الآثار الاقتصادية المتوقعة لهدنة غزة.. كيف تستفيد دول الجوار؟
أجمع خبراء اقتصاديون وشركات أبحاث دولية على أن الفترة المقبلة سيشهد الاقتصاد المصري وبعض دول الشرق الأوسط تحولات إيجابية جذرية على خلفية اتفاق غزة.
وتوصلت إسرائيل وحماس إلى اتفاق الأربعاء الماضي، فيما بدأت حماس صباح اليوم الأحد تسليم قائمة الرهائن، استعدادًا لتفعيل الاتفاق الذي يمثل خطوة كبيرة نحو تهدئة التصعيد.
وخلال الساعات الماضية شهدت السندات المصرية المقومة بالدولار والمتداولة عالميًا ارتفاعًا ملحوظًا، بالتزامن مع انخفاض تكلفة مبادلة المخاطر الائتمانية عقب الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
- تكلفة مبادلة المخاطر الائتمانية لأجل عام: انخفضت إلى 3.19% من 3.54%.
- عقود التأمين لأجل 5 سنوات: تراجعت إلى 5.41% مقارنة بـ5.74%.
يعكس التراجع انخفاض علاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون، ما ساهم في تحسين أسعار السندات المصرية.
قناة السويس والخسائر الاقتصادية
قناة السويس تُعد مصدرًا أساسيًا للعملات الأجنبية في مصر، مما جعل تراجع إيراداتها يضغط على الاقتصاد ويؤثر على مفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي.
قال الدكتور أحمد شوقي، الخبير الاقتصادي، إن إعلان وقف إطلاق النار في غزة من المتوقع أن يُسهم في تقليل المخاطر الجيوسياسية والائتمانية بالمنطقة، مما يعزز النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري من قبل المؤسسات الدولية، بما في ذلك وكالات التصنيف الائتماني.
وأضاف في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الاقتصاد المصري تأثر بحرب غزة، حيث تراجعت إيرادات قناة السويس بشكل كبير خلال عام 2024. ومع عودة الهدوء، يُتوقع أن تتوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مما سيعيد حركة الملاحة بالقناة إلى طبيعتها ويُحسن عائداتها، مما يُساعد مصر على استعادة أحد مواردها الدولارية الرئيسية، ويعزز قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الخارجية ويخفف الضغط على الاحتياطي النقدي الأجنبي.
ذكرت "كابيتال إيكونوميكس" أن الاقتصادات القريبة من مناطق الصراع مثل مصر، والأردن، ولبنان تأثرت بشكل أكبر من غيرها.
كما أشارت إلى أن هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر بأكتوبر/تشرين الأول 2023 أدت إلى توقع فقدان قناة السويس نحو 7 مليارات دولار من إيراداتها في 2024، مقارنة بإيرادات بلغت 9.6 مليار دولار في 2023، والتي كانت أقل من التوقعات الأصلية البالغة 10.5 مليار دولار.
- عقوبات أمريكية ضد «بنك YKB» الداعم للحوثيين.. حصار مالي للمليشيا الإرهابية
- نظام «تتبع الخطوات».. كيف ترصد «أمازون» حضور موظفيها لمواقع العمل؟
وتوقعت "موديز" نمو الاقتصاد المصري بنسبة 4% خلال العام المالي الحالي، و5% في العام المالي 2026. في المقابل، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو إلى 3.6% و4.1% للعامين الماليين الحالي والمقبل، مؤكدًا أن الاقتصاد سيواصل التعافي بفضل تحسن سوق النقد الأجنبي، زيادة ثقة المستثمرين، ونشاط الصناعات التحويلية وقطاع التعدين.
ومن المتوقع أن تراجع "فيتش" و"ستاندرد أند بورز" التصنيف الائتماني لمصر في أبريل/نيسان المقبل، مع احتمالية تحسين التصنيف في ظل المؤشرات الإيجابية.
من جانبه، أوضح الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن آفاق النمو الاقتصادي في مصر ما زالت تواجه تحديات، تتجاوز تأثير تراجع عائدات قناة السويس. وأكد أن تحويلات المصريين في الخارج تُخفف من حدة هذه الضغوط.
