خبير أممي يكشف لـ"العين الإخبارية" ملامح مشاركة "الفاو" في COP28
جينغوان شيا: الزراعة تتيح الحلول للأمن الغذائي ومواجهة تغير المناخ
يؤثر تغير المناخ على كثير من سبل العيش، ويشكل تهديداً للأمن الغذائي، مما يتطلب العمل على إيجاد حلول غير تقليدية لزيادة الإنتاج الزراعي.
وفي هذا الصدد، أكد المستشار الخاص للمدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو"، جينغوان شيا، في حوار مع "العين الإخبارية"، أن خطط تحسين قطاع الزراعة يمكنها أن تتيح أفضل الحلول لتعزيز الأمن الغذائي للبشر في كافة أرجاء العالم، بالإضافة إلى الحد من التغيرات المناخية وتخفيف تداعياتها.
وقال خبير "الفاو"، الذي يشغل أيضاً موقع الأمين التنفيذي لمبادرة "بلد واحد منتج واحد ذو أولوية"، إن منظمة الأغذية والزراعة لديها العديد من المبادرات والمشروعات، من المقرر أن يتم عرضها أمام مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28)، الذي يُعقد هذا العام في دولة الإمارات.
وأوضح الخبير الأممي أهمية العمل على تطوير سلاسل القيمة المستدامة لبرامج التكيف الهيكلي لقطاع الزراعة، بهدف تحقيق الإطار الاستراتيجي لمنظمة الأغذية والزراعة للفترة (2022 – 2031)، ودعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال وسائل آمنة ومستدامة لزيادة الإنتاج الزراعي، ومكافحة الجوع وتحسين سبل العيش في أنحاء العالم.
وحول مسؤولية قطاع الزراعة وتربية الماشية عن إطلاق جزء من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، التي تؤدي إلى تفاقم التغيرات المناخية، أكد "شيا" أن الإنتاج النباتي وحده يغطي أكثر من 80% من الاحتياجات الغذائية للبشر والعديد من الكائنات الأخرى.. وفيما يلي نص الحوار.
في البداية، ما هي مبادرة "بلد واحد منتج واحد ذو أولوية"، وكيف يمكن أن تساعد في تعزيز الأمن الغذائي لسكان العالم، في مواجهة التحديات المختلفة التي تفرضها التغيرات المناخية؟
شكراً على هذا السؤال المهم، مبادرة "بلد واحد منتج واحد ذو أولوية" عبارة عن برنامج مدته 5 سنوات للفترة (2021 – 2025) أطلقته منظمة الأغذية والزراعة، ضمن استراتيجية العمل العالمي بشأن التنمية الخضراء للمنتجات الزراعية الخاصة، بهدف الترويج للمنتجات الزراعية ذات الصفات الفريدة على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية، والتي يمكن أن تساهم في تحول أنظمة أغذية زراعية لتكون أكثر كفاءة وشمولية ومرونة ومستدامة من أجل إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل، دون ترك أي شخص يتخلف عن الركب، وفي هذا الصدد، يجب التأكيد على أن مبادرة "بلد واحد منتج واحد ذو أولوية" تعمل على مواجهة التحديات الحالية والمتكررة، المتمثلة في الجوع، وانعدام الأمن الغذائي، وسوء التغذية، وكذلك المساهمة في تنمية أصحاب المزارع الصغيرة والمزارع الأسرية، ضمن عدة أهداف استراتيجية أخرى.
وبالحديث عن تأثير تغير المناخ على الأمن الغذائي، أصبح معروفاً للجميع أن التغيرات المناخية موجودة في كل مكان، وفي جميع الأوقات، وأصبحت تمثل مشكلة كبيرة للجنس البشري على كوكب الأرض، نظراً لأن تغير المناخ يؤثر على الأمن الغذائي، كما يؤثر على الكثير من سبل العيش، وهذا أحد الأسباب وراء إطلاق مبادرة "بلد واحد منتج واحد ذو أولوية"، من خلال دعم التنمية الخضراء للمنتجات الزراعية الخاصة، بهدف إنتاج المزيد وبتكلفة أقل، وهذا يعني تقليل المدخلات الزراعية، مثل الأسمدة الكيماوية، والمبيدات الحشرية، وهذا ما يساعدنا في حماية بيئتنا، وحماية التنوع البيولوجي، وكذلك يمكننا التخفيف من التغيرات المناخية.
بالنسبة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP-28) في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، أواخر هذا العام، كيف تستعد منظمة الفاو للمشاركة في هذا المؤتمر، وهل نتوقع إطلاق مبادرات جديدة؟
تغير المناخ يشكل أحد أكبر التحديات التي يواجهها البشر في الوقت الراهن، وتعمل منظمة الفاو على التعامل مع هذه القضية بشكل خاص، نظراً لأن تغير المناخ يؤثر كثيراً على الأمن الغذائي، وعلى طرق التغذية الصحية، كما يؤثر على سبل العيش، كما يؤثر بشكل خاص على النظم البيئية وعلى التنوع البيولوجي، ويمكنني القول هنا إن منظمة الأغذية والزراعة منظمة فريدة من نوعها في مجال الأمن الغذائي والزراعة، وتقوم بالفعل بدور مهم للغاية في مكافحة تغير المناخ، سواء على مستوى تخفيف الانبعاثات، أو على مستوى التكيف مع التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، ولدى المنظمة الكثير من المبادرات في هذا الإطار، كما لديها الكثير من المشروعات التي يجب دعمها، بما في ذلك إنتاج المحاصيل النباتية، وإنتاج مصايد الأسماك، والإنتاج الحيواني، وكل هذه الأمور ستكون ضمن الإطار الاستراتيجي لمنظمة الأغذية والزراعة لدعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خلال الفترة بين عامي 2022 و2031.
