الإخوان الإرهابية.. الصراع يضرب التنظيم مجددا
للمرة الثالثة خلال عامين، وتحديدا منذ مايو/أيار 2015، تشهد الإخوان الإرهابية ارتباكا تنظيميا نتيجة الصراع الداخلي المحتدم
للمرة الثالثة خلال عامين، وتحديدا منذ مايو/أيار 2015، تشهد جماعة الإخوان الإرهابية ارتباكا تنظيميا نتيجة الصراع المحتدم بين القيادات التاريخية في الخارج بقيادة إبراهيم منير الأمين العام للتنظيم الدولي، ومحمود عزت القائم بأعمال المرشد، واللجنة الإدارية العليا والتي أسسها في القاهرة القيادي محمد كمال مسؤول إدارة الأزمات بعد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013.
فقد نشر الموقع الرسمي للجماعة الإرهابية بيانا بتاريخ 19 مارس/آزار الجاري، أعلنت فيه الانتهاء من مراجعات لمواقفها منذ يناير/كانون الثاني 2011 حتى يناير/كانون الثاني 2017، وذلك كتوطئة لوضع خطة للتحرك مستقبلا، بحسب قولهم.
البيان أشار إلى أن الجماعة الإرهابية اعتمدت على متخصصين في علوم الاجتماع والسياسة والقانون والشريعة، كما شارك فيه بعض قيادات وكوادر الإخوان بالداخل والخارج، وزعمت أن منتج التقييم سيكون علميا.
وشدد البيان على أن المكتب العام لجماعة الإخوان الإرهابية، سيعرض التقرير النهائي للتقييم في 3 مسارات متوازية؛ هي: التواصل مع 100 من المفكرين والسياسيين وأصحاب الرأي والشخصيات العامة والعلماء والمهتمين بالشأن الإخواني خاصة والإسلامي عامة والقضية الوطنية المصرية وتسليمهم نسخا من هذه التقييمات للمشاركة الفعالة بالرأي والمشورة والنقد البناء، فضلا عن عرضه لعموم أعضاء الإخوان، وأخيرا عرضه في المسارات الإعلامية المختلفة.
وقد تلقت وسائل الإعلام هذا الخبر باعتباره خطوة نوعية للجماعة الإرهابية، تعيد بها نموذج المراجعات للجماعة الإسلامية والفصائل المسلحة في التسعينيات والتي أدت إلى وقف العنف آنذاك.
لكن خرجت الصفحة الرسمية لجماعة الإخوان على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعد 48 ساعة لتنفي هذا البيان، وقالت على لسان المتحدث الرسمي لها –الموالي لجبهة القيادات التاريخية– الدكتور طلعت فهمي، إنها لم يصدر عن أي من مؤسساتها أي أوراق بشأن مراجعات أو تقييم لأحداث، كما تؤكد عدم صلتها بالبيان الصادر يوم 19 مارس/آذار.
الصورة السابقة تشير إلى عدة دلالات تعبر عن واقع الجماعة الإرهابية؛ يتمثل أبرزها في:
أولا: عودة الصراع بين أجنحة الإخوان
فقد صدر البيان الأول من القاهرة، وهو ما يمثل مجموعة اللجنة الإدارية العليا، الجناح المسلح للتنظيم الإرهابي الذي أسسه محمد كمال، حيث دائما ما يصدر بياناته موقّعة من العاصمة المصرية، أما تصريحات وبيانات القيادات التاريخية تتم عبر المتحدث باسم الجماعة د. طلعت فهمي.
ورغم أن بيان المراجعات تم نشره على الموقع الرسمي للجماعة، إلا أن الجبهتين اتفقتا منذ ديسمبر/كانون الأول 2015 على استخدام الموقع نفسه لنشر التصريحات والبيانات الرسمية لهما، وذلك في أول محاولة لرأب الصدع بين الجناحين، والتي تمت في اجتماع عُقد في إسطنبول بمشاركة أعضاء من التنظيم الدولي، والذي انتهى إلى إبقاء الوضع كما هو عليه، بمعنى أن للجماعة متحدثين رسميين، وقيادتين.
ثانيا: تفكك التنظيم فعليا بين القيادات والقواعد
فقد بدا واضحا أن القيادات الإخوانية باتت تعمل بعيدا على القواعد، وهو ما جسده عدم قدرتها في ضبط مواقف الأعضاء مع استراتيجيتها الساعية إلى تأسيس معارضة خارجية تحشد المجتمع الدولي ضد الدولة المصرية.
فقد اعتمدت اللجنة الإدارية العليا العمل المسلح الصريح، منذ تأسيسها عقب ثورة 30 يونيو/حزيران، لإدارة الصراع مع الدولة المصرية، وهو ما انعكس على موقف الجماعة خارجيا، لذا حاولت القيادات الخارجية الالتفاف على الأنشطة الإرهابية، وطالبت بوقف هذه العمليات، لكن القيادي محمد كمال رفض، وبدأ الصراع يصل ذروته في مايو/أيار 2015.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن قيادات الجماعة الإرهابية في السجون، كانوا على الحياد منذ بدء الصراع، ولكن أعلن محمد بديع، مرشد الجماعة، في حوار مسرب نشرته فضائية الوطن التابعة للإخوان في 9 مارس/آذار، ضرورة تأجيل الخلاف ووحدة الصف، وأكد دور محمود عزت القائم بأعمال المرشد.
لذا فإن الأزمة تجاوزت القيادات في الخارج إلى صراع بين القيادات عامة والأعضاء من الشباب.
ثالثا: ضعف قدرة الجماعة الإرهابية على حشد المعارضة
فقد بدا واضحا أن مساعي التنظيم الإرهابي لحشد المعارضة ضد الدولة والنظام المصري، غير ذي جدوى، وهو ما يعود في الأساس إلى حالة الضعف التي تعتريه، فضلا عن استمرار الصورة السلبية للجماعة لدى الرأي العام المصري.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن حالة الضعف بلغت ذروتها في 19 ديسمبر/كانون الأول 2016، نشر أنصار اللجنة الإدارية على صفحات التواصل الاجتماعي، نتائج انتخابات داخلية أجرتها اللجنة لإعادة هيكلة الجماعة الإرهابية، تحت شعار "التأسيس الثالث"، وهو ما يعني عدم الاعتراف بجناح الخارج والتنظيم الدولي، والتأكيد على أن القواعد التنظيمية والشُعب الداخلية في مصر تؤيد جناح اللجنة الإدارية، فضلا عن فصل مجلس الشورى العام عن العمل التنفيذي، بحيث يصبح دوره استشاريا فقط، وبالتالي تتم إدارة الجماعة من جانب الشباب، وتكريم القيادات في السجون بالإبقاء على مواقعهم التي أصبحت شرفية بحسب هذه القرارات.
لذا يمكن القول إن تنظيم الإخوان أصبح جماعتين فعليا لكل منها هيكلها التنظيمي الخاص، فضلا عن انتفاء الحد الفاصل بين التنظيم الدولي والجماعة الإرهابية في مصر، وانفصال الشباب عن القيادات التاريخية.
الصورة السابقة، تشير إلى أن الجماعة الإرهابية في طريقها للتحلل والانهيار الذاتي في المستقبل المنظور، نتيجة الصراعات الداخلية، وذلك بعد انتفاء الصفة التنظيمية الأبرز لها وهي الطاعة والالتزام بالبيعة.