محاكمة تنظيم الإخوان الإرهابي بالإمارات.. تفاصيل هامة ودلالات عميقة
تفاصيل مهمة ودلالات عميقة كشفتها جلسة محاكمة أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي في الإمارات.
تفاصيل تدل على مدى خطورة هذا التنظيم الإخواني الذي كان يخطط لإنشاء تنظيم سري بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة، وحرصهم على الاندماج في الاقتصاد بشكل خبيث عبر غسل الأموال المتحصلة من أعمالهم غير المشروعة، ومحاولة إخفاء كل الجرائم المركبة.
وفي المقابل، كشفت الجلسة ذاتها عن دلالات عميقة تبرز نجاح دولة الإمارات المستحق في حماية نظامها المالي والاقتصادي من أي عمليات غسل أموال، فضلا عن نجاحها الأمني المتواصل في مكافحة الإرهاب بشكل عام وإرهاب تنظيم الإخوان بشكل خاص.
أيضا كشفت جلسة المحاكمة نزاهة وعدالة القضاء الإماراتي وحرصه على توفير محاكمة علنية عادلة أمام الجميع.
تفاصيل الجلسة
وأجلت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية النظر في القضية رقم "87" لسنة 2023 ، والمتهم فيها عدد من الأشخاص والكيانات، والتي تتعلق بارتكاب جرائم تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي وغسل الأموال المتحصلة من "جنايات إنشاء وتأسيس تنظيم سري إرهابي"، وذلك إلى يومي 7 و8 فبراير/شباط المقبل للاستماع لمرافعة النيابة العامة.
وخصصت جلسة أمس لسماع شهادة شاهدي الإثبات في الاتهامات المتعلقة، بجرائم غسل الأموال المسندة إلى خمسة متهمين وست شركات يديرونها.
وتطرقت الجلسة العلنية التي حضرها محامو الدفاع وأهالي المتهمين وممثلون عن وسائل الإعلام، إلى البيانات المالية للشركات التي يملكها المتهمون ووقائع غسل الأموال، التي وقعت لصالح تنظيم الإخوان الإرهابي، حيث استمرت المحكمة في مناقشة شاهدي الإثبات لمدة قاربت أربع ساعات تخللتها مناقشة محامي المتهمين، كما سمحت المحكمة للمتهمين بمواجهة الشاهدين ومناقشتهما.
وكان المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للدولة، قد أحال يوم 6 يناير/كانون الثاني الجاري 84 متهما، أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي إلى محكمة أمن الدولة لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر، بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
وأخفى المتهمون هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة.
وكانت محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية قد أصدرت في 2 يوليو/تموز 2013 حكمها في قضية التنظيم السري غير المشروع.
وحكمت المحكمة بإنزال العقوبة القصوى البالغة 15 عاماً سجناً بحق 8 متهمين هاربين، ومعاقبة 56 متهماً حضورياً بالسجن لمدة 10 أعوام، مع مراقبتهم لمدة 3 سنوات بعد تنفيذ العقوبة، ومعاقبة 5 متهمين بالسجن 7 سنوات، كما نص الحكم على براءة 25 متهماً من بينهم 13 امرأة، ما يعني تبرئة كل متهمات التنظيم النسائي.
وكانت هذه القضية قد استأثرت باهتمام محلي وإقليمي ودولي منذ الإعلان عن إحالة المتهمين إلى القضاء بتهمة محاولة الاستيلاء على الحكم، ومناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها، والإضرار بالسلم الاجتماعي، إذ كشفت التحقيقات الأولية واعترافات المتهمين للنيابة العامة عن وجود مخططات تمس أمن الدولة، إضافة إلى ارتباط التنظيم وأعضائه بتنظيمات وأحزاب ومنظمات خارجية مشبوهة.
مخططات واجتماعات سرية
ووفقاً للتحقيقات، فقد أنشأ المتهمون وأسسوا وأداروا تنظيماً يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في دولة الإمارات والاستيلاء عليه، واتخذ التنظيم مظهراً خارجياً وأهدافاً معلنة هي دعوة أفراد المجتمع إلى الالتزام بالدين الإسلامي وفضائله، بينما كانت أهدافهم غير المعلنة الوصول إلى الاستيلاء على الحكم في الدولة ومناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها، وقد خططوا لذلك خفية في اجتماعات سرية عقدوها في منازلهم ومزارعهم وأماكن أخرى حاولوا إخفاءها وإخفاء ما يدبرونه خلالها عن أعين السلطات المختصة.
وأكدت الأحكام الصادرة آنذاك تبعية التنظيم السري في الإمارات إلى إطار تنظيمي إقليمي يتبع بدوره التنظيم العالمي للإخوان الهادف وبصورة منهجية إلى إخضاع سيادة دولة الإمارات له.
ومؤخرا، تم الكشف عن جريمة جديدة حاول من أدينوا في تلك القضية إخفاءها، وهي جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي دولة الإمارات.
