عمار الأسود.. قصة إعلامي سوري غيب الزلزال عدسته
على عكس توقعاته، لم تدم الصحبة طويلا حتى غيب الزلزال أعز الرفاق لتتحول الدنيا بنظر الإعلامي مصطفى أبو عرب إلى صندوق يضيق به صدره.
ولم يمض 5 أشهر على زواجه، حتى غيب الزلزال عمار الأسود الذي نقل الواقع السوري بكل تجرد ومهنية أثناء عمله بشكل مستقل مع العديد من الوكالات الإعلامية المحلية والعالمية إضافة لعمله في جمعية إنسانية تعنى بالوصول إلى الحالات الفقيرة وذات الإعاقة لتقديم ما أمكن لمساعدتهم على الانخراط في الحياة.
وسكن الإعلامي مصطفى أبو عرب، صديق الراحل، في مدينة كفر تخاريم شمال غرب سوريا، على مقربة من مدينة سلقين، حيث يعيش زميله في العمل عمار الأسود بعد أن تزوج في شهر سبتمبر/أيلول من العام الماضي ونظم حفلة زفاف دعا إليه زملائه في أحد المزارع القريبة من المدينة.
وكان مصطفى من أوائل الحضور بلباسه البدوي الخالص، على ما قاله لـ"العين الإخبارية"، قبل أن يوضح "حضرت ذلك اليوم حتى أرى الأسود عريسا ببدلته الرسمية وحتى أفرح معه وأشاركه كل لحظة سرور ورقصت على الطريقة البدوية أكثر من 3 ساعات حتى أوصلنا عمار لصالة الزفاف وتركناه مع عائلته".
وتابع "وبالرغم من بعد المسافة بين منزلي ومنزله، لا يمضي أسبوع إلاّ نلتقي ونتبادل الأحاديث والمرح الذي كان يبرع به عمار لينسيني ما أنا فيه من هموم النزوح والابتعاد عن الديار".
ومضى قائلا "تجمع الكثير من الإعلاميين والصحفيين حوله لما له من خفة دم، فمن ينسيني مرارة فراق عمار اليوم ومن سيساعدني على كبد العيش بعد أن خسرت أغلى ما أملك من صديق".
وغيبت أثار الزلزال العديد من كوادر الدفاع المدني والأطباء ورؤساء الفرق الإنسانية وإعلاميين وصحفيين كان لهم دور ريادي بالمجتمع الذي يعاني من الحرب منذ أكثر من 11 عاما، لا سيما العاملين في مجال الصحافة والإعلام الذين وثقوا بعدساتهم الأوضاع الاجتماعية والإنسانية للسوريين.
وفي صبيحة 6 من فبراير/شباط الجاري، هز زلزال مناطق شمال غرب سوريا وتسبب بلحظته الأولى في مقتل مئات السكان، لكن مصطفى أبو عرب سارع حينها لإخراج أبناءه من المنزل، حيث يعيش في برج سكني في مدينة كفر تخاريم ولجأ لمخيم قريب وهو يحاول تفسير ما جرى واستيعاب الرعب الذي عاشه مع عائلته.
وبعد حوالي ساعة واحدة، أراد الاتصال بصديقه عمار إلا أن شبكة الإنترنت تضررت بالمنطقة وتوقفت عن العمل، وظل يحاول الاتصال به منذ الساعة الخامسة صباحا إلا أنه لم ينجح في الوصول إليه.
ويقول أبو عرب "لم يتبادر لذهني ما جرى، وعند الساعة التاسعة قادني الحنين للذهاب إلى مدينة سلقين، حيث يسكن عمار وعدد من زملائي هناك.. دخلت المدينة والخوف اشتعل في قلبي من المناظر التي رأيتها".
ومضى قائلا "هل هذه مدينة سلقين؟ كانت الكثير من البنايات منهارة على الأرض، أشخاص عاديين متجمعين حول كل بناء لإنقاذ أحد العالقين تحت الركام بأيديهم العارية".
أبو عرب قال أيضا، "وصلت إلى حيث يسكن عمار، إذ سويت شقته في الطابق الرابع بالأرض تماما.. قلت نفي نفسي: ربما خرج وزوجته ونجا، لكني رأيت والده الطاعن بالسن والدموع تنهمر على وجنتيه".
وتابع "همس الرجل في أذني بأن صديقي رحل، وزاد من حزني وكمدي رؤيتي للجرافة وهي تزيل الأنقاض بكل قسوة وترفع الأسطح المتساقطة وتكسر البناء بحثا عن جثة عمار الذي كان يملأ الدنيا فرحا".
aXA6IDMuMTM1LjIwOC4xODkg جزيرة ام اند امز