وزيرة البيئة المصرية لـ"العين الإخبارية": COP28 قمة استثنائية.. والعمل المناخي لن يرجع للخلف (حوار)
بالرغم من تنظيم قمة "كوب 27" في ظروف سياسية معقدة وصعبة، إلا أن القمة التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية تمكنت من تحقيق إنجاز تاريخي بإقرار صندوق الخسائر والأضرار.
مهمة هذا الصندوق هي تعويض الدول المتضررة من التغيرات المناخية، ولكن بقيت الكثير من التفاصيل المتعلقة بحوكمة هذا الصندوق، والمقرر أن يتم حسمها في قمة "كوب 28" التي تستضيفها دولة الإمارات في نوفمبر /تشرين الثاني المقبل.
وقبل شهور من انطلاق القمة، والتي تعول عليها آمال كبيرة في أن تشهد خطوات ملموسة نحو تفعيل آليات عمل هذا الصندوق، التقت "العين الإخبارية" الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة المصرية، والتي كانت من أبطال المفاوضات المضنية التي خاضتها الرئاسة المصرية لـ"كوب 27"، من أجل إقرار الإنجاز التاريخي للصندوق.
تحدثت الوزيرة في حوارها مع "العين الإخبارية" عن الجهود المبذولة من الرئاسة المصرية والرئاسة الإماراتية لـ"كوب 28"، من أجل حوكمة الصندوق، كما تحدثت عن التنسيق المصري الإماراتي في العديد من الملفات ذات الصلة بقمة المناخ، ووصفت اختيار الدكتور سلطان الجابر، الرئيس المعيّن لمؤتمر الأطراف COP28، على قمة الرئاسة الإماراتية للقمة، بأنه كان موفقاً للغاية، لما يمتلكه من خبرة واسعة في هذا الملف.. وإلى نص الحوار.
في البداية: يساور البعض القلق من أن الإنجاز الأكبر لـ"كوب 27"، وهو صندوق الخسائر والأضرار، قد لا يتحول إلى واقع عملي، هل تشاركين البعض هذا القلق؟
لا أشارك البعض هذا التخوف، فإقرار صندوق الخسائر والأضرار في "كوب 27"، جاء بالتوافق بين الجهات متعددة الأطراف المشاركة في اتفاقية تغير المناخ، وبدأت قبل أسبوعين في الأقصر أول اجتماعات اللجنة التي تم الاتفاق على تشكيلها في قمة شرم الشيخ لمتابعة إجراءات حوكمة الصندوق، من حيث تشكيل مجلس الإدارة والدول الممولة والخسائر والأضرار التي سيتم تمويلها.
لكن بعض الناشطين البيئيين الذين تابعوا اجتماع الأقصر، قالوا إن هناك محاولات من قبل الدول الغربية للتهرب من التزام صندوق الخسائر والأضرار؟
وتيرة العمل المناخي لا تسمح بالرجوع للخلف، فتأثيرات تغير المناخ باتت واضحة، واحتياجات الدول النامية نتيجة هذا التأثيرات تتزايد، وكل ذلك يصب في اتجاه المضي قدما في اتجاه تفعيل آليات عمل الصندوق، وليس معنى أن الدول المتقدمة تتفاوض حول بعض التفاصيل التي ترى أنها تحقق مصالحها، أن هناك ارتداداً على هذا المكتسب الذي تحقق.
من الواضح أنكِ تثقين في أن "كوب 28" سيشهد إقرار الشكل النهائي للصندوق؟
سيشهد خطوة إلى الأمام، وقد يتم اعتماد حوكمة الصندوق بشكل نهائي أو جزئي، وهذا يعتمد على مدى جدية الدول ورغبتها، ولكن المؤكد أننا لن نرجع للخلف.
البعض رأى أن "كوب 27" لم تركز فقط إلا على تمويل الخسائر والأضرار على حساب الملفات الأخرى مثل تخفيف الانبعاثات والتكيف مع تغيرات المناخ؟
قضايا قمم المناخ، هي ملفات التكيف مع تغيرات المناخ والتخفيف من الانبعاثات والآليات التمويلية وتنمية القدرات، ويتم إعطاء الأولويات في كل قمة من خلال أجندة تحددها القمة السابقة، وكانت القمة السابقة لـ"كوب 27"، التي استضافتها غلاسكو، قد وضعت الهدف العالمي للتكيف، وأقرت مراجعته كل عامين، وبالتالي لم يكن مدرجا في أجندة "كوب 27"، لكن سيكون له أهمية في "كوب 28"، واهتمت "كوب 27" بالآليات التمويلية وتخفيف الانبعاثات، والأول كانت المطلب الأساسي للدول النامية في الاجتماعات التحضيرية لقمة المناخ في ألمانيا، والثاني كان مطلب الدول المتقدمة، وتم خلال القمة وضع برنامج عمل لتخفيف الانبعاثات، لم يرض طموح تلك الدول، ولكن هكذا تكون طبيعة المفاوضات، حيث لا تستطيع الحصول على كل شيء.
