حفيد الشعراوي يروي لـ"العين الإخبارية" كيف نجا إمام الدعاة و40 حفيدا من الإخوان
بفكر تغذى على التطرف وتأصل لدى أصحابه تكفير المجتمع، باتت شرعنة العنف واستباحة الدماء للوصول للحكم نهجا متجذرا لدى تنظيم الإخوان الإرهابي منذ نشأته.
حقيقة اكتشفها إمام الدعاة، الشيخ محمد متولي الشعراوي، قبل وفاته بأشهر، دفعته ومن بعده 40 حفيدا ساروا على نهجه، للتبرؤ من جماعة الإخوان الإرهابية وفضح حقيقة استخدامهم الدين كمطية للوصول إلى مآربهم السياسية.
حفيد إمام الدعاة، يروي لـ"العين الإخبارية" تفاصيل رحلة الشعراوي الذي يعد واحدا من أقطاب الدين ومفسري القرآن الكريم في العصر الحديث، مع جماعة الإخوان من الوهم والانخداع بأحاديثهم عن الدين وادعائهم خدمته، إلى محطة كشف حقيقة فكرهم وانتهاجهم للتخريب والتحريض والتطرف.
كيف نجا الشعراوي من شبح الإخوان؟
محمد عبدالرحيم الشعراوي، حفيد إمام الدعاة، بدأ حديثه لـ"العين الإخبارية" بقوله: "الإمام وأحفاده -وعددنا 40 فيما يزيد- لم ننتم يوما إلى الإخوان أو السلفية، رغم محاولات البعض التشكيك بالإمام الشعراوي والاعتماد فقط على الفصول الأولى من علاقته بالجماعة الإرهابية، التي سرعان ما انتهت عقب اغتيالهم للقاضي أحمد الخازندار عام 1948.
ويضيف حفيد الإمام: "كل فترة يخرج علينا من يحاول ادعاء أخونة إمام الدعاة، طلبا للشهرة دون قراءة التاريخ جيدا"، موضحا: "الإمام كان رئيسا لاتحاد الطلاب بجامعة الأزهر ثم التقى حسن البنا الذي عرض عليه الانضمام للجماعة، وبالفعل كتب الشيخ حينها منشور الإخوان الأول باعتبار مضمونه دعويا قبل أن يتبرأ منهم".
واقتبس الحفيد عن الشعراوي كلمات عكست تلك الحقيقة بقوله: "جدي عبر عن هذه اللحظة التي تبرأ منهم فيها بقوله (عرفت أن المسألة ليست دعوة وجماعة دينية، وإنما سياسة وأغلبية وأقلية وطموح إلى الحكم، لذا اتخذت قراري بالابتعاد)".
واقعة عززت قرار الإمام الشعراوي يرويها حفيده محمد عبدالرحيم: "عند مقتل القاضي الخازندار تردد أن الإخوان لهم يد في اغتياله، فحدث جدال بين شباب الدعوة وفوضوا إمام الدعاة الذي ذهب برفقة السيد سابق وزير الأوقاف الأسبق إلى حسن البنا، وكان هناك عبدالرحمن السندي الذي عرف عنه لاحقا أنه كان قائد الجناح العسكري السري، وسأل البنا إذا كان الإخوان وراء مقتل الخازندار، فادعى الأخير أنه لم يأمر أحد بقتل أحد، ليرد عليه السندي بأنها كانت رغبته، ليجيب البنا: حدثتني نفسي بذلك".
وتابع: "حينها أدرك الإمام أن الإخوان يقتلون الناس على الظن، وأنها جماعة تستخدم الإسلام لتحقيق مآربها، وكانت جملته الشهيرة لهم حينذاك "هذا فراق بيني وبينهم، رأيتهم يتطلعون للكرسي ولا يهمهم الدين".
ويروي حفيد إمام الدعاة واقعة قبل وفاة الشعراوي بشهر، عندما جاءه أحد الشباب ليسأله عن رأيه في الإخوان، فكان رد الإمام: "جميعنا كان يظن أنهم جماعة دعوية تطبق الإسلام، لكن الدعوة كلمة حق أرادوا (أي الإخوان) بها باطلا".
محاولات بائسة
ويقول حفيد الشيخ الشعراوي (50 عاما) لـ"العين الإخبارية": "على مدار سنوات عمري حاول الإخوان استقطابي لهم على غرار ما فعلوه مع أحد أعمامي، لكنهم لم يفلحوا، وكنت في كل مرة ألجأ لجدي الإمام الشعراوي فيها وأطلب نصيحته، فكان يفند لي أكاذيبهم، ولم تفلح محاولاتهم معنا جميعا".
