دراسة حديثة تكشف سر فاعلية الوصفات الطبية في مصر القديمة (خاص)
كشفت دراسة علمية جديدة تنشرها دورية "جورنال أوف إثنوفارماكولوجي" في يناير/كانون الثاني المقبل، عن بُعد غير مستكشف من الطب المصري القديم.
وأوضحت الدراسة التي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منها، أن فاعلية الكثير من الوصفات العلاجية لم تكن مرتبطة فقط بالمكونات النباتية المستخدمة، بل أيضا بطرق التحضير المعقدة التي اتبعها المصريون القدماء بدقة لآلاف السنين.

الدراسة التي أعدها باحثون من معهد تاريخ الصيدلة والطب بجامعة فيليبس ماربورغ الألمانية، التي جمعت بين التحليل اللغوي للنصوص الطبية القديمة وتقنيات التحليل الكيميائي الحديثة، سعت إلى فهم نوعين من فئات الأمراض كما وردت في البرديات الطبية المصرية.
وبعد مراجعة النصوص باستخدام منهجيات فقه اللغة المعتمدة في علم المصريات، أعاد الباحثون تصنيع ثلاث وصفات علاجية قديمة تمامًا كما وردت في النصوص الأصلية، ثم قاموا بتحليلها باستخدام تقنيات متقدمة تشمل الرنين المغناطيسي النووي والكروماتوغرافيا المقترنة بقياس الطيف الكتلي .
وأظهرت النتائج أن إحدى الوصفات القائمة على نبات الشعير احتوت على مركب الهوردينين، المعروف اليوم بخصائصه الدوائية التي تتوافق بشكل لافت مع وصف المرض كما ورد في النص القديم، بالإضافة إلى رصد تأثيرات تكميلية ناتجة من باقي المكونات.
كما بينت الوصفتان الأخريان أن نبات الكتان قدم خصائص مضادة للالتهاب تتناسب مع علاج السعال، في حين أظهر الخروب مركبات مثل الإبيكاتيشين والغالات ذات صلة بعلاج الحمى وأعراض الجهاز التنفسي.

وتؤكد الدراسة أن التقنيات الصيدلانية المصرية القديمة لم تكن عشوائية، بل اعتمدت على فهم واضح لتأثيرات المكونات وطريقة تحضيرها بما يحقق نتائج علاجية ملموسة. كما تبرز أن التحليل الكيميائي الحديث يمكن أن يشكل أداة مهمة لدعم علماء المصريات في تفسير دلالات وصفات التحضير ودورها في فهم مفهوم المرض لدى المصريين القدماء.
وتفتح هذه النتائج الباب أمام إعادة تقييم الكثير من النصوص الطبية المصرية القديمة، مع التركيز على التفاعل بين المكونات بدلا من الاقتصار على دراسة كل مركب بمفرده، ما يضيف بعدا جديدا لفهم تطور المعرفة الطبية عبر العصور.