"تحيا مصر".. الصندوق الذي فضح رجال الأعمال
المبادرات الخيرية والمجتمعية في مصر قليلة قياساً على تجارب ونماذج في دول عربية أخرى.
أكد رجال أعمال وخبراء، وجود تقصير من شركات القطاع الخاص المصرية وقطاعات الأعمال في البلاد، في مختلف أنشطة العمل المجتمعي، ودعم الأعمال الخيرية، موضحين أن مساهمة هذه القطاعات في خدمة المجتمع محدودة للغاية، كما أن المبادرات الخيرية والمجتمعية في مصر قليلة قياساً على تجارب ونماذج في دول عربية أخرى، ويقتصر القائم منها على كونها مبادرات فردية.
وأشار الخبراء إلى أن الخدمات المجتمعية والاجتماعية للقطاع الخاص في مصر ما زالت دون المستوى والطموح، لافتين في ذلك إلى الشكاوى من قلة التفاعل مع صندوق "تحيا مصر" الذي أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسي في بداية توليه الحكم عام 2014، متوقعا أن يجمع الصندوق 100 مليار جنيه، إلا أن الواقع جاء أقل من ذلك.
أرقام الصندوق تشير إلى أنه ما جمعه الصندوق قبل نهاية 2016 لا يتجاوز 8 مليارات جنيه، فوفقاً لـ محمد عشماوي، المدير التنفيذي لصندوق تحيا مصر، فإن الصندوق جمع 7,8 مليار جنيه من خلال التبرعات حتى نوفمبر 2016، فيما كان الصندوق يطمح إلى جمع 100 مليار جنيه، ورغم ذلك ما زالت هناك مساهمات منتظرة من تبرعات الأفراد والشركات، وهي جميعها معفاة من الضرائب، هذا وقد خصص صندوق تحيا مصر 6 مليارات جنيه لتنفيذ مشروعات قائمة.
رجل الأعمال المصري سميح ساويرس كان أكثر رجال الأعمال جرأة في الطرح؛ حيث انتقد بوضوح دور رجال الأعمال في دعم ومساعده الدولة بالمشروعات الخيرية واللاربحية.
وقال: هناك تقصير كبير من رجال الأعمال والأثرياء والقطاع الخاص في إطلاق المبادرات التي تخدم المجتمع المصري، موضحا أن ثروات الشركات ورجال الأعمال جاءت من المجتمع ومن التسهيلات التي تقدمها الدولة، وبالتالي فمن حق المجتمع أن ينال جزءًا من هذه الثروات ويستردها بطرق مختلفة، وبمبادرات مباشرة من رجال الأعمال والشركات.
الدكتور أحمد يوسف سعفان، أستاذ الاقتصاد في جامعة أسيوط، يشير إلى أنه لا توجد أرقام دقيقة حول حجم الإنفاق على الخدمات المجتمعية في مصر، حتى إن التقارير المتخصصة في المسؤولية الاجتماعية للشركات، غالبا ما تركز على الجانب النظري، ويبقى الأمر هو أرقام تعلنها بنوك وشركات ومؤسسات عن أعمالها.
ولفت إلى أنه لا توجد نسب متعارف عليها للإنفاق ضمن المسؤولية المجتمعية، وتخضع أساساً للجانب الأخلاقي لدى رجال الأعمال ومسؤولي الشركات، موضحا أن هناك من يضع الإنفاق على الخدمات المجتمعية ضمن الزكاة عند أهل المسلمين، أو في "العشور" عن المسيحيين، وهناك اختلاف على ذلك.
ويرى دكتور سعفان أن الصورة العامة تؤكد أن دور الشركات ورجال الأعمال فيما يتعلق بالمسؤولية المجتمعية في مصر، دون المستوى، ولكن رغم ذلك هناك مبادرات تقوم بها شركات وبنوك، وتشرف عليها بنفسها، فيما تغفل شركات أخرى التبرع لجهات للجميعات الخيرية في مصر والتي يصل عددها إلى 22 ألف جمعية.
وعلى مؤشر "العطاء العالمي"، فقد جاءت مصر في المرتبة 112 من بين 145 دولة، فيما تصل تقديرات الإنفاق على العمل الخيري في مصر إلى نحو 40 إلى 50 مليار جنيه سنويا، ومعظمها تدخل ضمن التبرعات إلى مؤسسات العمل الخيري.
محسن صفوت، الباحث في المركز المصري للدراسات، يشير إلى أنه في ضوء الاختلاف على مفهوم المسؤولية الاجتماعية والإنفاق على الخدمات الاجتماعية، فإن هذا الحجم من الإنفاق يختلف البعض حول إدراجه ضمن العمل المجتمعي للشركات ورجال الأعمال، فالبعض يصعب إدراجه لأن جانب كبير منه يأتي من تبرعات أفراد عاديين.
وبين أن الإنفاق على المسؤولية المجتمعية في مصر من رجال الأعمال والقطاع لخاص، موضحا أنه يتفق مع سميح ساويرس في أن دور رجال الأعمال في خدمة المجتمع يتسم بالقصور الشديد، ولا يوازي شيئاً فيما حصلوا عليه من فوائد من الدولة، والتي أسهمت بشكل كبير في تكوين ثرواتهم.
دكتور فؤاد محمد عيسى، وكيل وزارة التجارة والصناعة، لفت في دراسة مهمة إلى أن الحكومة بادرت بتقديم مزايا للمشاركة المجتمعية؛ فقانون الضرائب رقم 91 لسنة 2005 استبعد التبرعات والإعانات من الوعاء الخاضع للضريبة، ومـن أمثلتها التبرعات والإعانات التي تقوم الشركات بتقديمها للجمعيـات والمؤسسـات الأهليـة المصرية المشهرة، وكذلك جميع ما يمنح لدور العلـم والمستشـفيات الخاضـعة للإشـراف الحكومي ومؤسسات البحث العلمي، وذلك بما لا يجاوز 10% من الربح الصـافي السـنوي للشركة المانحة.
وبين أن ممارسـة الشـركة لمبـادئ المسؤولية الاجتماعية هو جزء لا يتجزأ من مبدأ المواطنة، فكما أن لهذه الشركات حقوقا، فإن عليها واجبات والتزامات، فمن حق الشركات أن يتوفر لها مناخ صحي للعمل والإنتاج، ومن حقها أن توفر لها الدولة قوانين تحقق العدالة والمساواة بين أطراف النشاط الاقتصـادي، وأن توفر لها أيضا بنية أساسية ملائمة، وأن تحمي حقوقها من الممارسات غير القانونية.
ونوه دكتور فؤاد إلى أن هناك شركات مصـرية قامت بممارسة المسـؤولية الاجتماعية، ومنها بنوك وشركات خاصة، وأسست شركات تابعة لها للقيام بهذه المهام، إلا أن التجربة يجب أن تكون أوسع من ذلك كثيرا.
ولفت إلى وجود مبادرات فردية في العمل الاجتماعي، منها مؤسسة النور الخيرية لمجموعة المغربي بتأسيس، وأبو العينين للنشاط الثقافي والاجتماعي، وسلسلة أسواق خير زمان لمجموعة منصور، وبروكتر وجامبل لبرامج المسؤولية الاجتماعية في التعليم والصحة والمرأة والأطفال، ومدرسة المقطم لإعادة التدوير، ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، وبنــك الطعــام.
aXA6IDE4LjIyMy4yMzcuMjQ2IA== جزيرة ام اند امز