وأضاف أن أبرز العقبات تشمل ارتفاع عجز الموازنة واستمرار مستويات الدين الخارجي المرتفعة رغم تراجعها مؤخرًا، إلى جانب ارتفاع معدلات الفائدة التي تُشكل تحديًا كبيرًا أمام توسع القطاع الخاص ونموه.
وتوقعت شركة الأبحاث البريطانية "كابيتال إيكونوميكس" أن تبدأ الآثار الاقتصادية السلبية التي أثرت على مصر ودول الشرق الأوسط في التراجع عند تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
الخطط المالية في مصر
تستعد الحكومة المصرية لإطلاق حزمة حماية اجتماعية جديدة تتضمن زيادة الحد الأدنى للأجور، ورفع الإعفاءات الضريبية، وزيادة مساهمات المعاشات، لدعم الأسر المتضررة من التضخم.
ورغم المخاوف السابقة من تأثير هذه السياسات على استقرار الاقتصاد، ساهمت جهود تشديد السياسة المالية في تحقيق فائض أولي يتجاوز 6% من الناتج المحلي الإجمالي، مما عزز ثقة المستثمرين.
الحكومة تخطط لتقديم ميزانية مدتها ثلاث سنوات بحلول أبريل/نيسان المقبل، تتضمن ضوابط إنفاق صارمة وسياسة جديدة لتمديد آجال استحقاق الديون، بما يضمن استدامة المالية العامة.
قطاع السياحة
بحسب وكالة موديز، فإن دولًا مثل مصر والأردن التي تعتمد بشكل كبير على السياحة والاستثمار الأجنبي تعرضت لتداعيات النزاعات. لكن التهدئة الجيوسياسية، بما يشمل وقف إطلاق النار في غزة والاتفاق بين إسرائيل ولبنان في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قد تسهم في تحسين البيئة الاستثمارية والائتمانية.
كما أضاف التقرير أن أي انتقال سلمي في سوريا قد يؤدي على المدى الطويل إلى عودة اللاجئين من تركيا، ولبنان، والأردن، مما يخفف الضغط الاقتصادي على هذه الدول.
لبنان ومسار التعافي
استفاد لبنان من تهدئة التصعيد بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في نوفمبر/تشرين الثاني. ومع تراجع نفوذ الحزب، نجح لبنان في انتخاب جوزيف عون رئيسًا، وتعيين نواف سلام رئيسًا للوزراء، وكلاهما يحظى بقبول دولي وخليجي.
أعلن القائدان عن نيتهما تنفيذ إصلاحات اقتصادية ضمن "فصل جديد" للبنان، مما يعزز فرص خروج البلاد من أزمتها، رغم الحاجة إلى الكثير من العمل.
ووفقا لوسائل إعلام لبنانية فإن وقف إطلاق النار في غزة ينعكس على لبنان حيث تستقر الأوضاع في الجنوب مع إسرائيل، وقال رئيس اتحاد النقابات السياحية رئيس نقابة أصحاب الفنادق بيار الأشقر، إن الأمر ينعكس بالإيجاب خاصة مع بدء إجراءات داخلية إصلاحية منها انتخاب رئيس للجمهورية واختيار رئيس للحكومة.
وأضاف أن لبنان يستفيد من قطاع السياحة بشكل كبير وهدوء الأوضاع ستساهم في عودة لبنان إلى مجدها وعودة الرحلات .
وأكد أن هذه الأخبار على المستوى الاقتصادي مشجّعة ومفرحة لكن الأهم أن تستمر الاندفاعة، وأن تترسخ وتطور أكثر فأكثر لأن البلاد تحتاج إلى الكثير الكثير.
وعلى هذا الأساس، الآمال معلّقة على تشكيل حكومة إصلاحية إنقاذية جامعة لأن إنقاذ البلد يحتاج إلى جميع السواعد في إطار من التكاتف، لكن الأهم تحت سقف القانون والدستور وأن تكون الممارسات لمصلحة الوطن والمواطن بشكل عادل وفي إطار من المساواة.