التربية المناخية.. عالم جديد يضيف "أعباء الكوكب" على الآباء (حوار)
هل من مسؤوليات الآباء تجاه أبنائهم، محاولة القيام بشيء ما لحل المشكلات التي قد يسببها تغير المناخ؟. قد يبدو السؤال غريباً.
الأب المثالي في أذهاننا هو الذي يعتني بإطعام أطفاله، ويمنحهم مساحة للعب والوقت لاستخدام خيالهم، والتأكد من حصولهم على التعليم والرعاية الطبية، والاستماع إلى مشكلاتهم، وتعليمهم أن يكونوا في يوم من الأيام بالغين مستقلين، لكن ما هي علاقته بتغير المناخ؟.
في مقاله الذي نشره بموقع "ذا كونفرسيشن"، يؤسس كريج ستانبري، الباحث بمركز جامعة "موناش" للأخلاقيات الحيوية في أستراليا لهذه المسؤولية الجديدة للآباء، مؤكدا أن الأب المثالي، هو الذي يحاول أن يقوم بشيء ما تجاه مستقبل البيئة التي سيعيش فيها أبناؤه، وهو ما يثير عده تساؤلات منطقية عرضتها "العين الإخبارية" على ستانبري حول طبيعة الدور الذي يمكن أن يقوم به الآباء، وما مدى تأثير هذا الدور.
بداية: ما دوافعك لتبني هذا التوجه، والذي يمكن تسميته بـ"التربية المناخية"؟
الدافع بسيط للغاية، وهو أنه يجب أن نكون جميعا آباء صالحين نقاتل من أجل الأرض التي سيرثها أحفادنا، لأن تغير المناخ يهدد صحتهم وسبل عيشهم وحقوق البسيطة في المسكن الآمن.
ولماذا هذه النظرة المتشائمة؟
يحيلني سؤالك إلى افتراض قد يطرحه بعض الآباء الذين يرون أن هذا التوجه ليس ذي أهمية، فقد يفترض بعضهم، أن الغد سيكون أفضل من اليوم، وأن أطفالهم عندما يكبرون سيتجنبون الكوارث البيئية، ولن يواجهوا الجوع والمجاعات والحروب على الموارد الطبيعية، وسيكون مستقبلهم آمناً، وسيكون الهواء الذي يتنفسونه صافياً والماء الذي يشربونه نظيفاً، وهذا تصور يؤسفني القول أننا لا نسير في اتجاه تحقيقه، لأن الأمور تتجه من سيئ إلى أسوأ.
على أي الحقائق تستند لقول إن الأمور تتجه من سيئ إلى أسوأ؟
من المؤكد أنك سمعت عن اتفاقية باريس للمناخ، والتي تهدف إلى تجنب تغير المناخ الكارثي عن طريق منع العالم من الاحترار بمقدار درجتين زيادة عن مستويات ما قبل الصناعة، ولسوء الحظ لسنا على المسار الصحيح للقيام بذلك.
وماذا يعني ذلك؟
سيؤدي الفشل في تحقيق هذا الهدف إلى مقتل عشرات الملايين في القرن الحادي والعشرين وقدرا لا يُحصى من المعاناة التي لا تؤدي إلى الموت، ودرجات الحرارة الشديدة التي كانت تحدث فقط كل 50 عاماً ستحدث كل ثلاث سنوات، وسيزداد عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر، وسيتم المساس بحقوق الإنسان الأساسية في الغذاء والماء والمأوى والأمن، وسيعاني كل طفل على الأرض من خطر واحد على الأقل متعلق بالمناخ في حياته.
قد يرد عليك البعض بالقول: وماذا بإمكاننا أن نفعل، فمعالجة هذه القضايا من مهام الحكومات والمنظمات الدولية؟
سأرد عليهم بالقول: تخيّل، على سبيل المثال، أن طفلك ينطلق بسرعة في طريق به فتحة عملاقة في الرصيف، فعلى الرغم من أن مهمة السلطات المحلية هي ملء هذه الحفرة، فإنك لن تجلس وتسمح لطفلك بالاصطدام بها، بينما تدعي أن إصلاحها هو عمل شخص آخر، فأنت ملزم بالتدخل ومحاولة الحفاظ على سلامة طفلك، وينطبق نفس الأمر على تغير المناخ، فعلى الرغم من أنه يجب أن تكون مسؤولية معالجة هذا الأمر تقع على عاتق شخص آخر، فإن حماية الطفل تقع في النهاية على عاتقك، وكونك أباً صالحاً يعني أن تكون سلفاً صالحاً يقاتل من أجل الأرض التي سيرثها أحفادك.
وما الذي يمكن أن يفعله الآباء؟
يمكنهم مثلاً إجراء تغييرات في نمط الحياة تقلل من مساهمة عائلاتهم في تغير المناخ، مثل تناول كميات أقل من اللحوم وقيادة أقل وتقليل الرحلات الجوية، وأن نكون أكثر وعياً بكمية الأشياء التي نشتريها.
وهل ستكون مثل هذه السلوكيات مثمرة؟
قد تبدو بسيطة، لكن على الأقل فإن التزامك بها يعني أنك لا تغذي الطريقة التي نعيش بها أزمة تغير المناخ العالمية، وإلا فإننا سنكون كمن يشعل ألسنة اللهب في المنزل المحترق، ويمكن لهذه التغييرات في نمط الحياة أن تجعل الشركات والحكومات وأقراننا ينتبهون لها.
وبخلاف هذه السلوكيات، هل هناك أشياء أخرى يمكن للآباء أن يفعلونها؟
يجب على الآباء تربية أطفالهم كمواطنين بيئيين صالحين، عن طريق توعيتهم بالظلم المناخي العالمي، وهذا الواجب وثيق الصلة بشكل خاص بالعائلات في البلدان الغنية التي استفادت من قرون من الاستغلال البيئي، فعندما يعاني الآباء في غامبيا من المجاعة ولا يستطيعون إطعام أطفالهم، والكثير منا في أستراليا لديهم الكثير من الطعام، فهناك ظلم مناخي.
كما يجب أيضا أن يصبح الآباء ناشطين في مجال المناخ، ويمكن أن يكون ذلك عن طريق التحول إلى البنوك التي تستثمر في الطاقة المتجددة، أو حضور الفعاليات البيئية، أو توقيع العرائض التي تنادي بمطالب بيئية، ويمكن أن يشمل أيضاً الانضمام إلى حركات جماعية تسهل على الناس أن يعيشوا "أكثر اخضرارًا"، على سبيل المثال، حركات لتحسين وسائل النقل العام بحيث يكون من الأسهل العيش بدون سيارات أو تقليل العبوات البلاستيكية.
aXA6IDE4LjExOS4xNTkuMTk2IA==
جزيرة ام اند امز