"مسيرات داعش".. التداعيات وسيناريوهات المواجهة
حذر خبراء سياسيون ودراسات حديثة، من خطورة تبني تنظيم "داعش" الإرهابي استراتيجيات جديدة لمواصلة عملياته، بعد الضربات التي تلقاها في عدة دول مثل العراق.
وتحديدا، حذر الخبراء من اعتماد تنظيم "داعش"، على الطائرات الموجهة بدون طيار (الدرونز)، في تنفيذ هجمات إرهابية، وخاصة داخل سوريا والعراق.
وقال الخبراء في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" إن تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية تمكنت من امتلاك "الدرونز" وتوظيفها بشكل متصاعد لتنفيذ عمليات إرهابية، وهو ما يستدعي اليقظة والمواجهة الأمنية السريعة.
استراتيجية جديدة
هذا التحذير بدأ من مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بمصر، حيث نبه في دراسة نشرها، اليوم الأربعاء، إلى استراتيجية جديدة يتبعها تنظيم داعش الإرهابي لمواصلة عملياته الإرهابية، بعد الضربات التي تلقاها.
وأوضح المرصد "بتحليل بيانات وأخبار التنظيم الإرهابي، تبين اعتماده في تنفيذ عملياته على الطائرات بدون طيار، الأمر الذي شكل مصدر قلق للمواطنين؛ لكونها وسيلة سهلة تتيح للإرهابيين عمومًا تنفيذ هجمات إرهابية خطيرة".
وأكد المرصد أن "الطائرات بدون طيار" تعد سلاحًا ذا حدين، فكما تستخدمه التنظيمات الإرهابية في تنفيذ هجماتها، فإن الأجهزة الأمنية لبعض الدول -من بينها إسبانيا- تستخدمه كوسيلة لمكافحة الإرهاب.
ورأى مرصد الأزهر أنه من الضروري متابعة ومراقبة التطور التكنولوجي فيما يخص صناعة "الطائرات بدون طيار"، وكيفية وصولها لهذه التنظيمات، والضغط على التنظيمات المتطرفة ومحاصرتها من خلال العمليات الأمنية المكثفة خاصة داعش، الذي أثبت أنه يختلف عن كل التنظيمات المتطرفة في الدعاية التكنولوجية والترويج لها، وقدرته على استقطاب عناصر جديدة.
سلاح خطير
وفي تعقيبه، قال اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجي ومدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية الأسبق: "يمتلك داعش طائرات موجهة بدون طيار (الدرونز) منذ فترة، وهو ما يعد أبرز الأسلحة التي يستخدمها التنظيم حاليا في عملياته الإرهابية داخل سوريا والعراق تحديدا".
الخبير الاستراتيجي حذر في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، "من خطورة امتلاك تنظيم داعش وغيره لسلاح الدرونز"، وقال: "الطائرات بدون طيار سلاح خطير ومؤثر، خاصة في ظل الانخفاض النسبي لتكلفة التكنولوجيا الخاصة بامتلاكها".
وتابع "بالإمكان استخدام سلاح الدرونز ضد أهداف مهمة على غرار ما جرى من استهداف القيادي بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليمان، علاوة على استهداف رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، مؤخرا بطائرة مُسيّرة في عملية فاشلة".
وقُتل سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في غارة نفذتها طائرة أمريكية من دون طيار مطلع يناير/كانون ثاني 2020، استهدفت سيارة كانت تقله بالقرب من مطار بغداد الدولي، بعيد وصوله إلى العاصمة العراقية.
ولمح فرج أيضا إلى أن إيران تقوم بإمداد تنظيم "داعش" بإمكانات سلاح "الدرونز" داخل سوريا والعراق.
دور إيراني محتمل
وفي هذا الصدد، قال الخبير المصري إن إيران نجحت في تطوير أنظمة الطائرات الموجهة بدون طيار (الدرونز)، وأصبحت من دول العالم القليلة التي تمتلك أحدث مجموعة من هذا النظام.
وفي 18 سبتمبر/أيلول 2019، كشفت وزارة الدفاع السعودية خلال مؤتمر صحفي، حطام طائرات مُسيَّرة وصواريخ جوالة إيرانية الصنع، مؤكدة أنها "أدلة على عدوان إيراني لا يمكن إنكارها".
