المخدرات في اسكتلندا.. وفيات مضاعفة وهيروين وإيدز
جلاسكو، كبرى المدن في اسكتلندا، باتت مسرحاً لأزمة مات فيها 1187 شخصاً العام الماضي بسبب المخدرات، في منطقة تضمّ 5.4 مليون نسمة
تشهد اسكتلندا ارتفاعاً مطرداً في نسبة الوفيات الناتجة عن تناول جرعات زائدة من المخدرات، إذ ازدادت تلك النسبة بواقع أكثر من مرتين خلال 4 سنوات.
يعتبر جاري كيلي وبروس مونرو اللذان يخضعان لعلاج للإقلاع عن إدمان المخدرات أنَّهما محظوظان، إذ كان من الممكن أن تكون الأمور أسوأ بكثير في اسكتلندا، إذ تسجّل الوفيات بالجرعات الزائدة مستويات قياسية مخيفة.
ويقول جاري (46 عاماً)، وهو أب لطفلين يعمل بقطاع البناء يعالج لإدمانه الكحول والكوكايين والأفيون بعيادة في جلاسكو تموّلها السلطات المحلية: "سأموت لو خرجت من هنا قبل الأوان".
والأمر سيان بالنسبة إلى بروس مونرو (45 عاماً)، وهو أيضا أب لطفلين أدمن الهيروين بعدما أمضى 10 سنوات في السجن لعملية سطو مسلّح، وبات مشرّداً بعد خروجه من السجن وراح يتناول مخدرات أخرى.
ويروي مونرو أنَّه كاد مرات عدّة أن يلقى حتفه بسبب جرعات زائدة، وهو يعرف أكثر من 10 أشخاص قضوا العام الماضي في ظروف مماثلة، ويقول من مركز العلاج: "بلغوا الدرك الأسفل وطلبوا المساعدة لكنها لم تصل في الوقت المناسب".
يظنّ بروس أنَّ الظاهرة ستتواصل على هذا المنوال في ظلّ تدابير التقشّف المعتمدة على الصعيد الحكومي والاقتطاعات في ميزانيات الشؤون الاجتماعية، فضلاً عن تراجع أسعار المخدرات.
وباتت جلاسكو، كبرى المدن في اسكتلندا، مسرحاً لأزمة مات فيها 1187 شخصاً العام الماضي بسبب المخدرات، في منطقة تضمّ 5.4 مليون نسمة، وهو أكبر معدّل وفيات في الاتحاد الأوروبي، وفق المكتب الاسكتلندي للإحصاءات.
وازدادت نسبة الوفيات بجرعات زائدة من المخدرات بواقع أكثر من مرتين في اسكتلندا خلال 4 سنوات، بحسب بيانات نُشِرت في يوليو/ تموز.
هذه المعدّلات باتت تناهز تلك المسجّلة في الولايات المتحدة، إذ أودت أزمة الأفيون بحياة عشرات آلاف الأشخاص، ما اضطر الرئيس دونالد ترامب إلى إعلان حالة الطوارئ في مجال الصحة العامة.
أما أزمة الهيروين في اسكتلندا، فبرزت بداية على الساحة الدولية مع فيلم "ترينسبوتينج" لداني بويل الذي تدور أحداثه في أدنبره.
وبعد أكثر من 20 سنة، تعيث المخدرات فساداً في أوساط ما يعرف بـ"جيل ترينسبوتينج" الذي بدأ استهلاك الهيروين في الفترة 1980-1990.
ويقول ديفيد بروكت، أحد المسؤولين في جمعية "فينكس فيوتشرز" الخيرية التي تدير العيادة: "هؤلاء الأشخاص بحالة صحية سيئة جداً لدرجة أنهم سيموتون لو واصلوا استهلاك المخدرات".
وازدادت الوفيات الناجمة عن استهلاك الكوكايين بنسبة 658% في اسكتلندا منذ العام 2008، بحسب المكتب الاسكتلندي للإحصاءات.
وبالتزامن مع تفاقم آفة المخدرات، تشهد اسكتلندا أخطر تفشّ لوباء الإيدز منذ عقود، مع 156 حالة جديدة مسجّلة منذ 2015، وفق الخدمات الصحية في جلاسكو.
ويشير ديفيد بروكت إلى أنَّ عدد مراكز الإقلاع عن إدمان المخدرات المموّلة محلياً تراجع من 4 إلى اثنين في السنوات الأخيرة، مع انخفاض شديد لعدد الأسرّة المتوفّرة من 52 إلى 30.
وفي ظلّ الوضع القائم، أنشأت الحكومة المحلية في اسكتلندا فريق عمل لإيجاد الحلول المناسبة.
وتعتزم السلطات فتح مركز علاج ريادي تقدّم فيه جرعات محدّدة من الهيروين تحت إشراف طبي، وتقول مهايري هانتر، المستشارة المكلّفة بشؤون الصحة، إنَّ هذا النوع من العلاج الجريء والابتكاري ضروري للحدّ من الوفيات.
ويسعى البعض إلى الذهاب أبعد من ذلك مع المطالبة بنزع الطابع الجرمي عن استخدام المخدرات، مثل روزين ماكلوسكي، المسؤولة في منظمة "أداكشن" غير الحكومية، التي تقدّم المساعدة لحوالي 600 مدمن مخدّرات في جلاسكو.