"المرونة المناخية" سلاح ردع لمجاعة عالمية محتملة
قام المزارعون، منذ آلاف السنين، بتربية أصناف الحبوب والفواكه والخضراوات للحصول على محاصيل أكبر ونباتات أكثر قدرة على تحمل المناخ.
لكن تغير المناخ سيؤدي إلى اضطراب هائل في النباتات التي نعتمد عليها، فعالم أكثر سخونة، وأكثر جفافا في بعض الأماكن، وأكثر رطوبة في أماكن أخرى، يجعل هناك حاجة لتمتع النباتات بمزيد من "المرونة المناخية"، وهذا ما عمل عليه فريق بحثي أسترالي مع الفواكه الاستوائية.
وقام فريق بحثي من جامعة ميردوخ بالعمل على فواكه الموز والتفاح والكمثرى والكرز والجوز، لإنتاج أصناف جديدة أكثر مرونة، وذلك باستخدام تقنية التحرير الجيني.
وأستراليا من أكثر القارات المأهولة بالسكان، وقد شهدت بالفعل تغيرا في أنماط الطقس، حيث اشتدت حدة موجات الجفاف، واشتدت حدة موجات الحر والحرائق، وأصبحت الأمطار الغزيرة والفيضانات أكثر شيوعا في بعض المناطق.
وتعد زراعة الفاكهة والخضراوات من أهم القطاعات الزراعية في أستراليا، حيث تتجاوز قيمة الإنتاج السنوي (باستثناء عنب النبيذ) 11 مليار دولار أسترالي في 2021-2022، لكن هذا المصدر المهم واجه تقلبات في المناخ، جعل من الصعب على مزارعي الفاكهة التخطيط، وشهدت صناعة الفاكهة الأسترالية بالفعل خسائر واسعة النطاق، فمع ارتفاع درجة حرارة الشتاء، حدث انخفاض في محصول التفاح والكمثرى والكرز والجوز، ذلك لأن هذه الأشجار عادة ما تكون نائمة خلال فترات البرد، وإذا لم يكن الطقس باردا بدرجة كافية، فلن تنمو وتتطور بشكل طبيعي.
ويقول راجيف فارشني، الأستاذ بجامعة ميردوخ الأسترالية، في مقال كتبه في 8 مايو/آيار على موقع "ذا كونفرسيشن" عن هذا العمل، إنه من خلال نقل جينات تحمل الحرارة من نباتات أخرى باستخدام تقنية (التحرير الجيني)، تمكنا من إنتاج أصناف أكثر قدرة على التجاوب مع تغيرات المناخ".
وبالرغم من أن إنتاج أصناف جديدة باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية، أصبح متاحا، كما فعل الفريق الأسترالي، إلا أن بعض البلدان لا تسمح بذلك.
وتقول نادية عبدالمطلب، أستاذ الهندسة الوراثية بكلية الزراعة جامعة بنها المصرية، لـ"العين الإخبارية"، إنه لم يعد هناك مبرر لذلك لسببين، أحدهما يتعلق بتغير المناخ، والحاجة إلى توفير حلول سريعة، والثاني يتعلق بالميزة التي تتيحها تقنية المقص الجيني.
وتوضح أنه كانت هناك مخاوف من أن الهندسة الوراثية قد تسمح بإدخال جينات جيدة، وأخرى غير مطلوبة، ولكن مع المقص الجيني لم يعد ذلك موجودا، حيث يتم ادخال الجينات بشكل متحكم فيه في مواضع محددة في الجينوم وليس عشوائيا، كما في طرق الهندسة الوراثية التقليدية، مما يقلل من خطر الأضرار غير المستهدفة وغير المعلومة، مع السماح بالمرونة المطلوبة للتغلب على هذا الأمراض سريعة التطور بفعل التغيرات المناخية.
ومتفقا مع الرأي السابق، وصف علاء حموية، المدير الإقليمي للمركز الدولي للبحوث في المناطق الجافة والقاحلة (الإيكاردا)، تقنية المقص الجيني، بأنها الحل السحري لتحقيق المرونة المناخية.
ويقول حموية لـ "العين الإخبارية"، إنها "جعلت الهندسة الوراثية أكثر أمنا، حتى من الطرق التقليدية في الزراعة، وأوفر في اقتصاديات الإنتاج".
ويضيف أنه "إذا كانت الطرق التقليدية في الزراعة تستخدم المبيدات الزراعية لمواجهة أمراض يسببها تغير المناخ، فقد تكسب الهندسة الوراثية النبات خاصية مقاومة الأمراض دون استخدام تلك المبيدات".