بالصور.. "خطوبة الأطفال" بمصر.. تأمين مبكر من خطر الطلاق
لم يعد الأمر مقتصراً على قراءة الفاتحة لربط طفلين ببعضهما بحسب العادات المصرية؛ فقد أصبحت حفلات الخطوبة أمراً متكرراً
لم يعد الأمر مقتصراً على قراءة الفاتحة لربط طفلين ببعضهما حتى يبلغا سن الزواج بحسب العادات المصرية؛ فقد أصبحت حفلات الخطوبة التي تقام لأطفال تقل أعمارهم عن 10 سنوات أو تزيد قليلاً، أمراً متكرراً ومثيراً للاهتمام.
وخلال اليومين الماضيين انشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بقصة خطوبة الطفلة فريدة إسلام زهران التي لم يتجاوز عمرها الـ4 سنوات، على ابن عمها زين خالد زهران الذي يكبرها بـ3 سنوات حيث يدرس بالصف الثاني الابتدائي ولم يتجاوز عمره الـ7 سنوات، وقيمة الشبكة التي قدمها العريس لعروسه والتي بلغت 18 ألف جنيه مصري.
هذه القصة لم تكن الأولى؛ فعام 2016 شهد قصصاً مشابهة، بدا فيها مشهد تلك الحفلات أقرب إلى مسرحية، البطل والبطلة فيها ما زالوا قاصرين يتلطخ وجه العروس البريئة بمساحيق التجميل والطفل الذي يجلس إلى جوارها حاملاً لقب العريس غارقاً في "بدلته"، والحضور أقرب لمتفرجين يشاهدون فاصلاً من الكوميديا.
ورغم تكرار هذه الحفلات من حين لآخر، إلا أن الدكتور عبد الحميد زيد، الخبير الاجتماعي، يرفض اعتبارها ظاهرة تهدد البناء الاجتماعي لمصر التي تجاوز عدد سكانها 90 مليوناً.
وأوضح أن هذه التصرف من أهالي الأطفال "غير مفاجئ"، وله جذور مجتمعية عميقة؛ فالبحث في حياة هؤلاء تجدهم من عائلات مصرية تنتمي لأصول بدوية، وتنتشر بها أمثلة شعبية كثيرة تلخص القيم التي تحكم مسألة الزواج بالنسبة لهم، مثل مقولة (ياخدها التمساح ولا يتجوزها الفلاح)، حيث يرى البدوي القديم الفلاح رجل منفتح في علاقاته و لايصلح للزواج من ابنته.
ورغم تراجع هذه الأفكار كثيراً، إلا أن البعض ما زال محتفظاً بها، بحسب الدكتور عبد الحميد زيد.
وتابع: حفلات الخطوبة تؤكد تطبيق العادة البدوية القديمة في الاحتفاظ بالفتيات لشباب العائلة، وفي كثير من نجوع مصر وحتى فترة قريبة الشاب لا يتزوح من بنات عائلات أخرى طالما عائلته بها فتيات في سن الزواج، والعكس صحيح.
وعن الأسباب التي دفعت لظهور هذا الأمر مجدداً، أضاف: "لعل أبرزها كثرة حالات الطلاق بشكل غير طبيعي، وكثرة المشاكل التي تنشأ بعد الزواج، وهو ما يدفع الأهل لاختيار الزوج المستقبلي المناسب من وجهة نظرهم، وعادة ما يكون العريس من أبناء عمومتها أو أبناء أخوالها أو فرعاً آخر تربطهم به علاقة دم ورحم، وربما لم يُنجب الأب إلا فتيات، ويخشى زوال ذكره من الحياة بزواجهن من غريب، فيبحث عن أقرب عريس من صلب عائلته يحمل اللقب نفسه ليزوجه ابنته".
وعن كيفية الحد من هذه الحفلات، أشار العالم الاجتماعي، إلى أن الجهل لا يحارب بالقوانين فقط؛ فمصر بها من القوانين ما يحرم الزواج في سن مبكرة، والدستور لن يتدخل في اختيارات الأفراد.
وطالب الإعلام أن يكون أكثر احترافية في التعامل مع مثل هذه الأمور، ولا يتحول لباحث عن الأرباح فقط؛ فمثل هذه القضية بحاجة لتشريح إعلامي دقيق والوقوف على حلها من متخصصين، فضلاً عن دور المجتمع المدني، الذي نسي دوره في البناء الاجتماعي، وبات منشغلاً بقضايا هزلية.
تطلعات مبكرة:
ومن التحليل الاجتماعي إلى النفسي، حيث يحذر الدكتور عبد المحسن ديغم، الطبيب النفسي المتخصص في سلوك الأطفال، من أن هذه الخطوبات هي نقطة البداية لشحن الطفل بتطلعات مبكرة نحو الجنس الآخر، فضلاً عن الإهمال الدراسي والتراجع الذي يسيطر عليه فيما بعد.
وأضح ديغم، في تصريح خاص لـ"العين" أن هذه التطلعات المبكرة تقود الطفل إلى إجراء محاولات لممارسة الجنس، وبطبيعة الحال يحدث فشل، عادة ما يؤدي بهم في النهاية إلى ممارسات خاطئة.
وأكد أن توعية الآباء و الأمهات بحجم الكارثة السلوكية التي تهدد أبناءهم، قد تردعهم عن هذا التصرف وتسهم بشكل فعال في اختفاء مثل هذه الحفلات.