في السياق ذاته، تحدث اللواء سمير فرج عن صعوبة نسبية في مواجهة سلاح "الدرونز"، "إذا ما جرى اطلاقها من موقع قريب"، لذلك يرى أن "المواجهة تقتضي وجود نظام دفاعي خاص وكامل مضاد للصواريخ الباليستية والدرونز".
من جهته، قال الدكتور منذر الحوارات المحلل السياسي والخبير بشئون الحركات الإسلامية في حديث خاص لـ"العين الإخبارية" من عمان، إن امتلاك داعش الدرونز أمر مقلق، لاسيما مع وجود دول تدعم تلك التنظيمات بالمال والتقنية وأحيانا بالدعم السياسي.
وتابع "وصول طائرات الدرونز للتنظيمات الإرهابية يعني أنهم ليسوا بمعزل عن العالم وتطوره، وأن لديهم أذرعهم الممتدة في كل مكان".
ومضى قائلا "امتلاك التنظيمات الإرهابية تقنية الطائرات بدون طيار، قد يؤدي لنتائج وخيمة دون عناء أو تكلفة كبيرة على تلك التنظيمات"، موضحا "الدرونز يمكن داعش وغيره من الوصول لأي نقطة بسهولة وبدون أن يكلفها الكثير، وهو أمر يحتاج ليقظة شديدة".
ورأى أن الحرب على تلك التنظيمات تبدأ بتجفيف منابع الداعمين ومتابعتهم، ورصدهم بشكل دقيق، وقطع الوارد المالي عنهم، ومحاربتهم عسكريا لأنه ما لم يتم ذلك سوف يستمرون بالسيطرة على دول عديدة وعلى مجتمعات عديدة.
كما بين أن الحرب على التنظيمات الإرهابية تستدعي تجفيف منابع الدعم الفكري والمالي والدعائي لهذه التنظيمات ومحاربته على الأرض، والتوجه لقراءة نصية علمية للنصوص تتفق مع مفاهيم العصر ورؤية الإنسان لواقعه ومستقبله.
مساعي شيطانية
وكان موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، ذكر في ديسمبر/كانون أول الماضي أن تحقيقا استقصائيا كشف قدرة تنظيم داعش الإرهابي على إنتاج طائرات من دون طيار.
وقالت الهيئة "توصل تحقيق إلى أن تنظيم داعش حاول تطوير طائرات بدون طيار ذات سرعة عالية تعمل بمحركات نفاثة بسيطة، كتلك المستخدمة في قنابل "في-1"، التي أسقطت على بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية".
وقال مركز أبحاث تسليح النزاعات إن "تنظيم داعش يمتلك قدرات إنتاج متطورة للأسلحة التي تصنع محليا وبسرعة" بعيدا عن مصانع الأسلحة المعروفة.
وقال مايك لويس، رئيس وحدة التحقيقات في مركز أبحاث تسليح النزاعات: "لم تضاه أي جماعة مسلحة غير حكومية، حجم إنتاج أسلحة تنظيم داعش وطموحه".
وفي ديسمبر/كانون أول الماضي أيضا، قررت المفوضية الأوروبية تخصيص 23 مليون يورو لتعزيز حماية دور العبادة والأماكن العامة الأخرى ضد الهجمات الإرهابية المحتملة، منها 3 ملايين يورو لدعم مشروع اختبار الحلول الممكنة لمواجهة التهديدات الإرهابية الناتجة عن استخدام الطائرات بدون طيار، وفقا لما نشرته جريدة "لا بانجوارديا" الإسبانية.
وكان تنظيم "داعش" أطلق في يناير/كانون ثاني 2017، ما يسمى بـ"وحدة مجاهدي الدرونز" كوسيلة جديدة لتعويض فقدان الكثير من مقاتليه منذ بدء معركة الموصل في أكتوبر/تشرين أول 2016.
وكان أحمد كامل البحيري، الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد أن التنظيم اعتمد خلال السنوات السبع الماضية استراتيجية تسمى "إدارة التوحش"، بينما يتبع خلال الفترة الحالية في مناطق بآسيا الوسطى وغرب أفريقيا، استراتيجية جديدة تسمى "فترات عدم التمكين".
وأوضح "البحيري" في حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، أن الاستراتيجية الجديدة تقوم على الضربات الخاطفة، والعمليات النوعية، واغتيال مسؤولين ذوي رتب عسكرية رفيعة، والاعتماد على العمليات العسكرية الصغيرة دون كلفة كبيرة.