تعميم ماكينات ATM.. مصر تواجه الفساد آليا
7 ملايين موظف حكومي في مصر وفقاً للتقديرات الرسمية، ملتزمون خلال أشهر بدأت أمس الثلاثاء بصرف مرتباتهم آلياً.
7 ملايين موظف حكومي في مصر وفقاً للتقديرات الرسمية، ملتزمون خلال أشهر بدأت أمس الثلاثاء بصرف مرتباتهم آلياً.
فقد أصدر رئيس مجلس الوزراء المهندس شريف إسماعيل قراراً بإلزام جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة الخدمية والهيئات الاقتصادية وغيرها من الجهات الحكومية، بصرف جميع مستحقات العاملين لديها أياً كانت مسمياتها أو قيمتها أو الجهات الواردة منها من خلال نظام الدفع الإلكتروني ببطاقات ATM.
القرار كان صارماً فيما يخص التعاملات النقدية، حيث نص في الحالات القهرية أو الضرورة القصوى التي تحتم اللجوء لطريقة استثنائية، يجب أن يُعرض الأمر على وزارة المالية لاتخاذ اللازم في هذا الشأن.
لكن ماهي المكاسب التي تعود على المصريين ودولتهم في الوقت ذاته جراء تطبيق القرار الذي تطبقه بالفعل كثير من دول العالم؟
الادخار السلبي والنشال
في هذا الإطار يقول الخبير المصرفي محسن خضير، إن الادخار السلبي في البيوت وما يعرف بالمفهوم الشعبي المصري بـ"تحت البلاطة" ينتهي بمجرد أن يعتاد المواطن التعامل مع أجهزة الصرف الآلي ATM، وربما كانت هذه من أهم فوائد القرار الحكومي الذي سيطبق في مدى أقصاه الأشهر الثلاثة القادمة.
وأوضح في تصريح لـ"العين" أن القرار سيتطلب استحداث فروع لجميع البنوك التي ستتولى صرف مرتبات ومستحقات المواطنين من الجهاز الإداري في كل المحافظات لعدم كفاية الفروع الحالية بوفاء الغرض.
ومن وجهة نظر مختلفة قال أحمد آدم خبير المصارف، إن القرار يحمي الموظف المصري من ظاهرة النشال الذي اعتاد التربص به أول الشهر الجديد، فيسرق الراتب كاملاً ويتركه لا يدري كيف سيقضي احتياجاته حتى موعد صرف الراتب التالي.
وفي تصريح خاص لـ"العين" أشار إلى أن الثقافة المصرية التي تخشى كل جديد، قد تخلق قلقاً داخل الموطن من فكرة الصرف الآلي، إلا أنه خلال فترة قصيرة سيعتاد الأمر خاصة بعد ان يتأكد من خصوصية حسابه الشخصي واستحالة اختراقه حتى من جانب الجهة التي يعمل لديها، وبالتالي لا يضطر لسحب مستحقاته كاملة بل يكتفي بما يفي احتياجه الآني فقط.
وقال آدم، إن القرار أيضاً سيلغي الصرف اليدوي للمرتبات وبالتالي يوفر الموظفين المخصصين لهذه المهمة ويُستفاد بهم في أعمال أخرى، وكذلك ينهي احتمالات الخطأ في صرف المرتبات، وكذلك تستفيد البنوك من الحد الأدنى المتبقي في حساب كل موظف أياً كانت قيمته، فهو بمثابة وديعة غير مكلفة.
ومن جانبه قال المفكر الاقتصادي شريف دلاور، إنه خطوة لإحلال المعاملات البنكية بديلاً عن الأوراق المالية، ومستقبلاً تستطيع الدولة خفض النفقات التي تستهلكها في طباعة وسك العملة لعدم الاعتماد عليها بشكل كامل.
وأشار إلى أن أنظمة أمان عالية باتت تتبع في البنوك للحيلولة دون اختراق الحسابات الشخصية ولا داع للقلق من هذا الأمر، وعن طوابير الانتظار المتوقعة مع بداية كل شهر عند ماكينات الصرف الآلي، قال إنه يأمل في تغطية الجمهورية بفروع بنكية وماكينات صرف كافية.
سيطرة على الفساد
وتقول الدكتورة يمنى الحماقي، الخبيرة الاقتصادية، إن 228 مليار جنيه مصري على الأقل سيتم صرفها آلياً سنوياً، تمثل مرتبات موظفي الحكومة، مؤكدة أنها أحدى أهم الخطوات التي أوصى بها الجهاز القومي للاستثمار برئاسة عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في إطار خطة تقليل اعتماد مصر على الاقتصاد النقدي والتحول إلى نظيره البنكي، وهو ما استجاب له المجلس الأعلى للمدفوعات وترجمه رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل إلى قرار نافذ.
وأوضحت الحماقي في تصريح خاص لـ"العين"، أن كل التعاملات البنكية التي ستتم عبر الصرف الآلي ستخضع للرقابة على مستوى الأفراد والأشخاص الاعتباريين كالشركات، وهو ما يحقق الشفافية، ويغلق باباً للفساد مع تعميم الإجراء وإخضاع الجميع له.
وقالت إن التطبيق يقضي صرف المرتبات والمكافآت والحوافز بالطريقة ذاتها، كذلك كل جهة خاصة أو غيرها ستتعامل مع الحكومة مادياً سيتم ذلك من خلال البنوك، فتتحقق رقابة كاملة لكل أشكال التعامل مع الحكومة، ويصبح جانباً كبيراً من دورة المال في مصر يتم تحت نظر الأجهزة الرقابية ويتعاظم دور الجهاز المصرفي في تنمية البلاد لما ستحققه الرقابة من السيطرة على الفساد وبالتالي السيطرة على التضخم، كما يحدث في معظم الدول المتقدمة.