«المسيّرات» وجها لوجه لأول مرة في سماء الهند وباكستان.. صراع بلا طيار

بعد أيام من القصف وهجمات الطائرات المسيرة، تخوض الهند وباكستان، «أضخم» صراع عسكري بينهما منذ عقود، مستخدمين أدوات حرب جديدة لتعزيز قدراتهما على الهجوم والتجسس على بعضهما.
هذا ما أكدته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، مشيرة إلى أنه رغم امتلاك العديد من الدول طائرات بدون طيار في ترساناتها، فإن هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها هذه المسيرات ضد بعضها البعض، في إشارة إلى استخدام الهند وباكستان المسيرات في التصعيد الجاري حاليا.
ونقلت عن مسؤولين هنديين قولهم، إن «الجيش الباكستاني حاول القيام بعمليات توغل جوية في 36 موقعا باستخدام ما بين 300 إلى 400 طائرة بدون طيار لاختبار نظام الدفاع الجوي الهندي».
في المقابل، صرّح مسؤولون عسكريون باكستانيون بـ«إسقاط 25 طائرة مسيرة تابعة للهند»، بما في ذلك في كراتشي وروالبندي، مقر جهاز الاستخبارات الرئيسي في باكستان. ولم تعلق الهند على مسألة الطائرات المسيرة.
وبدأ التصعيد الجاري، بعد أن قتل مسلحون 26 شخصًا الشهر الماضي في الجزء الخاضع لسيطرة الهند من كشمير. واتهمت الهند باكستان بالوقوف وراء الهجوم، وتعهدت باتخاذ إجراء عسكري. ونفت باكستان أي تورط لها.
وتصاعد الصراع منذ يوم الأربعاء، عندما شنت الهند غارات جوية على باكستان. ومنذ ذلك الحين، انخرط البلدان في تبادل مكثف لإطلاق النار، وهجمات بطائرات بدون طيار، فيما لم تُجدِ الضغوط الدبلوماسية، نفعا لنزع فتيل التوتر.
المسيرات تشعل المواجهة
وقال راج شوكلا، القائد المتقاعد في الجيش الهندي، إن الهند تُعزز مخزونها من الطائرات المسيرة، مشيرًا إلى أن «ما يُسمى بالذخائر المُتسكعة، التي تحوم فوق الهدف وتضرب في اللحظة المُثلى، هي في الواقع سلاح سري في ترسانتنا؛ لم نستخدمها من قبل».
وطورت الهند وباكستان صناعاتهما الخاصة بإنتاج الطائرات المسيرة في السنوات الأخيرة، فيما تستورد كل منهما طائرات مسيّرة من حلفائها الأجانب، لكن يبدو أن أياً من الدولتين لا تمتلك أي طائرات قادرة على حمل رؤوس نووية، وفقاً لجيمس باتون روجرز، خبير حرب الطائرات المسيرة في جامعة كورنيل.
وبينما وصف الصراع بأنه «مقلق للغاية»، أشار أيضاً إلى أن الطائرات المسيرة تُستخدم عموماً كأدنى خطوة تصعيدية ممكنة في أي صراع، وعادةً ما يكون ذلك للضغط على الدفاعات الجوية للخصم واختبارها.
واتسع نطاق القتال وتصاعد منذ صباح الأربعاء، عندما أصابت غارات جوية هندية أهدافًا داخل باكستان وفي الجزء الخاضع لسيطرتها من كشمير. وأعلنت باكستان أنها ردت بإسقاط خمس طائرات هندية، لم تؤكدها نيودلهي.
واندلع قتال عنيف مساء الخميس على طول الحدود الممتدة لمسافة 460 ميلًا، والتي تقسم منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان، فيما تصاعدت وتيرة الهجمات في ساعة مبكرة من صباح السبت.
اتهم الجيش الباكستاني الهند في ساعة مبكرة من صباح السبت بإطلاق صواريخ جو - أرض استهدفت ثلاث قواعد جوية على الأقل في أنحاء باكستان.
ومن بين القواعد التي تعرضت للهجوم، بحسب باكستان، منشأة رئيسية قرب العاصمة إسلام آباد. وأفاد شهود عيان في راولبندي، وهي مدينة عسكرية قريبة، بسماع ما لا يقل عن ثلاثة انفجارات قوية قرب قاعدة نور خان الجوية، ووصف أحدها بأنه «كرة نارية ضخمة» شوهدت من على بُعد أميال.
وبعد وقت قصير من الضربات الهندية المزعومة، قال مسؤولون باكستانيون إنهم شنوا عمليات عسكرية تحت اسم «البنيان المرصوص» استهدفت عدة مواقع في الهند، بما في ذلك القواعد الجوية ومنشأة لتخزين الصواريخ.
وكانت مدينة جامو، الواقعة في الشطر الخاضع للسيطرة الهندية من كشمير، في حالة انقطاع تام للتيار الكهربائي، لكن السكان أفادوا برؤية طائرات بدون طيار وصواريخ تحلق في سماء المنطقة، وسمعوا دوي نيران المدفعية، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
تصاعد الصراع
وتوقع أبهيناف بانديا، مؤسس مؤسسة أوساناس، وهي منظمة للسياسة الخارجية مقرها الهند، تصاعد الصراع بشكله الحالي، مع استخدام كلا الجانبين للطائرات المسيرة.
وقال بانديا إن أي تصعيد يتجاوز ذلك من المرجح أن يستلزم تحريك القوات البرية، وسيكون ذلك «وضعا محفوفا بالمخاطر للغاية»، مما يزيد من احتمال وقوع المزيد من الضحايا.
وفي مؤتمر صحفي، أبدى مسؤولون عسكريون باكستانيون موقفًا متحديًا، مشيرين إلى أن التصعيد لن ينتهي قريبًا. وقال الفريق أحمد شريف شودري، المتحدث باسم الجيش الباكستاني: «أرسلوا طائراتهم المسيرة، وسيتلقون ردًا مناسبًا». وأضاف: «لذا، في الوقت والمكان والطريقة التي نختارها، سنفعل ما بوسعنا. لسنا مدينين لأحد سوى للشعب الباكستاني».
وقال الجيش الهندي، الجمعة، إنه يحشد آلاف الجنود من قوات الاحتياط التطوعية لدعم العمليات العسكرية.
وخاضت الهند وباكستان، اللتان انفصلتا عام 1947، ثلاث حروب، وكانت النزاعات على كشمير جزءًا من كل منها. وفي ديسمبر/كانون الأول 1971، رُسم ما يُسمى بخط السيطرة الذي يقسم كشمير.