تعليم تحت الأشجار.. جندي يمني يغير واقع 300 طفل (صور)
ترك الجندي اليمني عبدالرقيب سعيد علي سلاحه وتفرغ لمهمة أخرى تستهدف تغيير واقع جيل بأكمله كان محروما من التعليم ولو كان تحت ظلال الأشجار.
بادرة متفردة قادها الجندي الذي ينتسب للمقاومة الوطنية في اليمن وذلك بفعل روحه العالية ورسالته المثالية التي تستهدف نشر التعليم ومكافحة الجهل بالقلم والطباشير لا بالسلاح والرصاص وتفخيخ المدارس.
فقبل بزوغ شمس الصباح، يتوافد من 280 إلى 300 طالب وطالبة من 3 قرى في ريف مديرية حيس جنوبي محافظة الحديدة، غربي اليمن، إلى مساحة أرض تتوسط 3 قرى فقيرة، وذلك من أجل التعليم تحت ظلال 6 أشجار محاطة بالزرع ومبادرة عبدالرقيب الحسنة.
وحول عبدالرقيب ومعه 5 متطوعين آخرين ظلال الأشجار إلى فصول دراسية للأطفال من الصف الأول إلى السادس كجزء من قصة كفاح تستهدف الحد من تفشي الأمية كظاهرة مؤلمة في المناطق الريفية في هذه القرى النائية والمعزولة عن العالم.
وتدعى هذه القرى "باب الفاج" و"المرجيم" و"الشعوب" وتقع إلى الريف من حيس وتحررت من مليشيات الحوثي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 بعد عملية للقوات المشتركة اليمنية بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية.
معركة وجودية
يقول الجندي اليمني عبدالرقيب سعيد الذي ينحدر من بلدة "قدس" في محافظة تعز (جنوب) إنه قدم إلى الغرب من البلاد كجندي مقاتل لكن ملاحظته للتجهيل الذي مارسه الحوثيون بحق الأطفال دفعته لتنفيذ مبادرته التعليمية كجزء من معركة لمكافحة الأمية.
وأضاف في تصريحه لـ"العين الإخبارية"، "لقد لاحظت أن الطلاب يفتقرون لسبل التعليم ويجهلون أدنى أبجديات التعليم فسعيت لحشدهم وتعليمهم بأقل التكاليف وبشكل تطوعي ومجاني".
وأوضح: "تنعدم هنا العملية التعليمية انعداما كاملا وليس هناك أي عامل مشجع للتعليم حيث تفتقر المنطقة لمدرسة تعليمية وتربويين وهذا يهدد بشكل كبير مستقبل الأطفال القاطنين في هذه القرى النائية".
وتابع: "نحن هنا من أجل رفع العملية التعليمية ومن أجل أبنائنا الصغار ومن أجل أن نسجل بصمة مجتمعية تسهم في تعليم الأجيال ومكافحة حرب التجهيل التي تشنها مليشيات الحوثي".
وقال: "بعد تعليم هؤلاء الأطفال نتوقع أن يكبروا ويساهموا بالعمل من أجل المجتمع وأسرهم وأنفسهم، فالتعليم وإن كان بافتراش الأرض والتحاف السماء يظل جزءا من معركة وجودية حتى استعادة البلاد برمتها".
وأردف: "الطلاب هنا مكافحون وجادون في التعليم ورغم افتراشهم للأرض إلا أنهم محفزون بشكل دائم للتعلم".
تحقيق الحلم
شردت حرب الحوثيين محمد عبدالله (12 عاما) لسنوات مع عائلته قبل أن يعود إلى قريته وينخرط في التعليم إلى جانب 300 طالب وطالبة آخرين تحت الأشجار.
في حديثه لـ"العين الإخبارية"، يؤكد محمد عبدالله، أنه نازح وقدم من أجل التعلم في بلدة "الراغة": "نحن نتعلم تحت الشجر ونريد كتبا دراسية ومدرسة تعليمية وأدوات تعليمية".
وأضاف "أصبحنا بفضل الجندي القدسي نقرأ ونكتب ونصلي بعد أن كنا نجهل أبسط الأشياء في الحياة والحمدلله على كل شيء".
طفل آخر يقارب محمد في العمر يقول إنه يحقق اليوم أمنيته بتعلم القراءة وإنه يتمنى أن يستمر المتطوعون في تأدية عملهم إلى أن يصبح بمقدورهم التعلم بشكل ذاتي.
من جهته، يقول المعلم المتطوع خالد شجان إن التعليم يبدأ من الساعة الـ7 إلى الساعة الـ10 وعند ذلك نتوقف عن التعليم بسبب حرارة الشمس.
وأعرب شجان عن سعادته لعمله التطوعي، مشيرا إلى أنه من الواجب عليهم تعليم هؤلاء الأطفال للحد من تفشي الأمية كظاهرة مؤلمة في المناطق الريفية من القرى النائية.
وطالب شجان المنظمات المعنية بالتعليم والجهات الحكومية المعنية بالتدخل من أجل تلبية رغبة الطلاب وتشييد مدرسة تعليمية تنتصر لعذابات الطلاب تحت الأشجار ومن حرارة الشجر.
ودفعت حرب مليشيات الحوثي أكثر من 2 مليون طفل في سن التعليم إلى خارج مقاعد التعليم في اليمن، ومن المتوقع أن تصل أعدادهم إلى 6 ملايين طفل بفعل خطر تعطل العملية التعليمية، بحسب الأمم المتحدة.