إذن من المؤكد أن الدول المتقدمة ستكون حريصة على طرح ملف التخفيف في قمة "كوب 28" بالإمارات، لاسيما أن التقرير الأخير للهيئة المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، يشير إلى أن العالم لا يسير على الطريق الصحيح في ملف تخفيف الانبعاثات؟
سيكون بالطبع لملف التخفيف وجود قوي لضمان ألا تزيد درجة حرارة الأرض على 1.5 درجة مئوية، كما ستشهد القمة التقييم العالمي الأول لاتفاقية باريس (Global Stocktake)، وهو عملية لتقييم تنفيذ اتفاقية باريس لهدف تقييم التقدم الجماعي العالمي نحو تحقيق الغرض من الاتفاقية وأهدافها طويلة الأجل (المادة 14).
إذن ستشهد القمة قضايا التكيف والتخفيف وإقرار حوكمة صندوق الخسائر والأضرار، بالإضافة إلى التقييم العالمي الأول لاتفاقية باريس؟
بالضبط، ستكون قمة الإمارات استثنائية وفي غاية الأهمية.
في اطار الحديث عن التخفيف، يتم طرح حلول مثل تخزين الكربون، فهل هذه الحلول منتشرة بالشكل الكافي لتحقيق فارق في تخفيف الانبعاثات؟
تحتاج إلى مزيد من التفعيل على الأرض، ولكن لا شك في أنها ستنتشر بشكل كبير، ولنا في تطبيقات الطاقة المتجددة خير مثال، ففي عام 2015، كان الحديث عن أنه لا يزال أمامها وقت طويل، لكن الوضع مختلف تماما الآن، فأنا أؤمن بأن الحاجة للشيء تخلق السرعة لتنفيذ متطلباته، فالمسألة أشبه بالعرض والطلب، فكلما زاد الطلب، زادت وتيرة البحث العلمي والتنفيذ على الأرض.
ما هو حجم التنسيق المصري الإماراتي قبل "كوب 28"؟
هناك تنسيق مستمر منذ شهر ديسمبر/كانون الأول بين مصر والإمارات في أكثر من مناسبة، وهناك تواصل دائم مع الفريق الرئاسي لقمة المناخ بدولة الإمارات، وعقدنا في فبراير/شباط اجتماعات مشتركة في ألمانيا. وشهدت أيضاً قمة الحكومات في دبي تنظيم ندوات خاصة بتغير المناخ، شاركت فيها الرئاسة المصرية لـ"كوب 27"، وهناك فريق من الرئاسة المصرية لـ"كوب 27" موجود في الإمارات حتى قمة "كوب 28" لتقديم الدعم والمساندة، وسأتوجه بعد عيد الفطر إلى الامارات لمناقشة تفاصيل بعض المبادرات التي سيتم طرحها خلال القمة، مثل مبادرة التنوع البيولوجي.
كان اللافت أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تلقى دعوة حضور القمة من سفيرة الإمارات بالقاهرة مبكراً، فهل يعبر ذلك عن حجم التنسيق الكبير بين الجانبين؟
دعوات المشاركة بالقمة عادة ما يتم توجيهها في شهر يونيو/حزيران، وبالقطع فإن حرص الإمارات على توجيه الدعوة مبكرا للرئيس المصري لضمان إدراجها في جدول أعمال الرئيس، إنما يعكس العلاقة الوطيدة بين الدولتين في جميع المجالات، ومن بينها البيئة.
هل التعاون المصري الإماراتي في مجال البيئة قاصر على قمة المناخ؟
قبل قمة المناخ، نحن نتعاون في ملفات بيئية كثيرة منها المحميات واستثمار المخلفات والطاقات المتجددة.
على ذكر التعاون المصري الإماراتي، إلى أي مدى وصل مشروع محطة إنتاج الكهرباء بطاقة الرياح، والذي يتم تنفيذه بالتعاون بين الجانبين؟
وزارة الكهرباء، هي المعنية بهذا الأمر، وسيكون هناك توقيع قريبا لإنشاء تلك المحطة، التي تخدم تحقيق أهداف خطة مساهمات الطاقة المتجددة، حيث تسعى مصر لأن تمثل الطاقة المتجددة 42% من إجمالي الطاقة في مصر بحلول عام 2035.
أخيراً: تعيين الدكتور سلطان بن أحمد الجابر رئيساً لقمة المناخ "كوب 28"، كيف قرأتيه؟
الدكتور سلطان الجابر هو المبعوث المناخي للإمارات، قبل أن تتقدم لتنظيم "كوب 28"، وهو يعي جيداً قضية المناخ، وملم بالمستجدات الدولية لهذا الملف، وأتصوّر أنه سيكون قادراً على تحقيق التوافق بين الجهات متعدة الأطراف في اتفاقية تغير المناخ.