«إيكواس» والانسحابات.. هل تنجح السنغال في رأب الصدع؟
هل ترسم الدبلوماسية السنغالية حلقة الوصل بين الحكام الجدد في دول الساحل الأفريقي وأسلافهم لتؤمن نوعا من الاستمرارية خلافا للحكومة التي شكلت «قطيعة» مع السابق؟.
كل المؤشرات توحي بذلك، في ظل حراك دبلوماسي يخوضه الزعماء الجدد ما يمنح مراقبين شبه قناعة بأن البوصلة تتجه نحو لعب وساطة في أكثر القضايا الملحة المطروحة على المنطقة بالوقت الراهن.
ويعتقد خبراء أن داكار قد تلعب دورا من نوع ما بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) ودول الساحل الثلاث التي انسحبت من المنظمة الإقليمية؛ بوركينا فاسو ومالي والنيجر.
وفي يناير/كانون ثاني الماضي، أعلنت البلدان الثلاثة انسحابها بشكل فوري من "إيكواس".
ووفق البيان الذي تم توزيعه على وسائل الإعلام الرسمية، فإن قادة الدول المذكورة الخاضعة لحكم مجالس عسكرية إثر انقلابات متوالية اتخذوا قرارهم استجابة لتوقعات وتطلعات شعوبهم".
والدول المنسحبة تعاني منذ سنوات ترديا في وضعها الأمني وانتشارا كبيرا للجماعات المسلحة والمتطرفة، وتتهم "إيكواس" بعدم مساعدتها في مواجهة الإرهابيين الذين صعدوا من هجماتهم في المنطقة منذ 2012.
مؤشرات
زيارة أجراها مؤخرا الرئيس السنغالي الجديد باسيرو ديوماي فاي إلى كوت ديفوار، فيما يأمل رئيس وزرائه عثمان سونكو التوجه قريبا إلى الدول الثلاث التي أعلنت انسحابها من "إيكواس".
وفي قراءته للتحركات، يرى الباحث السنغالي باب إبراهيما كين، المتخصص في القضايا الإقليمية بأفريقيا، أن زيارة الرئيس لأبيدجان علامة على أن النظام الجديد سيواصل سياسة ماكي سال تجاه جيرانه في غرب أفريقيا.
ويقول إبراهيما كين، في تصريحات لوسائل إعلام فرنسية: "أعتقد أننا، فيما يتعلق بالدبلوماسية السنغالية، نشهد نوعا من الاستمرارية أي أنه لا وجود لتحول منهجي" في السياسة الخارجية.
ويضيف أن "ما يفعله ديوماي شبيه تماما بما قام به أسلافه وصولا إلى عبده ضيوف، وعبدولاي واد، وماكي سال.. نحن بالفعل في نوع من الاستمرارية ونظهر أن أحد الأصول الرئيسية للسنغال هو دبلوماسيتها، وهو الدور الذي يمكن أن تلعبه في العلاقات الأفريقية والدولية على حد سواء".
لماذا كوت ديفوار؟
وفي معرض رده عن سؤال حول السبب الكامن وراء اختيار كوت ديفوار ضمن أولى الوجهات الخارجية للرئيس الجديد، أوضح الخبير أن هذا البلد يعتبر قوة رائدة وهو عضو بالاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، وهو أيضا القوة الثانية بعد نيجيريا بمنظمة "إيكواس".
وتابع أن عدة أسباب تجعل السنغال ملزمة بالاستماع إلى صوت كوت ديفوار، خاصة عندما ترغب داكار في لعب دور مهم في عودة دول الساحل الثلاث التي قررت مغادرة "إيكواس".
وأعرب عن اعتقاده بأنه "من الضروري معرفة ما هو على المحك حتى نتمكن حقا من إجراء نقاش جدي مع قادة مالي وبوركينا فاسو والنيجر ونكون قادرين على إقناعهم بالعودة".
لعبة مزدوجة؟
قبل يومين من زيارة الرئيس ديوماي فاي إلى أبيدجان، أعلن رئيس الوزراء عثمان سونكو أنه سيزور قريبا غينيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو، الدول الأربع الخاضعة لمجالس عسكرية حاكمة عقب انقلابات.
وفي رؤيته لما يعتبره البعض "لعبة دبلوماسية مزدوجة"، قال إبراهيما كين: "لا على الإطلاق. أولا وقبل كل شيء، الدبلوماسية هي مجال يقتصر على رئيس الجمهورية، وحتى لو كان سونكو هو من سيضطر للسفر إلى هذه الدول الأربع، فإنه سيفعل ذلك باسم الرئيس وسيرافقه وزير الخارجية".
وبحسب الخبير، فإن "ما يفعله الرئيس ديوماي هو محاولة الاستفادة من علاقات تجمع سونكو ببعض قادة تلك البلدان، ولذلك فإنه سيتم إرساله ككشاف، للحصول على نظرة عامة على انتقادات ومطالب هذه الدول".
ولفت إلى أن "إرسال سونكو سيكون مفيدا جدا لأنه في اللحظة التي يتمكن فيها ديوماي من دخول اللعبة، فسيكون قادرًا على لعب دور بناء لأنه يمتلك جميع الأدوات اللازمة، وعكس ذلك، أي في حال الفشل، فهو يدرك أنه لن يكون بإمكانه مستقبلا الحصول على أي دور وساطة بالموضوع".