اللوتس الفرعونية.. الجمال المقدس الذي ألهم علماء النانو (خاص)
بينما يشهد العالم اليوم ثورة صناعية في مواد النانو ذاتية التنظيف، كشفت خبيرة مصرية عن الدور المجهول لزهرة اللوتس الفرعونية.
واحتل هذه النبات مكانة كبيرة في مصر القديمة وضعته في مرتبه التقديس، فهو رمز للحماية والبعث في المقابر، لذلك تم استخدام رسوماته في توابيت الملوك، نقوش المعابد، والزخارف الجنائزية، لأنها كانت تعبر عن الخلود وعودة الروح للحياة، كزهرة تتجدد كل صباح، كما تقول إحدى الروايات، أن المعبود "رع" رمز الشمس والخلق، إنبثق من قلبها، لذلك أصبحت رمزا للميلاد والنور.

وتقول الدكتورة رباب الشريف، عميدة كلية النانوتكنولوجي بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة للعين الإخبارية، أن الفهم العميق لآليات الطبيعة في هذا النبات فتح الباب أمام جيل جديد من المواد التي تنظف نفسها بنفسها، وتقاوم الاتساخ، وتقتل البكتيريا، وتوفر استهلاك المياه والجهد والطاقة.
وأوضحت الشريف أن القصة بدأت مع عالم النبات الألماني فيلهلم بارتلوت، مكتشف ما يعرف علميا بـ "تأثير اللوتس"، عندما لاحظ أن أوراق هذا النبات تظل نظيفة دائما رغم نموه في المياه الطينية.
وتابعت "الميكرو-نتوءات الدقيقة على سطح أوراق اللوتس مع طبقة الشمع تجعلها شديدة التنافر للماء، بحيث ينزلق الماء فوقها كالكريات الصغيرة ويحمل معه كل ذرات الغبار، وقاد هذا الاكتشاف إلى تطوير أولى الدهانات ذاتية التنظيف في أوروبا".

من الملابس إلى ناطحات السحاب
ولم تكن الدهانات هي الاختراق الوحيد القائم على ما بات يعرف علميا بـ"تأثير اللوتس"، إذ دخل هذا التأثير قي العديد من التطبيقات التجارية اليوم.
وتقول الشريف إنه "ظهر في أقمشة لا تتسخ تقاوم الكاتشب والقهوة والزيوت، زجاج سيارات ونوافذ ناطحات السحاب التي تمنع الضباب وتطرد الماء، وأسطح مستشفيات تقتل البكتيريا تلقائيًا بفضل مواد نانوية من ثاني أكسيد التيتانيوم".
وتضيف: "هذه التقنيات لم تعد ترفًا، بل أصبحت جزءًا من صناعة عالمية تتوسع سنويًا، وتعيد تعريف علاقتنا بالنظافة والصيانة".

وأشارت الشريف إلى أن المادة الأكثر ثورية في هذا المجال هي ثاني أكسيد التيتانيوم ، والتي تمتلك خاصيتين فريدتين، فهي تتحول إلى مادة شديدة المحبة عند تعرضها للضوء فوق البنفسجي، فينتشر الماء فوق سطحها كطبقة واحدة تزيل الأوساخ وتمنع الضباب، وتقوم بتحليل المركبات العضوية والبكتيريا عبر تفاعل ضوئي، مما يجعلها مادة ذاتية التنظيف والتعقيم في الوقت نفسه".
وتؤكد الشريف: "هذه المواد أصبحت أساسا لتطبيقات هائلة في المستشفيات والمطابخ والزجاج الذكي، وتُعد من أكثر الابتكارات الواعدة في عالم النانو"