شبكة عنقودية
الاتهامات التي تم توجيهها للمتهمين التي تتعلق بجرائم غسل الأموال المسندة إلى خمسة متهمين وست شركات يديرونها، تكشف مدى خطورة هذا التنظيم الذي كان يحاول التسلل للاقتصاد والنظام المالي عبر غسل أموالها غير المشروعة.
أيضا تكشف مدى خطورة هذا التنظيم الذي أنشأ سلسلة شركات لإخفاء أنشطته.
نجاح أمني متواصل
وكشفت الجريمة ذاتها بتلك التعقيد وهذا التشابك يقظة رجال الأمن الإماراتي ومختلف الجهات المعنية بمكافحة غسل الأموال لإحباط مخططاتهم، وحماية النظام المالي والاقتصادي من تسلل أي أموال غير مشروعة.
ويتوج هذا النجاح جهودا إماراتية متواصلة، توجت بإشادة وتقدير دولي من أكثر من جهة، إضافة إلى احتفاظ الإمارات للسنة الرابعة على التوالي بمكانتها ومركزها الأول في مؤشر مكافحة الإرهاب العالمي، حيث تعتبر من أكثر الدول أماناً من بين عدة دول فعالة في مجال مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة، ومن أكثر الدول أماناً في العالم بمستوى "منخفض جداً" لمخاطر انتشار النشاط الإرهابي، وذلك حسب النتائج الصادرة من معهد الاقتصاد والسلام الدولي المسؤول عن المؤشر ونشر نتائجه في يناير/كانون الثاني الماضي.
أيضا تجسيدا للثقة الدولية المتنامية بجهود الإمارات البارزة لمكافحة غسل الأموال، تم منحها في يوليو/تموز الماضي صفة مراقب من قبل مجموعة آسيا والمحيط الهادئ المعنية بمكافحة غسل الأموال "APG"، وهي هيئة إقليمية على غرار "الفاتف"، لتصبح دولة الإمارات أول دولة عربية تُمنح صفة مراقب في المجموعة.
وجاء هذا بعد نحو شهر من قيام مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) برفع تصنيف دولة الإمارات العربية المتحدة أواخر مايو/أيار الماضي، تقديراً لجهودها في مواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي فبراير/شباط الماضي، أشادت مجموعة العمل المالي (فاتف) بالالتزام السياسي رفيع المستوى وبالتقدم القوي الذي أظهرته دولة الإمارات في اعتماد المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
عدالة ونزاهة
أيضا رغم خطورة المحاكمة والاتهامات الموجهة للتنظيم، فحرصا من المحكمة على الشفافية التامة وإطلاع الرأي العام المحلي والدولي على وقائعها، كانت الجلسة علنية وحضرها محامو الدفاع وأهالي المتهمين وممثلون عن وسائل الإعلام.
أيضا استمرت المحكمة في مناقشة شاهدي الإثبات لمدة قاربت أربع ساعات تخللتها مناقشة محامي المتهمين، كما سمحت المحكمة للمتهمين بمواجهة الشاهدين ومناقشتهما، الأمر الذي يكشف الحرص على توفير محاكمة عادلة، حيث تم مواجهتهم بجميع الأدلة التي تدينهم وردهم حيالها، ثم إفساح المجال للدفاع عنهم أمام الجميع، وتجسد المحاكمة العلنية ما يتمتع به الجهاز القضائي في دولة الإمارات من استقلالية تامة.
وكان قرار إحالة المتهمين للمحاكمة 6 يناير/كانون الثاني الماضي تضمن الإعلان عن ندب محام لكل متهم لم يتمكن من توكيل محام للدفاع.
وهو ما يعني صون حقوق الأفراد في الدعاوى القضائية، والتي تشمل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وبناء على هذه القاعدة لا يجوز فرض أي عقوبة جزائية على أي شخص، دون أن تثبت إدانته وفقاً للقانون.
أيضا يشمل هذا حق توكيل محام، حيث يجب أن يتوفر لكل من اتهم بارتكاب جناية يعاقب عليها بحكم الإعدام، أو بالسجن المؤبد محام للدفاع عنه في مرحلة المحاكمة، وإذا لم يوكل المتهم محامياً تقوم المحكمة بتعيين محام له، وتتحمل الدولة مصاريفه وفقاً للقانون. كما يجوز للمتهم في جناية يعاقب عليها بالسجن المؤقت أن يطلب من المحكمة أن تعين له محامياً للدفاع عنه، بعد التحقق من عدم قدرته على توكيل محام.
دلالات عدة تكشف نجاح دولة الإمارات في تحقيق المعادلة المثالية في هذا الصدد، عبر نجاحها في مكافحة الإرهاب ونشر الأمن والأمان واحترام حقوق الإنسان، عبر استراتيجية متكاملة: قانونية وأمنية وحقوقية ودبلوماسية وسياسية.