ما هو تقييم منظمة الفاو لوضع الأمن الغذائي في البلدان العربية، ضمن منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، في ظل المستويات الحالية والمستقبلية المتوقعة للتغيرات المناخية؟
هذا سؤال جيد جداً، وسوف أجيب عليه ببعض الأرقام، ولكن في البداية أود التأكيد على أن منطقة الشرق الأدنى، ومنها العديد من الدول العربية ومنطقة الهلال الخصيب، هي مهد الزراعة على كوكب الأرض، كما أن قطاع الزراعة والغذاء يلعب دوراً رئيسياً في بناء القدرة على الصمود لشعوب دول المنطقة، في مواجهة الصدمات وحالات الطوارئ المناخية، كما يسهم في تحسين سبل العيش وتوفير المزيد من فرص العمل في المناطق الريفية، إلا أن نظم الأغذية الزراعية في المنطقة تواجه العديد من التحديات لإطعام عدد متزايد من السكان بشكل مستدام، خاصةً وأنه من المعروف أن معظم بلدان المنطقة تقع في مناطق جافة، تعاني نظم الأغذية الزراعية فيها من الجفاف لفترات طويلة، كما أن هذه البلدان تواصل الإفراط في استخدام المياه العذب في الزراعة، وتتسبب في تدهور التربة، وتقلص القدرة الإنتاجية للأراضي.
- 18 بؤرة ساخنة.. الأمم المتحدة تحذر من اجتياح الجوع لـ22 بلدًا
- "المرونة المناخية" سلاح ردع لمجاعة عالمية محتملة
الأمر اللافت بالنسبة لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، أنها من المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي، وتُعد أحد المراكز العالمية الرئيسية الأصلية للمحاصيل الزراعية، كما أنها المركز الأصلي لمجموعة واسعة من الحبوب والأعشاب والبقوليات والخضروات والتوابل وأشجار الفاكهة ونباتات إنتاج الزيوت، ومع ذلك، تعتمد الإمدادات الغذائية فيها بشكل متزايد، على عدد قليل من المحاصيل والمنتجات الغذائية، من بينها القمح والأرز والذرة، وفي أغلب الأحيان، يتسبب انخفاض الإنتاجية، وقلة تنوع المحاصيل، إضافة إلى عدم كفاءة سلاسل التوريد، في عرقلة حصول العديد من المجموعات الضعيفة في المناطق الريفية والحضرية، على أنماط غذائية صحية ومقبولة التكلفة.
وعند الحديث بالأرقام، يكفي أن نعلم أن المنطقة العربية تشهد ارتفاعاً متزايداً في عدد من يعانون نقص التغذية، بلغ حوالي 69 مليون شخص، وفقاً لتقديرات عام 2020، بزيادة حوالي 5 ملايين شخص عن العام السابق، كما أن المنطقة العربية تسجل فقدان ما يقرب من 11% من حجم الإنتاج الغذائي ما بين المزارع ومتاجر التجزئة، وصولاً للمستهلك، كما يبلغ معدل إهدار الطعام مستويات قياسية في دول المنطقة، بمتوسط 145 كيلوجرام للفرد سنوياً، وتظهر بيانات الفاو أن نسبة الأراضي الزراعية الصالحة للزراعة لا تتجاوز 5% من إجمالي مساحة الأراضي بدول المنطقة، مما يتسبب في محدودية الطاقة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية، وتلعب التغيرات المناخية دوراً مهماً في تفاقم هذا الوضع.
هناك بعض الآراء التي تعتبر أن قطاع الزراعة والإنتاج الحيواني أحد الأسباب الرئيسية في زيادة حدة التغيرات المناخية، كيف يمكن لمنظمة الفاو التعامل مع مثل هذه الاتهامات؟
لاشك أن الإنتاج الزراعي مهم جداً لمعيشة الإنسان على هذا الكوكب، ويكفي أن نعلم أن 80% من إجمالي احتياجات البشر من الغذاء تأتي من مصادر نباتية، كما أن الإنتاج الزراعي يلعب دوراً أكثر أهمية في التخفيف من حدة التغيرات المناخية، من خلال التقاط وتخزين الانبعاثات الكربونية وإنتاج الأكسجين، ويمكن العمل على زيادة هذا الدور من خلال مجموعة من الإجراءات، أولها استزراع أصناف نباتية لديها القدرة على مقاومة الجفاف، والصمود في وجه الفيضانات والأعاصير، وكذلك مقاومة الأمراض المختلفة، الأمر الثاني يتعلق بزيادة كفاءة الأسمدة الكيميائية، لتقليل مدخلاتها في عملية الإنتاج الزراعي، وبالتالي تقليل التلوث البيئي، ويتعلق الإجراء الثالث بالمكينة الزراعية باستخدام تطبيقات صديقة للبيئة، لما لها من دور مهم في التخفيف من تغير المناخ، وبناء نظام زراعي أكثر مرونة واستدامة.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA=
جزيرة ام اند امز