محمد العريان يحذر من صدمة اقتصادية تنتظر بريطانيا بعد جنازة الملكة
تقبل بريطانيا على أيام صعبة اقتصاديا في ظل الشكوك بنجاح خطتها الجديدة للنمو، وهو ما سيتكشف بالتفصيل في أعقاب نهاية الحداد على الملكة.
وحسب المحلل الاقتصادي العالمي محمد العريان، سيعاود البريطانيون اهتمامهم بالاقتصاد بعد انتهاء فترة الحداد والجنازة الرسمية للملكة إليزابيث الثانية، وهم بالتحديد ينتظرون خطة رئيسة الحكومة البريطانية الجديدة ليز تراس.
والعريان ليس واثقا من نجاح خطة تراس التي ستعلن تفاصيلها خلال الأيام القليلة المقبلة، مستندا في شكوكه إلى 4 مخاطر اقتصادية ومالية.
- أرخص سيارة SUV في مصر.. مواصفات تنافسية في الفئة الأكثر طلبا
- سر توافر "بيبسي" في روسيا رغم انسحاب الشركة منذ 6 أشهر
وحسب تحليل العربان الذي نشرته وكالة بلومبرج، فإنه في ظل تصاعد حدة أزمة أسعار المستهلك، تحركت رئيسة الوزراء الجديدة بسرعة منذ أسبوعين وأعلنت اعتزامها حماية الأسر من الزيادة الحادة المنتظرة في فواتير الطاقة.
التوسع في الاقتراض لزيادة الدعم
وبحسب الخطة الحكومية فإن الزيادة المنتظرة في قيمة فاتورة الكهرباء للأسرة العادية في بريطانيا لن تتجاوز 25% خلال العامين المقبلين، في حين كان المفترض زيادتها إلى 3549 جنيها استرلينيا سنويا، مقابل 1971 جنيها استرلينيا حاليا.
كما ستحصل الشركات البريطانية على دعم لمدة 6 أشهر لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، رغم أنه لم يتم وضع الهيكل المحدد لهذه الخطة.
كما ستقدم الحكومة دعما ماليا إضافيا من خلال إلغاء الزيادة في ضريبة الشركات التي أعلنتها حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، وربما تتراجع عن الزيادة في رسوم التأمين القومي.
وهناك أيضا محادثات لخفض الضرائب والرسوم العامة. في الوقت نفسه وعلى جانب العرض، تحرص الحكومة على تسريع وتيرة تنمية المصادر المحلية للطاقة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، مع قيام بنك إنجلترا المركزي بتوفير
سيولة نقدية قيمتها 40 مليار جنيه استرليني لدعم موردي وموزعي الطاقة في البلاد.
وسيتم الكشف عن القيمة الإجمالية لتكلفة الدعم المالي للأسر والشركات في مواجهة أسعار الطاقة المرتفعة أوائل الأسبوع المقبل.
والأمر المؤكد في هذه المرحلة هو أن الحكومة تعتزم تغطية هذه النفقات الإضافية من خلال التوسع في الاقتراض، بعد أن تراجعت بشكل خاص عن ضريبة الأرباح الاستثنائية على شركات الطاقة وضرائب التضامن التي تم الحديث عنها خلال الشهور الماضية.
خطورة كبيرة
ويقول العريان إن هذا التوجه ينطوي على خطورة كبيرة لأن التوسع في الاقتراض الحكومي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع قيمة العملة وكلاهما يغذي مخاطر الركود التضخمي.
وكلما تراجعت الأسواق عن شراء أدوات الدين الحكومي، زادت الضغوط على بنك إنجلترا المركزي لكي يرفع أسعار الفائدة بوتيرة أقوى، وفقا للعريان.
أما ثاني المخاطر التي تنطوي عليها سياسات تراس المقترحة، فهو الفشل في ضمان تحقيق نمو اقتصادي كاف بسرعة.
وهناك بالفعل شكوك في قدرة التخفيضات الضريبية الحالية على زيادة الطلب الاستهلاكي للأسر والإنفاق الاستثماري المستدام للشركات.
وهذا هو ما يحدث عندما لا تتزامن إجراءات التحفيز المالي مع إصلاحات هيكلية أكثر شمولا تستهدف تعزيز النمو وزيادة إنتاجية الاقتصاد، كما يقول العريان.
وحتى الآن لم تعلن الحكومة عن الإجراءات التي ستساعد في دفع الشركات والأسر نحو تحسين كفاءة استهلاك الطاقة والتصرف بطريقة أكثر توافقا مع قواعد السوق.
تعقيد جهود محاربة التغير المناخي
أما الخطر الثالث فيتمثل في احتمال أن تؤدي جهود الحكومة لاحتواء أزمة ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري على المدى القصير إلى تعقيد جهود محاربة التغير المناخي التي لم تكتسب الزخم المطلوب حتى الآن.
وأخيرا يتمثل الخطر الرابع في أن جهود الحكومة البريطانية الجديدة لتحقيق النمو الاقتصادي، تأتي في الوقت الذي يتباطأ فيه الاقتصاد العالمي بوتيرة أسرع مما يتوقع الكثيرون.
فالقوى الاقتصادية الرئيسية بالنسبة لبريطانيا وهي الولايات المتحدة والصين ومنطقة اليورو تواجه حاليا مخاطر الركود وإن كان بدرجات متفاوتة.
وتابع: "إن تركيز حكومة تراس الجديدة على نمو الاقتصاد أمر صائب. ونجاح منهجها بالتحديد سيعتمد في جزء كبير منه على كيفية التعامل مع ثلاث مخاطر مازالت بعيدة عن الحل، وخطر رابع خارج عن سيطرتها تماما".