الممثل الإقليمي للفاو يكشف لـ«العين الإخبارية» أهم ملفات COP28
الدفع بملفات الأمن الغذائي والأمن المائي إلى صدارة أجندة مؤتمر (COP28) أحد الأهداف التي تسعى إليها "الفاو"، من خلال مكتبها الإقليمي.
وفقاً للدكتور عبدالحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة والممثل الإقليمي للشرق الأدنى وشمال أفريقيا، فإن قطاع الزراعة وإنتاج الغذاء من أكثر القطاعات التي تأثرت بالفعل، وما زالت تتعرض لمزيد من التأثيرات نتيجة التغيرات المناخية، في المنطقة العربية، التي تعاني نقصاً شديداً في الموارد المائية، والتي تُعد واحدة من أكثر المناطق الجافة في العالم.
يحذر الدكتور الواعر، في حوار أجرته معه "العين الإخبارية"، من أن الحرب الحالية على قطاع غزة سوف تلقي بتأثيرات سلبية على حالة الأمن الغذائي بالمنطقة العربية، سواء على مستوى توافر السلع الغذائية، أو القدرة على الوصول إلى إمدادات الغذاء، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وبالتالي تراجع القدرة الشرائية لدى عدد كبير من سكان الدول العربية.
ويشير الممثل الإقليمي لمنظمة الفاو إلى أن تزايد حركات نزوح السكان من المناطق الريفية إلى المدن، في مختلف الدول العربية، سوف يؤدي إلى تزايد الضغوط على الموارد المتاحة، الأمر الذي ينجم عنه ارتفاع معدلات الفقر، وانعدام الأمن الغذائي.. وفيما يلي نص الحوار:
في البداية، هل هناك مبادرات جديدة تعتزم منظمة الفاو طرحها أمام مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة؟
تحرص منظمة الفاو على المشاركة بقوة في مؤتمرات الأطراف لاتفاقية تغير المناخ، وسوف نعمل خلال مؤتمر الأطراف المقبل (COP28) على استكمال ما بدأناه مع الرئاسة المصرية لمؤتمر (COP27)، وهو التأكيد على أن أجندة النظم الغذائية والأمن الغذائي، وكذلك الأمن المائي، من الملفات المهمة على رأس أولويات والاهتمامات على أجندة التأثيرات الناجمة عن التغيرات المناخية، وليس الطاقة فقط.
نسعى إلى إيجاد نوع من التوازن بين ملفات الأمن الغذائي والأمن المائي وملف الطاقة، وفي الحقيقة كان هناك دعم من الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف في تحقيق هذا الهدف، من خلال الدفع بأجندة الأمن الغذائي والأمن المائي، وسنواصل هذا المجهود في (COP-28) في دبي، حيث نعمل على استكمال مبادرة الغذاء والزراعة من أجل التحول المستدام (FAST)، التي تم إطلاقها في مؤتمر شرم الشيخ من خلال الحكومة المصرية، ومن المقرر أن يتم في مؤتمر الأطراف في دبي إطلاق الأمانة التنفيذية التي ستتولى إدارة هذه المبادرة، خاصةً وأن هناك ممولين متحمسين لتمويل هذه المبادرة من الجهات المانحة.
كما سنعمل على استكمال المبادرة الدولية للتكيف مع التغيرات المناخية في قطاع المياه (AWARe)، بهدف مواجهة تحديات المياه والمناخ على المستوى العالمي، مع التركيز على الدول النامية، التي تُعد من أكثر دول العالم تأثراً بالتغيرات المناخية، ونعمل خلال مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة في دبي، أواخر هذا الشهر، على استكمال الإجراءات الخاصة بالمبادرة، التي تم إطلاقها أيضاً في شرم الشيخ.
- خبير أممي يكشف لـ"العين الإخبارية" ملامح مشاركة "الفاو" في COP28
- 7 طرق لتعزيز الأمن الغذائي في مواجهة تغير المناخ
سبق وحذرتم من أن الأزمة الراهنة في قطاع غزة سوف تؤثر سلبياً على إمدادات الغذاء وضمان الأمن الغذائي في دول المنطقة العربية، ما أبرز ملامح تلك التأثيرات المحتملة؟
نحن نلاحظ من تقارير الأمن الغذائي السابقة أن أغلب المهددين بانعدام الأمن الغذائي في المنطقة العربية موجودين في في مناطق النزاعات، وبالتالي هذا مؤشر خطير على أن للنزاعات دور مباشر في تفاقم حدة وتعميق مسألة الأمن الغذائي.
