الأسواق الريفية.. معالم مفتوحة توثق مظاهر الحياة في اليمن (صور)
لأكثر من 3 عقود تبتاع المسنة اليمنية فاطمة الهاملي ما تصنع بيدها من فخار في سوق "النجيبة"، الواقعة على خط رئيسي بين الحديدة وتعز.
وتصنع الهاملي البالغة من العمر 60 عاماً، منتجاتها بنفسها وبمساعدة أسرتها، وهي عبارة عن "جحل، وزير" وعاء لتبريد وشرب الماء، و"القصيص" وعاء كبير يستخدم لطهي اللحم وحفظ اللبن.
كما تصنع، أوعية البخور وتنور طهي الخبز الطيني والنرجيلة الفخارية وأوعية أخرى، تتراوح أسعارها من نصف دولار (500 ريال يمني) إلى 4 دولارات ( 5 آلاف ريال يمني)، كما تحدثت الهاملي لـ"العين الإخبارية".
وتضيف أنها منذ 35 عاماً تقصد هذه السوق الواقعة على مفترق طرق للقرى السكنية الريفية في الساحل الغربي كل أسبوع لبيع الأواني الفخارية بكل أنواعها، وتكسب منها رزقها ورزق الأسرة كاملة.
وأوضحت أن "منتجاتها تلقى إقبالاً كبيراً، كل أسبوع ولكن هناك أشهر تزداد الطلبات عليها، ابتداء من قدوم شهر رجب أشعبان ورمضان وحتى شهر ذي الحجة، وهي تمثل الذروة في البيع والإنتاج".
وتعد فاطمة الهاملي التي تبيع الفخار مع حفيدها الصغير واحدة من عشرات الباعة الجوالين من أصحاب المنتجات التقليدية الذين يقصدون سوق النجيبة، وهي سوق للمنتجات الحرفية والشعبية بكل أشكالها.
نموذج ناجح
ويمكن الاستدلال بهذه السوق على نجاح الأسواق الريفية باليمن الواقعة على ملتقى الطرقات، إذ يتوافد إلى النجيبة آلاف الباعة والمشترين الحرفيين، كل يوم خميس لعرض منتجاتهم ويعتبر مكان التقاء وموسم تجمع لأهالي عدد كبير من المناطق الغربية الساحلية.
ظلت هذه السوق متحفا متنقلا من قرية إلى أخرى لكنها استقرت في آخر 5 عقود في بلدة "النجيبة" لتمثل تجمعاً لكل منتج حرفي، ومكان تسوّق عام لكل المنطقة الريفية ومديريات الساحل الغربي لليمن.
ورغم ضيق المساحة وعرض هذه الحرفيات على الخط الرئيس فقد تضاعفت أهمية سوق النجيبة مؤخراً لتتحول إلى سوق مركزية أكبر تخدم مناطق أكثر وباعة ومتسوقين من أماكن بعيدة، ولم تعد فقط تخدم القرى المجاورة، كما يقول إسماعيل علي لـ"العين الإخبارية".
ويضيف أن "سوق النجيبة، اكتسبت زخماً كبيراً في الساحل الغربي بعد تحريرها مطلع 2018، من مليشيات الحوثي الإرهابية، التي كانت بين حين وآخر تستخدم محلاتها مخازن وثكنات عسكرية".
ازدهار السوق
وأدّى الحصار الذي تفرضه ميليشيا الحوثي الإرهابية، على مدينة تعز ومناطق الساحل الغربي، فضلا عن تحول المليشيات سوق "البرح" الشهيرة إلى قواطع ومتارس وثكنات إلى ازدهار سوق النجيبة في المناطق المحررة.
تحوّل منتجو 6 مديريات في الساحل الغربي من الحرفيين، إلى اختيار سوق النجيبة مقصداً لعرض منتجاتهم، بائعات عدة منهنّ منتجات الفخار، والقفف والمصارف، ودلات اللبن، والحبال وبائع الطفي "شبيط" وبائع العصا وبائع الجبن والأسماك، والقرازيع، والمشبك (حلوى) والعديد من هذه الحرف.
يقول محمد عبدالله، الذي يبيع منتجات "دوبية" وعاء لتحضير اللبن والحقين، وتصنع من شجرة الدباء أو اليقطين، إن ما يميز سوق النجيبة هو إقبال العديد من المواطنين على المنتجات الحرفية وعرضها.
وأضاف لـ"العين الإخبارية"، أن ما يميز منتجات حفظ الحليب وتحضير السمن والحقين، هي البرودة التي تكتسبها في الليل، أما المصنوعة من المعدن، فتحتاج إلى ثلج لكي تستخرج السمن عن الحقين، خلال فترة الليل، مشيرا إلى أن منتجه يصل المعروض إلى 10000 ريال.
إلى جواره تجلس اليمنية عيشة سعيد تعرض مصارف محلية (سفر) مصنوعة من أسعف النخيل، وتستخدم لتقديم المائدة، وتبيع القفف (السلل) لحفظ الخبز ومنتجها يتراوح بين مبلغ 2000 ريال للقفاف و3000 ريال للمصارف.
وتتعدد المنتجات الحرفية، منها "سمك الباغة" المعمول في أفران خاصة، و(المشبك، القرازيع)، حلوى محلية تصنع تباع عادة في الأسواق الشعبية.
وتغذي سوق النجيبة الأسواق المحلية الفرعية في جميع القرى المحيطة به لسكان 6 مديريات ومناطق ريفية محررة مؤخراً بالمواد الغذائية والاستهلاكية.
المزارعون لم يكونوا بمعزل عن هذا السوق المهم في الساحل الغربي، حيث يحضر بائعون من مناطق مختلفة.
العديد من الحرف اليدوية، من أوان وأدوات محلية أصبحت اليوم تعرض على جانبيّ رصيف السوق، ومتوافرة بشكل كبير.
وتنتشر الأسواق الشعبية في اليمن، كطريقة تقليدية في التبضع منذ عقود زمنية، ويتمسك أهالي المناطق الريفية بها لتغدو كهوية وتراث شعبي يأبى الاندثار.
وما زالت هذه الأسواق تجسد تراث اليمن العريق وتحتفظ بطابع ومظاهر أسواق العرب القديمة والتي عادة ما تقع عند بلدات تربط تجمعات سكانية كبيرة وتعد مراكز التقاء، ويطلق عليها "الوعد" كموعد محدد للالتقاء أسبوعيا.
aXA6IDMuMjMuMTAzLjIxNiA=
جزيرة ام اند امز