اختراق علمي.. بكتيريا من طبق الطفولة تصنع سرطان القولون في شبابك

في كشف علمي صادم، حدد باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو سببا محتملا للارتفاع المقلق في حالات سرطان القولون بين الشباب في العقدين الأخيرين، وهي بكتيريا إشريشيا كولاي (E. coli) الشائعة في الطعام.
ولطالما اعتُبر سرطان القولون مرضا يصيب كبار السن، لكن الإحصاءات الحديثة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أظهرت تزايدا حادا في عدد الإصابات بين من تتراوح أعمارهم بين 20 و40 عاما.

هذا الاتجاه أثار حيرة الأطباء، إلى أن جاءت الدراسة الجديدة لتسلط الضوء على رابط محتمل بين الطفولة المبكرة والتعرض لبكتيريا إشريشيا كولاي، المنتجة لسم يُعرف باسم "كوليباكتين".
وحلل الفريق البحثي الحمض النووي لأورام القولون لدى نحو 981 مريضا، ووجدوا نمطا مميزا من الطفرات الجينية أكثر شيوعا بثلاثة أضعاف بين مرضى تحت سن الأربعين مقارنة بمن تجاوزوا السبعين.
ووفقا للدراسة المنشورة في مجلة "نيتشر"، فإن هذا النمط ناتج عن التعرض لسم "كوليباكتين" الذي تفرزه بعض سلالات بكتيريا إشريشيا كولاي، ويُعتقد أن هذا التعرض يحدث في الطفولة حين يكون الجهاز الهضمي لا يزال في طور النمو.
كيف تحدث الإصابة؟
وتنتقل بكتيريا إشريشيا كولاي غالبا من خلال تناول لحم مفروم غير مطهو جيدا، لكن أيضا من الخضروات الورقية مثل السبانخ والرومين، أو المنتجات غير المبسترة كالحليب النيء، ويمكن أن تتسلل إلى الجسم عبر مياه ملوثة تُستخدم في الزراعة أو التنظيف، أو حتى بسبب ممارسات النظافة السيئة في المطابخ.
وتشير الإحصائيات إلى أن عدد حالات سرطان القولون المبكر في الولايات المتحدة بين من تتراوح أعمارهم بين 20 و34 عاما قد يرتفع بنسبة 90% بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2010، وفي المملكة المتحدة، يتم تشخيص أكثر من 44 ألف حالة سنويا، مع وفاة نحو 17 ألف شخص.
ولم يقتصر التحليل على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فقط، بل شمل أيضا دولا مثل الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وروسيا وتايلاند، حيث تم العثور على مستويات مرتفعة من الطفرات المرتبطة بالكوليباكتين.

رؤية جديدة للسرطان
ويقول البروفيسور لودميل ألكساندروف، قائد الفريق البحثي: "هذه الطفرات هي أشبه بسجل تاريخي داخل الحمض النووي، وتشير إلى أن أحداثا وقعت في الطفولة قد تكون وراء تطور السرطان في سن مبكرة". وأضاف: "ربما علينا إعادة النظر في فكرة أن السرطان يتشكل فقط في سن الرشد، وقد تبدأ رحلته في سنوات الحياة الأولى".
ويعتزم الباحثون دراسة كيفية تعرض الأطفال لبكتيريا إشريشيا كولاي السامة، وإمكانية الوقاية منها باستخدام البروبيوتيك أو غيرها من الوسائل، كما يخطط الفريق لتحليل دور العوامل البيئية الأخرى في تطور سرطان القولون.