جهود مصرية للتهدئة بغزة واتجاه لصفقة تبادل أسرى
مصدر أمني قال لـ"العين الإخبارية" إن ثمة 4 عناصر قد تسهم إلى حد كبير في إنجاز الصفقة دون التقليل من شأن العقبات
قام وفد أمني مصري، خلال اليومين الماضيين، بتحركات مكوكية بين غزة وتل أبيب في مسعى لإفساح الطريق أمام مفاوضات غير مباشرة تقود إلى صفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس.
وقاد الوفد الأمني المصري، اللواء أحمد عبد الخالق، مسؤول ملف فلسطين بالمخابرات المصرية، الذي عقد لقاءات منفصلة مع رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيلي يارون بلوم.
وتكتمت الأطراف الثلاثة على مجريات المحادثات المكوكية لضمان نجاحها.
لكن مصدر أمني فلسطيني مطلع على تفاصيل المحادثات قال لـ"العين الإخبارية": "هناك استعداد مبدئي إسرائيلي لإبرام صفقة تبادل، وهو ما تم التعبير عنه في إعلان صدر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شهر يوليو/تموز الماضي ولاحقا في مكالمة هاتفية مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مطلع الشهر الجاري".
وأضاف المصدر: "على إثر هذا الطلب الإسرائيلي إلى جمهورية مصر العربية فقد بدأ وفد أمني مصري رفيع المستوى بالتحرك بين الطرفين".
كان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قال في بيان تلقته "العين الإخبارية" في 2 سبتمبر/أيلول الجاري: "تحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هاتفيا مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وشكره على المساعدة التي تقدمها مصر لتعزيز الاستقرار في المنطقة، خاصة في غزة، وطلب منه أن مصر ستواصل مساعدة الجهود الرامية إلى استعادة أسرانا ومفقودينا".
وأعلنت إسرائيل سابقا أنها فقدت 4 إسرائيليين في قطاع غزة خلال حرب 2014، من بينهم جنديان تعتقد أنهما قتلا واثنان آخران.
وفي 2 يوليو/تموز الماضي قال نتنياهو خلال مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين قتلوا في حرب 2014: "نحن نواصل العمل من أجل إعادة أورون شاؤول وهدار غولدين وأفيرا منغيستو وهشام السيد، عندما نرى أن هناك نافذة، نحن مستعدون لإعطائها فرصة ونعطيها فرصة".
وبعد 48 ساعة من تصريحه هذا، قال نتنياهو في بيان "إن منسق شؤون الأسرى والمفقودين يارون بلوم وطاقمه بتعاون مع هيئة الأمن القومي والمؤسسة الأمنية مستعدون للعمل بشكل بناء من أجل استعادة القتلى والمفقودين وإغلاق هذا الملف ويدعون إلى بدء حوار فوري من خلال الوسطاء".
ومثلت تصريحات نتنياهو المتتالية أول استعداد إسرائيلي علني لإبرام صفقة تبادل بعد أن كانت تقتصر تصريحاتها على المطالبة بالإفراج عن الإسرائيليين بمقابل تخفيف الحصار المفروض على غزة.
وبالمقابل فإن حركة حماس كانت تصر، وما تزال، على رفض الإفصاح عن مصير الإسرائيليين الأربعة إلا في حال إفراج إسرائيل عن أسرى تم اعتقالهم بعد الإفراج عنهم في صفقة تبادل 2011 والإفراج عن النساء والأطفال.
وتشير تقديرات فلسطينية إلى وجود نحو 5 آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية بينهم المئات ممن يقضون فترات سجن طويلة، وهم تحديدا من تريد حماس أن تشملهم أي عملية تبادل.
وكشف المصدر الأمني الفلسطيني، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، النقاب أن اللواء أحمد عبدالخالق، مسؤول ملف فلسطين بالمخابرات المصرية، لعب دورا بارزا في صفقة التبادل التي تمت بين إسرائيل وحركة حماس في عام 2011، وتضمنت تبادل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بمئات الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وقال المصدر: "هذه الخبرة المسبقة ستمكن الوفد الأمني المصري من تسريع عملية التبادل والتي يقتضي الوصول إليها الاتفاق على عدة مراحل جميعها في كل الأحوال صعبة".
وأضاف: "حاليا الحديث هو عن المبادئ العامة مثل أعداد الأسرى الذين ستشملهم الصفقة ومواصفاتهم ولاحقا يتم الانتقال إلى مراحل تنفيذ الصفقة ثم يجري الحديث عن أسماء الأسرى الذين ستشملهم الصفقة وهي أصعب مرحلة على الإطلاق".
وتابع المصدر الأمني الفلسطيني: "أتوقع أنه في حال برزت جدية من الطرف الإسرائيلي فإنه يمكن إتمام مرحلة الاتفاق على المبادئ العامة للانتقال إلى المراحل الأخرى".
وكانت إسرائيل قررت قبل عدة أسابيع عدم الإفراج عن جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزين لديها استعدادا لاستخدامهم في عملية تبادل محتملة، كما توقعت مؤسسات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.
ولكن من ناحية ثانية فإن مسؤولين إسرائيليين، على رأسهم وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس، قالوا إن التخفيف من وطأة الحصار على قطاع غزة والسماح بازدهار القطاع اقتصاديا يتطلب إغلاق ملف المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.
وينظر مراقبون فلسطينيون وإسرائيليون إلى الصفقة في حال تمت أن تكون بمثابة حزمة متكاملة تشمل تبادل أسرى والهدوء من قطاع غزة بوقف إطلاق القذائف الصاروخية والبالونات الحارقة، وبالمقابل رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة المفروض منذ سنوات طويلة.
ورأى المصدر الأمني الفلسطيني في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن ثمة 4 عناصر قد تسهم إلى حد كبير في إنجاز الصفقة دون التقليل من شأن العقبات الكثيرة التي قد تظهر على الطريق.
وقال: "أولا: هناك استعداد إسرائيلي معلن لإبرام صفقة تبادل يقابله بطبيعة الحال استعداد من جانب حركة حماس، وثانيا: هناك استعداد مصري للوساطة بين الطرفين وهذا مهم، لما لمصر من ثقل سياسي كبير في المنطقة وأيضا تجربة صفقة في إتمام صفقة التبادل عام 2011".
وأضاف: "ثالثا: فإن حركة "حماس" بحاجة إلى إنجاز صفقة تبادل لأن من شأن ذلك أن يحسن من مكانتها في الشارع، وأيضا لأن الاحتفاظ بالإسرائيليين لفترة طويلة يستنزف الكثير من الجهود الاستخبارية، فضلا عن قطاع غزة يمر بضائقة فاقمها الانتشار الكبير لفيروس كورونا".
وتابع المصدر الأمني الفلسطيني: "رابعا: فإن نتنياهو يريد إتمام صفقة التبادل للتحسين من مكانته في الشارع الإسرائيلي، كما أن وجود بيني جانتس بالحكومة على رأس وزارة الدفاع سيسهل عليه إبرام صفقة تبادل حتى لو كانت صعبة من وجهة النظر الإسرائيلية، وأيضا فإن الإدارة الأمريكية الحالية تدعم الصفقة ولطالما دعت إلى طي هذا الملف".
aXA6IDMuMTQ5LjI1MS4yNiA= جزيرة ام اند امز