انقسام داخل الفيدرالي الأمريكي.. خفض الفائدة يتحول من «مؤكد» إلى «مجهول»
قبل اجتماع ديسمبر
مع اقتراب اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية في ديسمبر/كانون الأول، تبدو احتمالات خفض أسعار الفائدة أقل يقينا من السابق، في ظل خلافات حادة بين مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حول وضع الاقتصاد وأولوياته بين ضغوط التضخم المستمر وضعف التوظيف.
ووفقا لتحليل نشرته وكالة "أسوشيتد برس"، فإن ما كان يُنظر إليه سابقًا باعتباره خفضًا شبه مؤكد للفائدة بات اليوم محل شك كبير، بحسب مراقبين اقتصاديين.
فقد عبّر بعض أعضاء لجنة تحديد أسعار الفائدة، البالغ عددها 19 عضوًا، عن قلقهم من استمرار التضخم، فيما أبدى آخرون مخاوف من تباطؤ سوق العمل واحتمال تحوله إلى موجة تسريحات واسعة إذا لم يتحسن التوظيف قريبًا.
وتعكس هذه الخلافات حجم حالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي نتيجة عوامل متشابكة تشمل الرسوم الجمركية، وتطورات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب التغيرات في السياسات الضريبية والهجرية.
وقال لوك تيلي، كبير الاقتصاديين في M&T Bank: "هذا يعكس قدرًا كبيرًا من عدم اليقين. من الطبيعي أن يكون هناك تباين واسع في الآراء".
وقد يؤدي عدم خفض الفائدة إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للبيوت والسيارات، ما يزيد شعور الأمريكيين بارتفاع تكلفة المعيشة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن العديد من المواطنين يرون الأسعار مرتفعة بالفعل، وأن تحمل المزيد من الأعباء المالية أصبح أكثر صعوبة على الأسر.
وفي ظل هذه الظروف، قد يشهد اجتماع ديسمبر/كانون الأول عددًا غير معتاد من الأصوات المعارضة، سواء اتجهت اللجنة إلى خفض الفائدة أو الإبقاء عليها دون تغيير.
وقال كريشنا غوها، المحلل في Evercore ISI، إن خفض الفائدة قد يواجه أربعة أو خمسة أصوات معارضة، في حين قد يواجه قرار الإبقاء على الأسعار دون تغيير ثلاثة أصوات معارضة. ويُعد وجود أربعة أصوات معارضة داخل الفيدرالي أمرًا نادرًا، وآخر مرة حدثت كانت عام 1992 تحت قيادة آلان جرينسبان.
ويؤكد بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أن الانتقادات المتعلقة بـ"التفكير الجماعي" لن تكون مطروحة هذا العام، إذ من المتوقع أن تشهد السياسة النقدية تنوعًا في الآراء أكثر من المعتاد. كما زادت صعوبة اتخاذ القرار بسبب انقطاع البيانات الحكومية خلال فترة الإغلاق، حيث تتوفر حتى الآن بيانات التوظيف والتضخم لشهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول فقط، مع توقع صدور بيانات سبتمبر/أيلول غدًا الخميس، والتي يرجح أن تظهر نموًا محدودًا بنحو 50 ألف وظيفة، مع بقاء معدل البطالة عند 4.3%.
وتشير توقعات المستثمرين إلى أن احتمالات خفض الفائدة الشهر المقبل أصبحت متساوية تقريبًا عند 50%، وفقًا لـCME FedWatch، انخفاضًا من 94% الشهر الماضي، ما ساهم في تراجع الأسهم الأمريكية خلال الأسبوع الجاري.
وكان الاحتياطي الفيدرالي قد خفض الفائدة في سبتمبر/أيلول لأول مرة هذا العام، وأشار إلى نيته خفضها مرتين إضافيتين في أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول، إلا أن رئيسه جيروم باول قلّل من احتمالية اتخاذ قرار جديد، مؤكدًا أن الأمر "ليس محسومًا".
وفي الوقت الذي يدعو فيه بعض المسؤولين الإقليميين إلى إبقاء الفائدة مرتفعة لكبح التضخم، يرى آخرون أن تباطؤ سوق العمل يمثل خطرًا أكبر ويستدعي خفض الفائدة قريبًا، مشيرين إلى أن التضخم لم يتحول -حتى الآن- إلى مصدر قلق طويل الأجل لدى الجمهور.
وفي هذا السياق، قد تعتمد نتيجة اجتماع ديسمبر/كانون الأول على البيانات الاقتصادية المنتظرة لشهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، والتي ستحدد ما إذا كان مسؤولو الفيدرالي سيتمكنون من الوصول إلى إجماع بشأن خفض الفائدة أو الإبقاء عليها دون تغيير.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTU4IA==
جزيرة ام اند امز