السلام بين روسيا وأوكرانيا في ميزان الاقتصاد

تولت الولايات المتحدة هندسة اتفاق السلام بين روسيا وأوكرانيا، بعد أول لقاء يجمع بين وزراء خارجية الدولتين في الرياض منذ بداية الحرب.
ومع اقتراب تحقيق السلام بين أوكرانيا ورسيا، يمكن أن نرى كيف بدأ المستثمرون الرهان على ذلك في ارتفاع سعر سندات الضمان المرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو، المرفقة بسندات أوكرانيا المعاد هيكلتها والمستحقة في عامي 2024 و2035، التي لا يتم سدادها إلا إذا تم استيفاء شروط معينة.
وبحسب "فايننشال تايمز"، قدّم غولدمان ساكس تقديرا للسوق في ظل احتمال التوصل إلى اتفاق سلام يساعد أوكرانيا على إعادة بناء اقتصادها.
وعلى الرغم من عدم وجود تفاصيل حول ما قد يستلزمه تثبيت هدنة أو تحقيق السلام، فإن هذا يعني أن المحللين يمكنهم على الأقل البدء في تخمين التأثير.
ومهما كان الرأي العام في المزايا السياسية والجيوسياسية لاتفاق السلام المحتمل وكيف قد يتم التعامل مع أوكرانيا في هذه العملية، فإن الاتفاق قد يمثل نعمة اقتصادية كبيرة.
ورسم خبراء الاقتصاد في غولدمان ساكس التداعيات الاقتصادية والمالية المحتملة لسيناريوهين، هدنة أكثر محدودية وإنهاء تدريجي للحرب، أو حالة إيجابية مع اتفاق "شامل وموثوق" لوقف الحرب.
الاستنتاجات الرئيسية
أولا، من المرجح أن يكون القطاع الأكثر تأثرا بعملية السلام أو الهدنة هو الغاز الطبيعي، وبناءً على استراتيجيية السلع الأساسية لدى غولدمان ساكس، فمن المحتمل أن يكون هناك سيناريو تدفق محدود للغاز، مع انخفاض أسعار الغاز بنسبة 15%، وسيناريو تدفق بتويرة أعلى يخفض الأسعار بنسبة 50%.
ويقدر الخبراء أن التضخم سيكون أقل بمقدار 0.15 نقطة مئوية و 0.5 نقطة مئوية في السيناريوهين على التوالي، مع ارتفاع محتمل في الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بنسبة 0.1% أو 0.34% من خلال زيادة الإنفاق الاستهلاكي والإنتاج.
ثانيا، انخفضت ثقة المستهلك بشكل حاد في جميع أنحاء منطقة اليورو مع بداية الحرب، ما يشير إلى إمكانية التعافي مع وقف إطلاق النار.
مع ذلك، يشير تحليل غولدمان ساكس، إلى مكاسب محتملة صغيرة في الثقة، وذلك لأن التضخم المرتفع لعب دورًا رئيسيًا في خفض الثقة في عام 2022 وأن مقاييس المخاطر الجيوسياسية قد عادت إلى طبيعتها إلى حد كبير.
تشير تقديرات الخبراء إلى مكاسب متواضعة مدفوعة بالثقة في الناتج المحلي الإجمالي تتراوح بين 0.03% و 0.09% في السيناريوهين.
ثالثا، إن إعادة بناء البنية الأساسية المتضررة في أوكرانيا قد تدعم النمو في مختلف أنحاء أوروبا.
وبالجمع بين سيناريوهات خبراء الاقتصاد في منطقة أوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا فيما يتصل بنفقات إعادة البناء ومرونة التجارة المعقولة، نجد أن إعادة البناء في أوكرانيا قد تؤدي إلى زيادة طفيفة في الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو تتراوح بين 0.02% و0.08%.
رابعا، تقدر الأمم المتحدة أن 2.6 مليون لاجئ أوكراني انتقلوا إلى منطقة اليورو منذ اندلاع الحرب.
وبناءً على دراسات حديثة، يتضح أن اللاجئين عززوا عرض العمالة في منطقة اليورو بنسبة 0.4%، وأنهم استلزموا إنفاقًا عامًا بنسبة 0.2% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا في المنطقة.
وبافتراض أن 15% إلى 50% من اللاجئين سيعودون إلى ديارهم بعد وقف إطلاق النار، فإن خبراء غولدمان ساكس يقدرون التأثير السلبي على الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 0.06% إلى 0.21%، على أن يكون أكبر تأثير في ألمانيا.
خامسا، أدت الحرب في أوكرانيا إلى تشديد الظروف المالية في مختلف أنحاء أوروبا، حيث قامت الأسواق بتقدير الصراع باعتباره حدثاً محفوفاً بالمخاطر، مع انخفاضات كبيرة في أسعار الأسهم وعائدات السندات طويلة الأجل.
ويفترض الخبراء أن بعض هذا التشديد في الظروف المالية سوف يتلاشى في حالة وقف إطلاق النار، مع تقديرات بنمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة بين 0.06-0.13%.
سادسا، بالنظر إلى هذه النتائج مجتمعة، فإن تحليل الخبراء يشير إلى زيادة محتملة في الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو بنسبة 0.2% في سيناريو وقف إطلاق النار المحدود، قد تصل بحد أقصى لنسبة 0.5% في السيناريو الآخر.
وبالتالي، يشير التحليل إلى نمو أوروبي متواضع في حالة وقف إطلاق النار، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل.
وبالنظر إلى مختلف البلدان، فإن تقديرات الخبراء أن التأثيرات بالنسبة للنمو ستكون بنسبة 0.1% في ألمانيا وحوالي 0.2% في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
ونظراً لتوقعات انخفاض التضخم العام وارتفاع النمو بشكل متواضع، فمن غير المرجح أن يخلف وقف إطلاق النار آثاراً كبيرة على سياسة البنك المركزي الأوروبي.
مع ذلك، يعتقد الخبراء أن مجلس المحافظين من المرجح أن يتحقق من أي انخفاض في التضخم العام، وسيركز بشكل أكبر على تقليص المخاطر السلبية التي تهدد النمو، خاصة في حالة التوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار.