المطالب الاقتصادية للمنتفضين تضع نظام الملالي في مأزق
النظام يفضل التظاهرات السياسية، لأن التظاهرات ذات المطالب الاقتصادية يصعب السيطرة عليها
في الانتفاضة الشعبية ضد نظام الملالي الديكتاتوري بإيران لا يمكن الفصل بين الدوافع السياسية والاقتصادية لتحريك المحتجين نحو تخليص بلادهم في الحكم الفاشي الذي أدت سياساته إلى تدمير اقتصاد البلاد ونهب ثرواتها وزيادة ثراء جنرالات الحرس الثوري وإفقار الشعب.
وبرغم الشعارات السياسة المناهضة لنظام الملالي التي رددها المنتفضون فإن الدافع الأكبر يكمن في إجراءات التقشف التي لجأت لها سلطات إيران كسبيل سهل للهروب من مسؤولياتها عن تردي الأوضاع وإهدار أموال البلاد ونهبها.
وبحسب ما نقلته وكالة فرانس برس عن إسفنديار بتمانقليج، مؤسس مجموعة "أوروبا إيران بزنس فوروم": أن ما جعل الناس تنزل للشوارع هي المشاكل الاقتصادية، والإحباط من عدم وجود فرص عمل، والغموض في مستقبل أولادهم".
وأضاف أن صبر الناس نفد من تكرار هذه الإجراءات، خاصة بعد مدة طويلة من العقوبات المفروضة على طهران بسبب السياسات المغلوطة والصدامية لحكام إيران.
يذكر أن شرارة الاحتجاجات انطلقت، الخميس، في مدينة مشهد، ثاني كبرى المدن الإيرانية، وسرعان ما عمّت عدداً كبيراً من مدن البلاد، وأسفرت عن قيام قوات الأمن الإيرانية بإجراءات قمعية معتادة نتج عنها قتل 12 شخصاً واعتقال وتوقيف المئات ووقوع أعمال عنف في مناطق عدة ارتكبتها قوات نظام الملالي.
ودفعت الأحوال الاقتصادية المتردية المتظاهرين إلى الهتاف ضد مرشد إيران ورئيسها، مرددين "الموت للطاغية" ومستهدفين عدداً من رموز النظام، في هذه الاحتجاجات الأكبر منذ عام 2009.
الغضب الذي أثارته الأوضاع الاقتصادية ينتشر في المجتمع الإيراني منذ سنوات، وقد هيمن على الانتخابات الرئاسية التي جرت في أيار/مايو الماضي.
وازداد الغضب مع تسبب سياسات نظام الملالي في انهيار مؤسسات إقراض كانت تتعامل مع ملايين المستثمرين. وهذه الشركات انتشرت في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وانهارت مع انفجار الفقاعة العقارية.
ويقول المحلل السياسي المقيم في طهران مجتبى موسوي "لم تفاجئني هذه التظاهرات، لقد شهدنا في العامين الماضيين تظاهرات ضد المصارف وشركات الإقراض".
ويضيف "كل الناس يقولون إن المتظاهرين هم من الفقراء، لكن هناك الكثير من المتظاهرين من أبناء الطبقة الوسطى الذين فقدوا أموالهم".
ومما يزيد من أهمية تلك الانتفاضة وخطورتها على نظام الملالي بحسب الخبراء، هي أنها تتخذ طابعاً اقتصادية حيث يرى المحللون أن "النظام يفضل التظاهرات السياسية؛ لأن التظاهرات ذات المطالب الاقتصادية يصعب السيطرة عليها". ولا يوجد مبرر جاهز لقمعها.