التطرف المناخي.. كيف يدمر حقول الأرز ويهدد الأمن الغذائي؟ (خاص)
دائما ما يرتبط الحديث عن المناخ المتطرف بدرجة الحرارة المرتفعة، ولكنّ هناك شكلا آخر لهذا النمط المناخي، يتعلق بالهطول الغزير للأمطار.
وكشفت دراسة صينية، أيدتها آراء خبراء استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، أن التطرف المناخي يهدد بشكل كبير إنتاج الغذاء العالمي.
وتتبعت الورقة البحثية التي أعدها باحثون من جامعة بكين في الصين، ونشرت 4 مايو/أيار في دورية "نيتشر فوود"، معدلات هطول الأمطار ومدى تأثيرها على غلة الأرز في العقدين الماضيين، ووجدت أن الانخفاضات في الغلة الناجمة عن هطول الأمطار الغزيرة، كانت مماثلة لتلك الناجمة عن الحرارة الشديدة على مدى العقدين الماضيين، وتوقعت ما يصل إلى 8.1% من العائد المفقود بحلول عام 2100.
وتوصل الباحثون بقيادة فنغ تشو من كلية العلوم الحضرية والبيئية بجامعة بكين، لهذه النتيجة بعد تصميم سلسلة شاملة من تجارب هطول الأمطار المشروطة لعزل الآليات المتعلقة بتأثيرات هطول الأمطار الشديدة، وفي التجارب، تم استخدام أربعة مستويات لشدة هطول الأمطار وتكرار الأحداث لملاحظة التأثيرات على ثلاث مراحل نمو مختلفة؛ الخضري والتكاثر والنضج.
وفي ظل ظروف مختلفة من كثافة المطر، وحجم المياه، وتعرض النبات، والتلاعب بالنيتروجين، مع ضوابط متعددة، يمكن للباحثين التفريق بين الآليات الفيزيائية الحيوية والكيميائية الحيوية التي تعمل على مراحل نمو متميزة.
ووجدوا أن هطول الأمطار الغزيرة مع كثافة عالية تضر الأنسجة النباتية مباشرة في بعض الحالات، وفي سيناريوهات أخرى، حدت الأمطار الغزيرة من امتصاص المغذيات عن طريق غسل التربة أو تشبعها بالمياه، وكانت هناك أيضًا علامة واضحة على أنه خلال مرحلة التكاثر، كان هطول الأمطار الغزيرة يمنع التلقيح الناجح.
وأظهرت محاكاة هطول الأمطار في جميع أنحاء الصين أن الاضطراب المادي الناجم عن هطول الأمطار الغزيرة كان العامل الأكثر أهمية في تحديد الغلة عبر 47إلى 95% من مناطق بذر الأرز، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 8% تقريبا في الغلة بالفعل، بعيدًا عن الانخفاض المتوقع بنسبة 8.1% بحلول نهاية القرن.
ويشير المؤلفون إلى أنه يمكن للمزارعين في الصين مستقبلا اختيار مناطق لزرعها ستكون أقل تأثراً بالزيادات في الظواهر الجوية المتطرفة.
وتعيش نسبة كبيرة من البشر في الصين، حيث يصفها أكثر من 18% من جميع البشر بأنها موطنهم، وللظروف التي تؤثر على الإمدادات الغذائية للصين تأثيرات واسعة النطاق على الاقتصادات والزراعة واستخدام المياه في جميع أنحاء العالم.
وتستورد الصين حاليا الأرز من فيتنام وباكستان والهند وبورما وتايلاند وهي أكبر مشترٍ لأرز كاليفورنيا في آسيا، وسيكون لكل منطقة من هذه المناطق مشكلاتها الخاصة فيما يتعلق بغلة المحاصيل بسبب تغير المناخ، لذا فإن فهم الآليات الكامنة وراء هذه التأثيرات يساعد جميع المنتجين على الاستعداد بشكل أفضل لمستقبل زراعي يتغير جنبا إلى جنب مع المناخ.
ويؤيد الدكتور خالد عزت، الباحث بمركز البحوث الزراعية المصري، ما ذهبت إليه الدراسة، مشيرا إلى أن الهطول الغزير للأمطار يؤثر على الأكسجين الذي يحتاجه النبات.
ويقول عزت إن "إنبات البذور وجذور النباتات يتطلب الأكسجين في التربة للتنفس، وبدون الأكسجين، لا يمكن لهذه الأنسجة النباتية الحية أن تؤدي وظائف استدامة الحياة الحيوية مثل نمو الجذور والبراعم وامتصاص المغذيات، وفي ظل ظروف الأمطار الغزيرة، تصبح التربة المشبعة مستنفدة للأكسجين".
ويضيف محمد عوني، المدرس بكلية الزراعة بجامعة بنها المصرية أنه "عندما تنخفض مستويات الأكسجين في التربة بشكل كبير، يتغير تنفس النبات إلى مسار مشابه للتخمير، وبينما يتم إنتاج بعض الطاقة التي تحافظ على الحياة أثناء التخمير ، فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض كبير في عملية التمثيل الغذائي، مما قد يقلل من المحصول، وإذا كان طويلاً بما يكفي، يتسبب في موت جزء من النبات أو النبات بأكمله".