مخدر الميثامفيتامين يفتك بالأفغان.. والمصدر الأول إيران
الإنتاج المحلي كان ضئيلاً قبل عام 2015، إذ كانت الكميات الأكبر تأتي من إيران، حيث يستخدم "السودوافدرين" كعنصر أساسي في صنعها
في مركز كبير لإعادة التأهيل خارج كابول، يترجّل العشرات من مدمني المخدرات بعد أن وقعوا ضحية آفة إدمان الميثامفيتامين التي باتت تنافس الأفيون في أفغانستان.
اعتُقِل هؤلاء في شوارع العاصمة كابول وسيخضعون لبرنامج إلزامي للإقلاع عن الإدمان من شأنه احتواء الطلب المتنامي على الميثامفيتامين الذي باغت السلطات في بلد يتخبط أصلاً بآفتي الأفيون والهيروين.
يقول سليمان، الذي ترتسم على وجهه آثار الإدمان مع عينين غائرتين، بعد وصوله مع 40 رجلاً: "الإدمان قضى على حياتي".
ويضيف الشاب البالغ 25 عاماً: "يمكنني القيام بأي شيء للحصول على جرعة، من العمل إلى السرقة".
وأصبح سليمان مدمناً للميثامفيتامين المعروف محلياً باسم "شيشا" (الزجاج) قبل 3 سنوات خلال زيارة لإيران.
ويخضع مرضى مركز "ابن سينا الأكبر" في أفغانستان للإقلاع عن الإدمان لعلاج من 45 يوماً.
وبدأ نجيب الله وهو مدمن آخر عمره 34 عاماً تعاطي هذه المخدرات الاصطناعية قبل سنتين، بعد مقتل شقيقته في هجوم لحركة "طالبان" في بلدته الواقعة شمالي البلاد.
نجيب الله يقول إنَّ أحد أبناء البلدة عرض عليه ما وصفها بـ"مخدرات لا تسبب الإدمان لكنها تخفف من الحزن"، ويوضح: "في البداية أحببتها بسبب الطاقة التي كنت أشعر بها عند تناولها".
ويضيف: "لكن الجانب القاتم حل أيضاً ورحت أصاب بالجنون وأصبحت عنيفاً وبدأت الاعتداء على أفراد عائلتي".
وأقيم مركز ابن سينا في ثكنة عسكرية سابقة وهو يستضيف حالياً 900 مدمن، حتى عام 2017، كان المركز يعالج خاصة مدمني الأفيون، وفق كبير أطباء المركز عبد الجبار جليلي.
ويوضح جليلي: "اليوم نحو 70% من المرضى هم مدمنو ميثامفيتامين"، مشيراً بإصبعه إلى رجال يسيرون في الباحة الكبيرة المشمسة، ويبقى احتمال أن يتخلص هؤلاء من الإدمان ضئيلاً، إذ إن أكثر من 80% منهم يسقطون مجدداً في براثن المخدرات.
وتفيد البيانات الأخيرة المتوافرة بأنَّ أفغانستان كانت تضم في عام 2015 ثلاثة ملايين مدمن مخدرات أي نسبة كبيرة جداً من الشعب الأفغاني الذي يقدر بـ37 مليون نسمة.
ويرى خبراء أن هذا العدد ارتفع منذ ذلك الحين ويقدر القائمون على قطاع الصحة أن نسبة الذين يستخدمون الميثامفيتامين قد تكون وصلت إلى 40%.
عبدالشكور حيدري وهو طبيب في برنامج خفض الطلب على المخدرات يقول: "الميثامفيتامين بصدد تجاوز الأفيون"، مفصلاً الوسائل التي يلجأ إليها التجار للترويج لها.
ويفسِّر: "يقولون إنَّ الميثامفيتامين لا تصيب بالإدمان ويمكنها أن تكافح إدمان الأفيون كذلك، ومن ثم يلجأون إلى خفض الأسعار وفي بعض الحالات يتوقفون عن توفير الهيروين، ما يضطر المدمنين للتحول إلى الميثامفيتامين".
وفي هذا البلد الذي ينتج 90% من الأفيون في العالم، سجلت أول عملية ضبط للميثامفيتامين واقتصرت على غرامات قليلة، في ولاية هلمند الجنوبية في عام 2008.
وفي 2018، ضبطت السلطات 180 كيلوجراماً منها و935 كيلوجراماً خلال الأشهر العشرة الأولى من 2019.
وكان الإنتاج المحلي ضئيلاً قبل عام 2015، إذ كانت الكميات الأكبر تأتي من إيران، حيث يستخدم السودوافدرين وهو مكون كلاسيكي في أدوية معالجة الإنفلونزا، كعنصر أساسي في صنعها.
لكن التجار اكتشفوا أن بإمكانهم استخدام عشبة جبلية معروفة في غرب أفغانستان وجنوبها تحت اسم "عمان".
ودخلت حركة "طالبان" التي لطالما استخدمت الأفيون كمصدر تمويل سوق الميثامفيتامين الآن.
وتقول جاسمن باتيا الباحثة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن: "تفرض حركة طالبان في المناطق التي تشرف عليها ضريبة على كل كيلوجرام ينتج، والضريبة تتفاوت بحسب المناطق".
ومن أجل القضاء على هذا المصدر بدأ الجيش الأمريكي في عام 2017 استهداف مختبرات تنتج هذه المخدرات في مناطق حركة "طالبان".
وأدت عملية من هذا النوع في مايو/أيار في ولاية فرح غربي أفغانستان، إلى مقتل ما لا يقل عن 30 مدنياً في غارات جوية، وفقا لما جاء في تقرير للأمم المتحدة.