ويضيف: "في كل مرة كنت أسأل الإخوان ماذا ستعلمونني وتضيفون لي أكثر مما علمته وتعلمته عن ديني، فالحمد لله رباني الإمام الشعراوي وعلمني أن الإسلام الوسطي لا يعرف إخوانا ولا سلفية، أما أنتم فمدعون تأكلون بدين الله، وتوظفونه لأهدافكم السياسية".
وفند الحفيد الحديث حول انتماء عمه وابن خالة الإمام للإخوان بقوله: "هذا الكلام ليس صحيحا وأشبه بالاكتفاء بقوله "ولا تقربوا الصلاة"، فعمي سامي نصحه جدي الإمام الشعراوي وقال له “يا بني أنت أخذت خير الإخوان.. فابتعد. وحجّم نفسك.. لأن المسألة انتقلت إلى مراكز قوى.. وإلى طموح في الحكم”، وبالفعل استجاب لنصيحته وابتعد.
أما ابن خالة جدي الإمام الشعراوي، فكان شأنه شأن كثيرين يؤمن بفكرة الدعوة، لكنه أبدا لم يكن من رعاة العنف والإرهاب، ولم تفلح محاولات الإخوان لتجنيده.
رسائل موروثة
ووجّه حفيد الإمام الشعراوي رسالة إلى الشباب المسلم بأن يحذروا من محاولات استقطاب الإخوان قائلا: "ستظل جماعة الإخوان على منهجها في محاولة استقطاب أنصار جدد لها، خاصة بعدما تكشفت وجوههم القبيحة، وفضحت جرائمهم بحق الشعوب العربية، فكلما اقتربت نهايتهم كلما نشطت لجانهم الإلكترونية في محاولة التشكيك في مؤسسات الدولة المختلفة بما في ذلك الأزهر الشريف".
ويضيف: "ماذا ننتظر من جماعة تكفر المجتمع وتفتي زورا بجاهليته وفرضوا أنفسهم أوصياء على الدين، ولا تجد حرجا في استخدام أي وسيلة للوصول للحكم، ولو كان سفك دماء الأبرياء ثم المتاجرة بها".
مسيرة في تفسير القرآن
ويعد الشيخ الشعراوي من أهم علماء الدين ومفسري القرآن الكريم في العصر الحديث، وكان معروفا بطريقته المبسطة في الشرح، ما جعله من أكثر علماء الدين القادرين على الوصول إلى شريحة كبيرة من المسلمين بالعالم باختلاف ثقافتهم.
ومنذ صغره، حرص الشيخ الشعراوي على التبحر في القرآن الكريم واستكمال دراسته رغم انتمائه لأسرة مصرية بسيطة، وخلال مسيرته لم يتوقف عطاؤه لخدمة الدين الإسلامي في مصر فقط، بل امتد إلى الدول العربية.
وكان يفضل طوال الوقت نقل خبراته في العلم والدين إلى آخرين، عبر دروس المساجد والتدريس في الكليات والمعاهد الأزهرية.
كما حرص الشيخ الشعراوي على نقل خبرته العلمية إلى كتب ومؤلفات عديدة مثل "المنتخب في تفسير القرآن الكريم" و"نظرات في القرآن الكريم" و"على مائدة الفكر الإسلامي" و"الإسلام والفكر المعاصر" و"مئة سؤال وجواب في الفقه الإسلامي" و"الطريق إلى الله" و"الشورى والتشريع في الإسلام".
ولمدة عشر سنوات متواصلة، قدم إمام الدعاة برنامج "نور على نور" بداية من عام 1973، وتدريجيا أصبحت دروس الشيخ الشعراوي جزءا أساسيا من حياة المصريين، بمشاهدة البث التلفزيوني الثابت "خواطر إيمانية" التي يفسر فيها آيات ونصوص القرآن الكريم.
ونظرا لدوره في المجتمع المصري، حصل على عدة أوسمة وجوائز بداية من وسام الاستحقاق لتقاعده عام 1976، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر عام 1983، ووسام الجمهورية وجائزة الدولة التقديرية عام 1988.
وظلت إسهامات الشيخ الشعراوي في الدين وتفسير القرآن ممتدة إلى أن تُوفي في 17 يونيو/حزيران 1998.