باحثة أمريكية لـ"العين الإخبارية": التغير المناخي يهدد حياة الخفافيش ويخل بالتوازن البيئي (حوار)
حازم بدر
ارتبطت الخفافيش في الأذهان بانطباعات سلبية تربطها بجائحة "كوفيد 19"، باعتبارها مرشحة لأن تكون العائل الأساسي للفيروس الذي نقل منها إلى البشر بشكل مباشر أو عبر وسيط.
ولكن تقرير أمريكي لتحالف أمريكا الشمالية للحفاظ على الخفافيش يكشف عن وجه إيجابي لها، يتمثل في قيمتها الكبيرة في التوازن البيئي، والذي يؤدي الإخلال به إلى خسائر اقتصادية كبيرة، وحذر التقرير من أن "تغير المناخ" يعد الخطر الأساسي الذي يشكل تهديدا لهذا التوازن.
وبينما يأخذ الحديث عن تغير المناخ اتجاهات تتعلق بتأثيره على الطقس، أو حرائق الغابات أو ذوبان الجليد في القطلب الشمالي، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع مستوى مياه البحر، فإن مثل هذه التفاصيل البسيطة، عن العلاقة بين تغير المناخ وانقراض بعض أنواع الخفافيش قد تكون غائبة، وهي المشكلة التي عالجها التقرير الذي تتحدث عنه دوينيفريد فريك، كبيرة العلماء في التحالف، وأحد المشاركين في إعداده، في مقابلة خاصة مع "العين الإخبارية"، حيث تطرقت خلال الحوار إلى أهمية الخفافيش في التوزان البيئي، والوضع الآن مع تغير المناخ.. وإلى نص الحوار.
بداية، ما هو تحالف أمريكا الشمالية للحفاظ على الخفافيش؟
هذا تحالف غير رسمي بين الوكالات الحكومية والمنظمات غير الحكومية والعلماء وأفراد الجمهور المهتمين بالحفاظ على الخفافيش، ويتمثل دوره في تسهيل التنسيق والتواصل بين الأطراف المهتمة بالحفاظ على الخفافيش في أمريكا الشمالية من خلال تبادل المعلومات ذات الصلة وتعزيز الأنشطة التعاونية.
وما سبب كل هذا الاهتمام بالخفافيش؟
يكفي أن تعرف أنها تلعب دورا مهما للغاية في النظم البيئية الصحية اللازمة لحماية كوكبنا، فهي على سبيل المثال توفر على الزراعة الأمريكية مبلغا قدره 3.7 مليار دولار سنويا من خلال التهام الحشرات المدمرة للمحاصيل، كما أن بعضها ملقحات نباتية، وتعمل أيضا كفريسة للحيوانات الأخرى، بما في ذلك الصقور والبوم وابن عرس.
ربما وجهها المثير للاشمئزاز ثم ارتباطها بجائحة كوفيد 19 هو ما يجعل البعض ينفر من اسمها رغم هذه الفوائد.
ليست مشكلة الخفافيش أن البشر أصيبوا بالفيروسات التي تحملها، فهي متكيفة مع تلك الفيروسات بسبب نظام مناعي فريد، لكنها ورغم ذلك سقطت فريسة لمرض فطري تسبب في وفاة الملايين منها، وربما كان الاهتمام العلمي منقطع النظير بالعثور على حل لتلك المشكلة كاشفا عن الدور الذي تلعبه الخفافيش في النظام البيئي.
وما هو هذا المرض؟
هو مرض فطري يسمى "متلازمة الأنف الأبيض"، والذي يهاجم الخفافيش عند السبات ويخلق بقعا ضبابية على أجنحتها يجعلها تستيقظ مبكرا من السبات وتطير في بعض الأحيان إلى الخارج، ويؤدي ذلك إلى حرق مخازن الدهون الشتوية والموت جوعا في نهاية المطاف، وقد تعاونت أكثر من 150 وكالة ومنظمة غير ربحية وجامعة في مكافحة المرض.
وما الوضع الآن بالنسبة لهذا المرض؟
تم إدراج 8 أنواع من الخفافيش الأمريكية على أنها مهددة بالانقراض أو على وشك الانقراض بسبب هذا المرض، وصنفت دائرة الأسماك والحياة البرية الفيدرالية بأمريكا، الخفافيش الشمالية طويلة الأذنين على أنها مهددة بالانقراض العام الماضي، كما اقترحت ضم الخفاش ثلاثي الألوان للقائمة أيضا، ويتم حاليا تقييم الخفاش البني الصغير لإدراجه في القائمة المحتملة، وتوجد الآن العديد من الأدوات قيد التطوير لمكافحة هذا المرض، منها اللقاحات والبخاخات المضادة للفطريات والعلاجات بالأشعة فوق البنفسجية.
وهل هناك مشاكل أخرى تهدد الخفافيش؟
الخفافيش معرضة للخطر أيضا بسبب قطع الأشجار والزحف العمراني وحرائق الغابات. ما يهدد الخفافيش التي تعيش على الأشجار خلال فصل الصيف، وأحيانا يزعج الناس الخفافيش التي تعيش فترة السبات الشتوي من خلال استكشاف الكهوف والمناجم المهجورة، والمشكلة الأكبر الآن تتعلق بتغير المناخ.
وكيف يهدد تغير المناخ الخفافيش؟
من المتوقع أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم التحديات، مما يتسبب في مزيد من العواصف الشديدة وتقلبات درجات الحرارة، وهذا من شأنه أن يجعل 82٪ من أنواع الخفافيش في أمريكا الشمالية معرضة لخطر تأثيرات الاحتباس الحراري.
وتم إنقاذ أكثر من 1500 خفاش في ديسمبر الماضي بعد تعرضها لصدمة منخفضة الحرارة أثناء التجمد المفاجئ في هيوستن، حيث فقدت قبضتها وسقطت، كما أن الجفاف والظروف القاحلة بشكل متزايد ستترك الخفافيش مع مياه شرب أقل، ما يؤدي إلى قتل البعض ومنع البعض الآخر من التكاثر، ومع جفاف المياه السطحية تقل أماكن الطيران بحثا عن الحشرات المائية.
ومن المفارقات أن توربينات الرياح، وهي مصدر رئيسي للطاقة المتجددة يمكن أن تساعد في إبطاء تغير المناخ، تشكل مشكلة أخرى للخفافيش. حيث أشرنا في التقرير إلى أن ما يقدر بنحو 500 ألف خفاش تمثل 45 نوعا تموت كل عام في تصادم مع هياكل توربينات الرياح.
وهل من حلول لتلك المشكلة؟
أحد الحلول التي نروج لها هي الأجهزة الصوتية التي من شأنها أن تجعل الخفافيش تبتعد عن التوربينات، ولكن أصل المشكلة هو تغير المناخ، فلا يوجد له حل سوى العمل على تنفيذ التعهدات العالمية بتخفيض الإنبعاثات، وإلا سيكون التوازن البيئي مهددا، وانقراض الخفافيش هي أحد مظاهر الخلل في التوزان.