الهوية والعزلة واللجوء.. ثيمات سعودية في "دبي السينمائي"
السعودية تشكل حضوراً قوياً في المسابقة الرسمية للمهرجان عبر عدة أفلام تنافس هي الأخرى بقوة.
لم يقتصر الحضور السعودي في الدورة الـ14 لمهرجان دبي السينمائي الدولي على فوز المخرجة هيفاء المنصور، بجائزة آي دبليو سي للمخرجين، لتشكل المملكة حضوراً قوياً في المسابقة الرسمية للمهرجان عبر عدة أفلام تنافس هي الأخرى بقوة.
ففي مسابقة المهر الخليجي القصير، تقدم المخرجة السعودية هاجر النعيم، مقاربة متقدمة لمآسي الحرب واللجوء، عبر فيلم "احتجاز" الذي يروي قصة الفتاة السورية "لارا" التي لجأت إلى الولايات المتحدة الأمريكية هرباً من العنف في سوريا.
وتقدم لنا النعيم في 25 دقيقة تصويراً إنسانياً لحياة "لارا" التي تنقلب بشكل دراماتيكي عقب توقيف الأمن الأمريكي لوالدها، بسبب تورطه في عمل إرهابي.
ومن هذه النقطة تبرز لنا المخرجة السعودية برؤية إخراجية عالية، أوجه الحياة المتنازعة بين إثبات البراءة والحياة الطبيعية لتقدم هذه الرحلة في سلسلة متعاقبة من الافتراضات بحبكة معقدة جداً.
وتعد النعيم من المخرجات السعوديات الشغوفات بصناعة أفلام التشويق، وتركز في تجربتها على قضايا المرأة في منطقة الشرق الأوسط، وهي حاصلة على ماجستير في الإنتاج السينمائي.
وفي ذات المنافسة يقدم مواطنها المخرج السعودي، طلحة بن عبد الرحمن، تجربة مغايرة تماماً في فيلمه الروائي القصير "كبش الفداء"، يروي من خلاله سردية العزلة والعدم عبر قصة "بول دوغان"، الروائي الذي يقرر اعتزال الناس بشكل مفاجئ في كوخ ريفي صغير، بعد أن انقطع عنه الإلهام السردي.
بيد أن محاولة استعادة الإلهام عبر العزلة سرعان ما تأتي بنتائج عكسية، ليواجه دوغان أصوات شخصياته الروائية، التي تأتي تباعاً لينتهي به الأمر إلى حالة تتراوح بين الجنون والانتحار بعد محاولاته المتعددة لإعدام شخوصه الروائية التي خلقها بخياله.
يبرع المخرج السعودي في تقديم قصته بشكل متكامل خلال 22 دقيقة، بفضاء مكاني محدود ولقطات متنوعة بلغة سينمائية عالية، وتنويعات بصرية جعلت من تجربة المخرج الشاب، المولود في جدة بالمملكة العربية السعودية والمتخرج في جامعة نيويورك للأفلام في كاليفورنيا، سردية بصرية رائعة تنافس بقوة على جوائز المهر الخليجي القصير لهذا العام.
وفي ثالث مشاركة للفيلم السعودي في المسابقة الخليجية لدبي السينمائي، يقدم لنا المخرج الشاب مجتبى سعيد، وهو من مواليد الدمام بالمملكة في عام 1987، تجربته السينمائية الثالثة في فيلم "الظلام هو لون أيضاً"، حيث يروي قصة صياد يستميت في مواجهة شبح التقدم في العمر دون جدوى.
ويعمل الصياد الذي يدعى "هورست" بعدة طرق على إيقاف آثار زحف الأيام على وجهه، إلا أن محاولاته لاتسفر سوى عن أزمة هوية، يبدأ بموجبها في التساؤل عن مغزى الوجود والأيام التي أمضاها في الغابات والمساحات الشاسعة.
بيد أن رحلة جديدة تقود الصياد العجوز إلى آفاق أخرى، عقب ضياع كلبه الذي يقوده البحث عنه للغوص في عمق الغابات، لتتبدى له أسرار جديدة يعيد من خلالها تشكيل سؤال الهوية.
ويقدم لنا المخرج السعودي الشاب في الفيلم عدة تساؤلات حول الهوية والارتباط والعزلة، كما يعالج بحرفية عالية معاني الاكتشاف والتعرف على الزائف على الفضاء المحيط بنا، عبر إعادة تعريف الصياد بمحيطه الجغرافي الذي يعرفه أصلاً، لكن هنا بزاوية جديدة ومغايرة تماماً.
aXA6IDE4LjE4OC4xNTQuMjM4IA== جزيرة ام اند امز