وأود أن أشير هنا إلى أن أكثر من 90% من سكان المنطقة العربية الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، في المرحلة الشديدة والمتوسطة، يعيشون في دول مثل اليمن وسوريا السودان وغيرها من الدول التي تعاني من النزاعات، وبالتالي هذه النزاعات الأخيرة في المنطقة ستؤثر على المنطقة بالكامل، وليس فقط على الدول والمناطق التي تشهد النزاعات، ومنها الأراضي المحتلة بما فيها قطاع غزة والضفة الغربية.
يؤدي سحب كميات كبيرة من المواد الغذائية من مناطق مختلفة، لتلبية احتياجات مناطق النزاعات، إلى ظهور بعض التأثيرات في أسواق الغذاء بالمناطق الأخرى، وقد ينجم عن ذلك انعدام التوازن بين وفرة الغذاء بشكل عام ووفرة الغذاء الصحي، كما يؤثر ذلك في تكلفة السلع الغذائية، مما يؤثر سلباً على الأمن الغذائي في المنطقة العربية، توقعاتنا في التقرير القادم لحالة الأمن الغذائي في المنطقة العربية بأن الوضع قد يكون أكثر تراجعاً، بسبب ما يجري حالياً في المنطقة.
كيف يمكن أن يؤثر النزوح الداخلي لسكان المناطق الريفية إلى المدن والمناطق الحضرية على الأمن الغذائي في المنطقة العربية؟
تظهر تقديرات الفاو أن تحول المناطق الريفية إلى حضرية يتزايد بصورة متسارعة في المنطقة العربية، حيث يعيش حوالي 63% من السكان في المناطق الحضرية حالياً، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى ما يقرب من 73% بحلول عام 2050، وفي ظل أن المجتمعات الريفية هي المسؤولة عن إنتاج الغذاء، بينما المدن هي الأكثر استهلاكاً، فإن هذا الاتجاه المتزايد في حركة النزوح الداخلي يمكن أن يؤدي إلى تزايد معدلات الفقر وعدم المساواة وانعدام الأمن الغذائي وجميع أشكال سوء التغذية.
وفي هذا الإطار، يتوجب علينا أن ندرك التحديات المشتركة والمتنوعة التي تواجهها المدن في المنطقة، حيث تتمتع المدن الصغيرة والمتوسطة بإمكانات هائلة لتوفير فرص العمل، وتوليد الدخل للشباب والنساء، والمساهمة في التغذية والأمن الغذائي، وهذا يعني أنه بالإضافة إلى الحكومات الوطنية، يمكن للحكومات والسلطات المحلية أن تلعب دوراً رئيسياً في تصميم وتنفيذ السياسات التي تعكس احتياجات وأولويات المواطنين بشكل أفضل.
هناك تصريح سابق لكم يفيد بأن استيراد الغذاء من الخارج قد يكون أقل تكلفة من إنتاج الغذاء في دول المنطقة العربية، هل يمكن توضيح هذا الأمر؟
الإنتاج الغذائي، خاصةً محاصيل الحبوب، يعتمد بشكل كبير على المياه، ونظراً لأن المنطقة العربية تعاني نقصاً شديداً في الموارد المائية، فإن اللجوء إلى استيراد المياه الافتراضية، من خلال شراء الحبوب من الخارج، يمثل أحد الحلول لمواجهة تحديات نقص المياه، فعلى سبيل المثال، إذا كانت تكلفة إنتاج طن القمح في المنطقة العربية تصل إلى 500 دولار، بسبب ندرة موارد المياه وارتفاع تكلفتها، فإنه يكون من الأفضل شراء طن القمح من الخارج بما يعادل حوالي 200 دولار، خاصةً من الدول التي تتوافر بها موارد مائية، أو تعتمد على الزراعة المطرية.
وبالنسبة للمنطقة العربية، فإن منطقة البحر الأسود تحديداً تمثل البديل الأمثل لتوفير الغذاء، نظراً للقرب الجغرافي، وبالتالي انخفاض تكلفة النقل، وهناك مجموعة من ممرات الغذاء العالمية الرئيسية، أبرزها البرازيل والأرجنتين في أمريكا اللاتينية، والهند والصين في آسيا، وأستراليا، وكندا والولايات المتحدة في أمريكا الشمالية، وكذلك منطقة البحر الأسود، التي تضم كلاً من روسيا وأوكرانيا ورومانيا وبلغاريا، ويُعد ممر البحر الأسود هو الأقرب للمنطقة العربية، ولعل هذا ما يفسر سبب تأثر إمدادات الغذاء في كثير من الدول العربية بشدة، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.