دراكولا" بدعوته لقضاء عطلة بحرية مع العائلة، بعيدا عن أعباء إدارته للفندق، لكن عندما يعجب "دراكولا" بالقبطانة الغامضة للسفينة "إيريكا"، تمارس "مافيس" دورا أبويا، وتحاول إبقاءه بعيدا عنها، خصوصا أن "إيريكا" تخفي سرًا خطيرًا يمكنه تدمير عالم الوحوش.
وتتواصل مجددا رحلة أنيميشن ترفيهية طريفة إلى فندق ترانسلفانيا المصور بتقنية الـ3D، والمستوحى من أشهر قصص سينما الرعب، والمقدم من خلال حبكة مبسطة وسط ديكورات ملونة وجميلة دون أن تخلو من الدعوة لقبول الآخر المختلف والحب والصداقة والعائلة ولو في الظاهر، حيث يدس السم في العسل، بينما يسعى صناع هذه النوعية لتكريس مفاهيم جديدة عن الشر الجميل والمبرر عبر الخداع البصري والذهني بأقوى المؤثرات.
ترى ما هو الجديد في هذا الجزء وعلاقته بالأجزاء السابقة، ولماذا ينتج فيلم عن أسطورة دراكولا مصاص الدماء أصلا للأطفال، وهل لذلك تأثير سلبي تربويا في هذه النوعية من الأفلام؟ ذلك ما سنعرفه في السطور القادمة.
100 وجه لـ"دراكولا"
منذ عام 2012 صار بإمكان الأطفال الممنوعين من مشاهدة أفلام الرعب والشخصيات المخيفة أصلا، متابعة أشهر مصاص دماء في عالم أدب الرعب، وأشهر بطل أفلام ومسلسلات تلفزيونية ومسرحيات فاق عددها الـ100 على مستوى العالم، وذلك بعد أن أصبح دراكولا شخصية طيبة غير مخيفة، باعتباره نجم فيلم تحريك مخصص لهم بعنوان Hotel Transylvania، بل والأكثر دهشة أن يقدم الشخصية نجم الكوميديا آدام ساندلر باعتباره أبا حنونا تحوّل منذ وفاة زوجته للمبالغة في حماية ابنتها الصغيرة مافيس وبنى لها فندقاً 5 نجوم لا يستقبل سوى الوحوش الذين يجدون في داخله السلام والراحة، من عالم البشر الأشرار!! وبمناسبة عيد ميلاد ابنته الـ118 أقام دراكولا حفلا ضخما في فندق ترانسلفانيا دعا إليه جميع أصدقائه الوحوش، لكن شاباً من البشر يدعى جوناثان يدخل الفندق مصادفة ويقع في غرام ابنة دراكولا، الذي سبق وفعل كل الحيل من أجل أن يجعل ابنته تكره عالم البشر الأشرار ، وإن كان يضطر لقبوله في النهاية.
نحن إذن أمام واقع درامي جديد للشخصية تم تصويره بتقنية الـ3D برسومه الجميلة والسلسة والملونة، وحبكته البسيطة والحافلة برسائل عن التسامح والحب والصداقة والأهل الذين يبالغون في حماية أولادهم ليلائم الصغار ويكشف في أعماقه عن مدى المكيافيللية الهوليوودية لاستغلال النجاح وتحويل شخصية شريرة عرفتها السينما لسنوات طويلة بل والتلفزيون إلى مادة للخير ونشر المواعظ عن الحنان الأبوي والحب، وهو أسلوب لا يخلو من مخاطر إزاء تعدد الوسائط وانتشارها، وإن كان يلائم المحاولات المستميتة لهذه الصناعة طول الوقت لتحويل الأخيار لأشرار وقلب الحقائق لصالح أشخاص وأفكار تتحكم في هذه الصناعة لأهداف غامضة بدءا من سلسلة التعاطف مع المسوخ والوحوش كأي تي وقبلها كينج كونج وغيرها وصولا لمصاص دماء لا هو بالوحش ولا هو بالآدمي، ليصبح بين يوم وليلة أبا حنونا، بل وضحية في الجزء الثالث حيث تدافع عنه ابنته إزاء شر يتربص به!
الجزء الثاني
أغرى نجاح الجزء الأول المنتجين لتقديم جزء ثانٍ يضم كامل عائلة الجزء الأول (المخرج غندي تارتاكوفسكي والنجوم آدام ساندلر وسيلينا غوميز وآندي سامبرغ) إضافة إلى أفراد جدد ينضمون إلى المغامرة الجديدة مثل ميل بروكس الذي قدم شخصية فلاد والد دراكولا، التقليدي والصارم الذي يصل فجأة إلى فندق ترانسلفانيا لزيارة ابنه دراكولا وحفيدته مافيس وابنها الصغير دنيس، لكنه يفاجأ بتغييرات كثيرة، مثل موافقة دراكولا على استقبال البشر في فندقه، وإنجاب حفيدته مافيس لابن نصف بشري، حيث يستغل سفرها لزيارة أهل زوجها البشري جوني، وترك ابنها في عهدة والدها للضغط ليصبح مصاص دماء.
المهم أن فلاد يبدأ في استدعاء أصدقاء ابنة دراكولا وعلى رأسهم فرانكشتاين، موراي، واين، غريفين وبلوبي؛ لمساعدته على وضع دينيس في معسكر "الوحش في التدريب"، ورغم فشله في البداية إلا أن شعور دينس بالخوف والغضب يجعل أنيابه تنمو ويصبح مصاص دماء قويا حتي يستطيع أن يحظى بالبقاء بفندق جده دراكولا مع الوحوش الآخرين.
رسائل خبيثة
هنا تتجلى رسالة أخرى من سياق الأحداث يسعى صناع السلسلة لتكريسها وهي أن على الإنسان أن تظهر له مخالب وأنياب إذا أراد البقاء؛ لأن المسالمة لن تنفعه، وهي بدورها رسالة خطيرة وخبيثة موجهة للأطفال تسعى لدحض فكرة الخير والسلام التي يدّعي صناع العمل أنهم بصدد تكريسها، فالبقاء للأقوى والأكثر وحشية في عالم تحاصره الوحوش ومصاصو الدماء من كل جانب!
ومن المؤكد أن الجزء الثالث سوف يسير في نفس السياق بحكم التريللر والمعلومات المسربة، فالوحوش سوف تدافع عن نفسها في مواجهة عالم البشر الأكثر وحشية والمتمثل في القبطانة الغامضة إيريكا، بل الطريف أن يتحول دراكولا ذاته من مصاص دماء في الحقيقة إلى ضحية خداع بشري بعد وقوعه في الحب بحسن نية، وما أخطرها من رسالة لها دلالات عديدة أبسطها مرة أخرى ضرورة التنبه لما يحاك في الظلام وعدم الاستسلام لحسن النوايا الذي يمكن أن يقود للهلاك، بينما يتبادل الوحوش والبشر الأماكن بعد أن استخدمت السينما مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" للتأثير في أكبر قدر من النشء بأفكار على هذا النحو من المكر والخطورة في حين ترفع شعار التسلية والمواعظ طول الوقت.