غلبت النقاشات الاقتصادية على مباحثات ونقاشات دول العالم خلال السنوات الأخيرة، نتيجة جائحة كورونا ومن بعدها الحرب الروسية-الأوكرانية.
جولة خارجية مهمة قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تأتي في ظل ظروف سياسية واقتصادية دقيقة وحرجة تعاني معظم دول العالم، المتقدمة منها والنامية على حد سواء.
وقد شملت جولة الرئيس المصري الخارجية كلا من ألمانيا وصربيا، ثم أخيرًا فرنسا، ما يعكس حرص القيادة المصرية على تعزيز علاقاتها الخارجية، خصوصًا في القارة العجوز، التي تعاني دولها اقتصاديا بشكل ملحوظ بسبب تداعيات الحرب، فلم تكد تتعافى من جائحة كورونا حتى جاءت الأزمة الأوكرانية لتضع ضغطا متزايدا على دول القارة، بل على العالم بأكمله.
زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ألمانيا -إحدى أكثر دول الاتحاد الأوروبي تأثيرا سياسيا واقتصاديا على مستوى العالم- تعددت منذ توليه مسؤولية رئاسة مصر.
وتأتي الأهمية الكبرى للزيارة المصرية إلى برلين في مشاركة "السيسي" بحوار بطرسبرج للمناخ، وذلك قبل استضافة مصر مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ "COP27" بمدينة شرم الشيخ نوفمبر القادم، بالإضافة إلى مرور 70 عامًا على تدشين العلاقات المصرية الألمانية، فضلا عن الدور المحوري للزيارة المصرية في زيادة حجم الاستثمارات الألمانية في مصر، وترسيخ الشراكة بين البلدين، والتي تمتد لعقود من الزمن، وكانت في أفضل فتراتها خلال عهد المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل.
أما فيما يتعلق بالأهمية التاريخية لزيارة "السيسي" إلى صربيا، فتتمثل في أنها أول زيارة لرئيس مصري منذ 35 عامًا لهذه الدولة، التي كانت إحدى أهم مكونات يوغوسلافيا سابقًا، والتي ربطتها بمصر علاقات ممتازة في أيام حكم الرئيس جمال عبد الناصر، كما أنها تعد تمهيدًا لمرحلة جديدة من الشراكة بين البلدين.
وختامًا تأتي زيارة "السيسي" إلى فرنسا، والتي يغلب عليها التعاون الاقتصادي، يدعمه دور مصر المحوري في أمن واستقرار المنطقة، فتعميق التعاون المشترك بين مصر وفرنسا اقتصاديا أمر مهم جدا بالنسبة للقيادة المصرية، التي تولي أهمية قصوى لملف الاقتصاد، نظرًا للفرص الواعدة التي تتيحها المشروعات الكبرى في ربوع مصر للاستثمارات الفرنسية.
لقاءات "السيسي" مع قادة الدول الأوروبية ستسهم بكل تأكيد في دعم الاقتصاد المصري، إذ أبرزت الأزمات الأخيرة أن الاقتصاد العالمي يؤثر في السياسة، بل أصبحت له الكلمة العليا في قرارات الدول، وقد تجلّى ذلك في العقوبات الغربية على روسيا، وما تمثله من عبء ترد عليه روسيا بالمثل عبر الضغط بورقة الطاقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة