العراق أمام الفرصة الأخيرة.. الفقر والعطش بانتظار حكومة السوداني
حكومة السوداني المزمع تشكيلها ستكون أمام إرث كبير من المشكلات، بينها أزمة السكن والفقر والبطالة والمياه والمناخ وغيرها.
فيما يتحرك رئيس الوزراء العراقي المكلف لتشكيل حكومته واختيار الشخصيات المناسبة لتسلم المناصب الوزارية المزمع الإعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة، يرى خبراء ومعنيون بالشأن العراقي أن هنالك الكثير من التحديات والمهام المعقدة وفي صعد مختلفة بانتظار تلك الحكومة معالجات حاسمة لا تقبل التجريب والمغامرة.
وتتوزع تلك التعقيدات ما بين قطاعات مختلفة يقع بعضها عند جوانب إشكالية في السياسة والأمن والمجتمع وأخرى مفصلية وحرجة تتعلق بالاقتصاد، يعده معنيون بأن إيجاد المعالجات في ذلك الجانب ستقود بالنهاية إلى انفراجات على البقية من النواحي الأخرى.
- انقطاع الكهرباء عن جنوب العراق.. مسؤول يكشف لـ"العين الإخبارية" الأسباب
- النزاهة النيابية العراقية: مسؤولون كبار متورطون في سرقة القرن
ورغم امتلاك العراق الثروات الكبيرة من بينها النفط والمعادن الأخرى، إلا أن ذلك لم يدفع البلاد للخروج من عنق الاحتياج الخارجي والقدرة على التماسك والبناء داخلياً جراء السياسات الخاطئة التي حكمت القرار الاقتصادي طيلة العشرين عاماً.
وكان العراق قد تعرض إلى أزمات كبيرة، كان أخطرها في أغسطس/آب 2020 حين ضربت تداعيات كورونا وظروف الإغلاق العالمية إلى انخفاض أسعار النفط بشكل كبير، مما حدا بحكومة الكاظمي إلى الاقتراض ولأكثر من مرة لتأمين رواتب الموظفين.
وتعتمد البلاد في تسمين خزينتها المالية من عائدات بيع النفط الخام بنسبة تتجاوز الـ92%، مما يجعل اقتصاد العراق ريعياً محكوماً بتقلبات سوق الطاقة، يقابلها تعطل لأغلب المصانع والمعامل الكبرى وغياب أسس التنمية والبناءات الرصينة.
ومع اجترار السنوات التي أعقبت عام 2003 باتت البلاد أمام أزمات متصاعدة وخانقة تنذر بانهيارات كبيرة لتماسك الدولة والبنى المؤسساتية، من بينها شح المياه الذي دفع إلى تقلص أكثر من 75% من مساحات الأراضي الزراعية، وكذلك ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وغيرها.
المستشار المالي لرئيس حكومة الكاظمي المنتهية ولايته يقول "في تقديري أن التحدي الرئيسي والملح الذي ستواجهه الحكومة الجديدة يتمثل بقضيتين محوريتين من التحديات، الأولى: التصدي لمشكلات نقص المياه ولا سيما الموارد المائية المتعلقة بالإرواء الزراعي بسبب نقص واردات المياه من دول الجوار، وارتفاع مستويات التصحر والهجرة من الأرياف إلى المدن".
ويضيف مظهر محمد صالح، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "ذلك الأمر الذي زاد من مشكلات الفقر التي تتراوح بين (٢٣-٢٥)%، وهو ما يتطلب استقرارا زراعيا عاليا، يفرض البدء بدبلوماسية مياه عالية مع دول الجوار، وأقصد بلدان المنبع".
فيما يتمثل التحدي الثاني، بحسب صالح، بـ"تفاقم مستوى البطالة واعتماد استراتيجية تشغيل متماسكة، من خلال إيجاد فرص عمل مضمونة ومواجهة معدلات البطالة التي يقدر حدها الأدنى الإجمالي بنحو ١٦% من إجمالي السكان الناشطين اقتصاديا (ممن هم في سن العمل والقادرين عليه والراغبين فيه)، إذ يقدر عددهم بنحو ١٤ مليون شخص، بمن فيهم العاملون في القطاع الحكومي، في وقت تتلقى سوق العمل طلبات تشغيل سنوية لا تقل عن ٤٥٠ ألف عامل، ما يقتضي الأخذ بالسياسات الاقتصادية التي تنشط عمل القطاع الخاص من خلال إشاعة التمويل الميسر بما يحقق فرص عمل متساوية للجميع".
وخلال الـ8 سنوات الماضية، كان الفقر والبحث عن فرص عمل للشباب، الأسباب الرئيسية في إشعال المظاهرات الاحتجاجية في البلاد دون أن تجد السلطات المختصة المعالجات المناسبة.
من جانبه، يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي ناصر الكناني، لـ"العين الإخبارية"، إنه "من المسلمات الرئيسية في مفاهيم الدولة ومنذ منتصف القرن العشرين وصعوداً، أن الاقتصاد من أجل السياسة ومن دون ذلك لا يمكن الحديث عن سيادة وريادة ودوام واستقرار".
ويوضح الكناني أن "حكومة السوداني المزمع تشكيلها ستكون أمام إرث كبير من المشكلات، بينها أزمة السكن والفقر والبطالة والمياه والمناخ وغيرها، مع الانتباه أن تلك التحديات لا تكمن خطورتها في مجرياتها الآنية فحسب، وإنما بأن البلاد لم تعد تحتمل أي محاولة خاطئة أو اجتهاد دون تخطيط واعي".
ويحذر الكناني من أن "المرحلة المقبلة تستدعي اختيار شخصيات كفوءة ومهنية ولديها القدرات المتميزة في توصيف وإيجاد المعالجات الاقتصادية للأزمات المستعصية في البلاد، وهو ما يجب الالتفات له من قبل رئيس الحكومة المكلف بعدم السماح لأي محاولات حزبية محاصصاتية لفرض شخصيات غير مناسبة".
ويتابع بالقول "التحديات باتت معروفة ومكشوفة أمام المختصين وغيرهم من فقر وبطالة وفساد وتعطل للصناعة الوطنية، فضلاً عن عطش نهري دجلة والفرات، وبالتالي فإن الحلول تكمن في التعامل الجاد والعملي بما يهدم تلك العراقيل ويؤسس مساراً للإنقاذ على مستويات التنمية والبناء".