"لحظة ديناميكية لسوق النفط".. لماذا يخشى البيت الأبيض من "نوبك"؟

لا يحظى مشروع قانون "نوبك" حتى الآن بدعم من البيت الأبيض الذي يخشى من عواقب إقراره في لحظة "ديناميكية" يمر بها سوق النفط العالمي.

وحسب تصريحات أدلت بها جين ساكي المتحدثة باسم البيت الأبيض، تعمل الإدارة الأمريكية الحالية بقدر كبير من المشاركة مع منظمة أوبك لضمان تلبية العرض في أسواق النفط.

وبالأمس، أقرت لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون "نوبك" الذي يتيح رفع دعاوى قضائية ضد منتجي النفط في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) وحلفائها بدعوى التآمر لرفع أسعار النفط.

• عودة "نوبك" إلى مسرح النفط.. بطل وهمي يصارع "طواحين الهواء"
• البيت الأبيض يخشى من تداعيات "نوبك".. ويحذر من "عواقب غير مقصودة"
  

وحظي مشروع قانون الذي يرمز اختصاره "نوبك" إلى ("لا لتكتلات إنتاج وتصدير النفط") بتأييد 17 عضوا في اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ مقابل رفض أربعة.

لحظة ديناميكية لسوق النفط

وبوضوح، عبرت ساكي عن قلق يعتري الإدارة الأمريكية إزاء مشروع القانون هذا وما قد يؤدي إليه في حالة إقراره، بما في ذلك التداعيات العكسية.

وخلال إحاطة إعلامية لجين ساكي، بالأمس، وجه أحد الصحفيين سؤالا للمتحدثة حول مدى دعم البيت الأبيض لتشريع "نوبك"، وما إذا كان الرئيس بايدن قد اطلع عليه.

وردت ساكي بأنه ما من موقف رسمي لدى الإدارة الأمريكية على هذا التشريع في الوقت الحالي.

واستطردت: " نعتقد أن هناك آثارا محتملة والعواقب غير مقصودة لهذا التشريع تتطلب مزيدًا من الدراسة والمداولات".

وتابعت: "هذه لحظة ديناميكية في أسواق الطاقة العالمية نتجت عن غزو الرئيس بوتين لأوكرانيا. لذلك، نحن نلقي نظرة على التشريع وبالتأكيد لدينا بعض المخاوف بشأن ما يمكن أن تكون عليه الآثار المحتملة".

مخاوف من رد فعل دول أوبك

ومجددا سأل الصحفي عما إذا كانت المخاوف مرتبطة برد الفعل المحتمل من أوبك إما عن طريق رفض الإمدادات إلى الولايات المتحدة أو ربما إغراق سوق النفط.

وردت ساكي بأن إدارة بايدن تعمل بقدر كبير من المشاركة مع منظمة أوبك حتى قبل "غزو" الرئيس بوتين لأوكرانيا.

واستطردت: "هدفنا هو ضمان تلبية العرض في أسواق النفط.. هذا هو هدفنا الشامل. لذلك نبحث فيما ستكون عليه الآثار والتأثيرات".

ولفتت إلى أن منظمة أوبك لديها دور تلعبه في هذا الصدد، لا سيما أن الرئيس بايدن كان واضحًا في طلب سياسة منافسة قوية لضمان أسواق عادلة وأسعار أقل.

وقالت: "هناك إجراءات اتخذناها من قبل توضح هذا المنحى، مثل الأمر التنفيذي للرئيس لدعم تشجيع المنافسة والابتكار من قبل الشركات الكبيرة والصغيرة".

لماذا يخشى البيت الأبيض من "نوبك"؟

وفي الواقع، لم تلق ردود ساكي الضوء الكافي على المخاوف التي تهدد بوضوح جدوى مشروع قانون نوبك وتكشف عن كونه ورقة ضغط بدون تأثير حقيقي، وبل ويحمل في داخله ضررا مباشرا على مصالح واشنطن.

وقد فشلت النسخ السابقة من مشروع قانون نوبك على مدار 20 عاما بسبب مقاومة مجموعات داخل قطاع الطاقة الأمريكي مثل معهد البترول الأمريكي.

وقال بعض المحللين لرويترز إن الإسراع بسن القانون قد يؤدي إلى انتكاسة غير مقصودة تشمل إمكانية أن تتخذ دول أخرى خطوات مماثلة ضد الولايات المتحدة لخفضها إمدادات منتجات زراعية لدعم الزراعة المحلية على سبيل المثال.

وقد ترد دول أوبك بأشكال أخرى، مثل بيع نفطها بعملات غير الدولار ومن شأن ذلك تقويض وضع الدولار كعملة احتياط رئيسية في العالم مما يخفض من نفوذ واشنطن على التجارة العالمية ويضعف من قدرتها على فرض عقوبات على دول أخرى.

وقد تقرر أيضا شراء ولو بعض أسلحتها من دول غير الولايات المتحدة مما يضر بتجارة رائجة لشركات الدفاع الأمريكية.

وبالإضافة إلى ذلك يمكن لدول أوبك أن تقلص الاستثمارات الأمريكية فيها أو حتى ترفع أسعار بيع النفط للولايات المتحدة مما يقوض الهدف الأساسي لسن القانون.

وقال بول سوليفان محلل شؤون الشرق الأوسط والزميل غير المقيم بمركز الطاقة العالمي في المجلس الأطلسي إن الولايات المتحدة وحلفاءها يواجهون بالفعل تحديات كبرى في تأمين إمدادات من الطاقة يعوّل عليها. وأضاف "آخر ما نحتاج لفعله هو إلقاء قنبلة على هذا".

معارضة قطاع النفط الأمريكي

وأبدى معهد البترول الأمريكي، وهو أكبر تكتل في قطاع صناعة النفط في الولايات المتحدة، اعتراضه على مشروع قانون نوبك قائلا إنه قد يضر بمنتجي النفط والغاز في الداخل.

ومن مخاوف القطاع أن يؤدي مشروع قانون نوبك في نهاية المطاف إلى زيادة إنتاج أوبك عن حاجة السوق مما قد يخفض الأسعار بدرجة تجد معها شركات الطاقة الأمريكية صعوبة في تعزيز الإنتاج.

ولدى السعودية ودول أخرى من أعضاء أوبك بعض من أرخص الاحتياطيات النفطية وأسهلها في الاستخراج.

وقالت مجموعة كلير فيو إنرجي بارتنرز البحثية في مذكرة إن أي ضخ إضافي للنفط من منتجي أوبك، حتى في وقت تهيمن عليه المخاوف من نقص إمدادات روسيا، "قد يجمد أنشطة الحفر في الولايات المتحدة مما قد يعرض للخطر أمن الطاقة المحلي وكذلك انتعاش الاقتصاد المحلي".