بالصور.. "الجمعة السوداء" في مصر تتحول إلى "بيضاء"
تزاحم أمام السلاسل التجارية بالتزامن مع يوم التخفيضات العالمي
المصريون يتزاحمون على المولات والمراكز التجارية في "الجمعة السوداء" بحثا عن التخفيضات.. ماذا يقول الخبراء؟
بالتزامن مع اليوم العالمي للتخفيضات على مستوى العالم أو ما يعرف باسم “black Friday”، شهد عدد من المولات الكبرى في مصر إقبالًا شديدًا، للاستفادة من عروض التخفيضات التي أعلن عنها عدد من الشركات والعلامات التجارية فيما يعرف بتخفيضات الجمعة السوداء.
في المقابل، تداول الكثير من المغردين على وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة من صور الزحام أمام المراكز التجارية مع كثير من التعليقات الساخرة، لا سيما ممن لم يتمكن من الشراء في الجمعة البيضاء التي تزامنت مع قرب انتهاء الشهر، وبالتالي انتظار الناس لراتب الشهر الجديد، ما حد من قدرتهم على التسوق في ذلك اليوم.
وأعلن عدد من الشركات والمتاجر المصرية عن طرح تخفيضات هائلة، تصل إلى 70%، فى إطار ما يعرف بتخفيضات "الجمعة السوداء"، التي تكون في الجمعة الأخيرة من شهر نوفمبر من كل عام.
ومع ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه للملابس الشتوية هذا العام، تزاحم عدد كبير من المواطنين أمام بعض السلاسل التجارية والمحلات والمولات التي أعلنت مشاركتها في التخفيضات، التي أطلق عليها مواطنون مصريون "الجمعة البيضاء" بدلًا من التسمية المتعارف عليها عالميًا وهي "الجمعة السوداء".
تاريخيًا، ترجع تسمية "الجمعة السوداء" إلى القرن الـ19؛ حيث ارتبطت تلك التخفيضات بالأزمة المالية التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1869م، والتي شكلت ضربة كبرى للاقتصاد الأمريكي، فكسدت البضائع وتوقفت حركات البيع والشراء ما سبب كارثة اقتصادية في أمريكا.
واضطرت المتاجر الأمريكية وقتها إلى اتخاذ عدة إجراءات للتعافي من تلك الأزمة ومواجهة الركود؛ منها إجراء تخفيضات كبرى على السلع والمنتجات لبيعها بدلا من كسادها وتقليل الخسائر قدر المستطاع، فيما عرف لاحقًا بتخفيضات الجمعة السوداء.
فيما دشن رواد موقع التدوين المصغر "تويتر" هاشتاج بعنوان "black Friday"، بمناسبة اليوم العالمي للتخفيضات على مستوى العالم.
وتفاعل عدد كبير من النشطاء مع الهاشتاج الذي تصدر قائمة "تويتر"، للهاشتاجات الأكثر تداولاً على مستوى العالم.
بينما سخر عدد من نشطاء موقع "فيس بوك"، من تزاحم المواطنين أمام سلاسل العلامات التجارية، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، واصفين التزاحم بـ"مليونية الجمعة البيضاء".
الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب، يرى أن "الجمعة البيضاء" المصرية، أو يوم الخصومات العالمي هو أحد أشكال الترويج للمنتجات من خلال تقديم خصومات وإغراءات للمستهلكين، ما أدى إلى انتعاش حركة البيع والشراء في ظل الكساد الاقتصادي التي عانت منه الأسواق المصرية بعد ارتفاع أسعار السلع في السوق المصرية.
وأضاف عبدالمطلب، لـ"العين"، أن غالبية الشعب المصري يفضل التسوق يوم الجمعة في الأوضاع الطبيعية باعتباره يوم عطلة رسمية في البلاد، مشيرًا إلى أن الشعب المصري اعتاد تاريخيًا على المشاركة في التخفيضات أو "الأوكازيونات"، في محاولة منه للحصول على سلعة جيدة بأسعار مخفضة أو مقبولة.
وأوضح عبدالمطلب، أن الشركات المشاركة في "الجمعة البيضاء" درست عقلية المواطن المصري بشكل جيد والدليل تحويل المسمى العالمي ليوم التخفيضات وهو "الجمعة السوداء" إلى الجمعة البيضاء في مصر.
ورفض عبدالنبي اعتبار تزاحم المواطنين أمام المحلات التجارية مؤشرا على ارتفاع مستوى دخل المواطن، قائلًا: "مشاركة المواطنين في الجمعة البيضاء ليست مؤشرا على زيادة الدخل لكنها محاولة للحصول على سلعة جيدة بأسعار معقولة في ظل موجة ارتفاع الأسعار التي ضربت البلاد خلال الفترة الماضية".
فيما أكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، أن الجمعة السوداء لضرب الأسعار صرعة للتسوق أمريكية الأصل انتشرت في الوطن العربي منذ 2014 للترويج لبضائع أجنبية لمستهلكين أدمنوا البضائع الأجنبية في ظل فشل التسويق والترويج للمنتج المحلي وارتفاع الأسعار وقلة الجودة.
وأضاف صادق لـ"العين"، أن الزبون المصري يفضل البضائع الأجنبية نتيجة لاتسامها بالجودة والذوق، مشيرًا إلى أن ظاهرة التزاحم أمام سلاسل العلامات التجارية لحجز أولوية للشراءخير دليل على تأثر المواطن المصري بعقدة "الخواجة".
وعن تغيير المواطن المصري لمسمى "الجمعة السوداء" إلى "البيضاء"، قال صادق، إن مصطلح السوداء كلمة غير مستحبة لدى الشعب المصري؛ لأن المواطن يربط يوم الجمعة بالصلاة والراحة، موضحًا أن مصطلح "الجمعة السوداء" غير مريح رغم أنه يعني كسر موجه غلاء الأسعار.
وأكد أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن التخفيضات في السوق المصرية لا تقارن بمثيلتها في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، موضحًا أن التجار يدعون الشباب للشراء وكسر حالة الكساد التجاري عن طريق شعارات ترسخ في الأذهان أنها جمعة سوداء للأسعار.
ويرى صادق، أن هناك ألاعيب وخداعا من التجار في التخفيضات لأنها تشمل بعض البضائع التي لا يقبل عليها المستهلك بينما لا تشمل التخفيضات المنتجات المرغوبة لدى المواطن.
وتابع قائلًا: أنه خلال الأشهر القليلة الماضية فقد الجنيه المصري أكثر من 100% من قيمته، ومع دخول موسم الشتاء لجأ المستهلك المصري إلى شراء الملابس الشتوية التى ارتفع أسعارها خلال الفترة الماضية خاصة مع الترويج للتسوق في هذا اليوم.
وشدد صادق على أن أغلب المتسوقين في سن الشباب ويبحثون عن صفقة محددة ومنخفضة السعر من محال أجنبية، معتبرًا أن تلك الظاهرة سوف تستمر خلال الفترة المقبلة مع طرح المحلات التجارية لتخفيضات، خاصة مع تزايد الضغوط على الطبقة المتوسطة في مصر.
في النهاية، يبدو أن المستهلك المصري قد وجد ضالته في "الجمعة البيضاء"، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد خلال الأشهر القليلة المقبلة.. ويبقى التسأول هل تلجأ السلاسل التجارية المصرية إلى طرح تخفيضات مماثلة لكسر حالة الكساد التي تشهدها السوق المصرية مؤخرًا ؟.. هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة.