موسم اصطياد البشر.. "العُمر" ثمنا لجلب الأسماك في بحور اليمن الشتوية
جثث وقوارب محطمة على السواحل الغربية
باهتمام بالغ يتابع جهاد صالح، الصياد البالغ من العمر 30 عاما، حركة الرياح كل يوم عبر تطبيق في هاتفه لمعرفة الطقس وسرعة الرياح.
بناء على هذه المعلومات الصباحية، سيتحدد مصير اليوم التالي لصالح وما إذا كانت الأجواء ستسمح له بمواصلة رحلة السعي وراء رزقه.
شأن الآلاف من الصيادين التقليديين على امتداد السواحل الغربية لليمن، ينطلق صالح في رحلات بحرية شبه يومية لا تخلو من الخطر بحثا عن الأسماك التي تضمن له لقمة عيش معقولة في قلب شتاء بارد.
- أسماك اليمن.. قصة "حزينة" بطلها جشع التجار
- الحبار اليمني يغزو آسيا وأوروبا.. مصدر قوي للدولار بفضل الساحل الغربي
ويرتبط الشتاء بتيارات وأمواج بحرية قد تمنع الصيادين في بعض الأوقات من المخاطرة وركوب البحر.
الرياح توقف نشاط الصيد
ويقول صالح لـ"العين الإخبارية"، إن الرياح أوقفت الصيادين بشكل كلي خلال الفترة الماضية، لكن هناك أياما تتحسن خلالها حركة الرياح وتكون خفيفة.
وتابع: " نعود للصيد ليومين أو ثلاثة وقد تصل لأسبوع، وتعاود الرياح الهبوب ونعاود نحن الانتظار".
ويضيف صالح أن هذه الرياح موسمية، تستمر لأشهر وتكون ذروتها في فصل الشتاء، وتضرب بقوة بداية شهر نوفمبر /تشرين الثاني حتى نهاية أبريل/ نيسان.
وتسمى هذه الظاهرة محلياً في الساحل الغربي لليمن بـ"الأزيب" وهي تيارات هوائية قوية قادمة من الجانب الغربي، للبحر الأحمر تشكل أمواجا بحرية مضطربة، وفي البر تثير الغبار والرمال المتحركة حتى تحجب الرؤية أحيانا.
وفي ظل التأثير الكبير لـ"الأزيب" على حياة الصيادين، يتكرر هذا المسمى كثيرا في أغاني البحارة اليمنيين منذ القدم.
ترويض البحار
يصبح ترويض الأمواج العاتية التي تكونها هذه التيارات، ضربا من الخيال، إذ قد تؤدي إلى الموت.
من يغامر في ركوب هذه الأمواج يعد مصيره مجهولا حتى يعود إلى الشاطئ الذي ذهب منه، كما وصف صياد عائدا لتوه من الإبحار على مسافة 3 أميال بحرية.
وتَشُل هذه الرياح القطاع السمكي عن الحركة على امتداد ثلاث محافظات في اليمن هي تعز والحديدة وحجة.
وفصل الشتاء هو الأعنف والأخطر على حياة الصيادين وعلى سلامة قواربهم.
جثث وقوارب محطمة
وعاشت مدينة المخا غرب تعز مطلع يناير / كانون الثاني الجاري حادثا مأساويا حيث ابتلعت أمواج البحر 7 صيادين خرجوا في رحلة صيد وسط أمواج مضطربة ولم يعودوا وظهرت جثة أحدهم على ظهر القارب قبالة سواحل الحديدة فيما لم يتم العثور على بقية الجثث.
خبير الأرصاد الجوية والبحرية في ميناء المخا، محمد القوح، قال إن موسم الرياح التي تضرب سواحل اليمن الغربية، لمدة 6 أشهر، تُعطل عمل الصيادين، لاسيما ذوي القوارب الصغيرة، وتقلل من نسبة اصطياد الأسماك.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" إن الرياح الموسمية، تبلغ سرعتها في أيام الذروة 70 عقدة في الساعة، وتتفاوت حسب الأيام طوال الموسم.
من جهته، أشار خالد صغير رئيس جمعية الخوخة للصيادين، إلى أن خسائر الصيادين نتيجة لهذه الرياح بلغت 22 قارباً حطمتها الأمواج من مراسي الصيد في الخوخة وحدها وهي راسية وليست حتى مبحرة.
وأوضح لـ"العين الإخبارية"، أن تأثير ظاهرة الرياح القوية يتضاعف في ظل انعدام وجود مصد بحري (لسان بحري) يصد الأمواج ويحمي القوارب، في مراكز إنزال الأسماك بالخوخة.
مصير مجهول
وفي كل عام تسجل ما يقرب من 10 حالات وفاة غرقاً نتيجة الاصطياد في مواسم الأمواج القوية.
وكون الظاهرة طبيعية، يقول صيادون إن الاهتمام بهذا القطاع متروك على نفسه، ما يجعله أكثر عرضة للاستهداف والاستغلال في عمليات التهريب المشبوهة.