امتحانات مصر "تريندات".. خبراء يحللون "التجربة المثيرة للجدل" (خاص)
أثار امتحان بكلية الألسن في مصر جدلا كبيرا، بسبب اقتباسه جزءا من أغنية مغني الراب "ويجز"، قبل وصول الأمر إلى مجلس النواب (البرلمان).
جاءت كلمات أغنية ويجز "البخت" في امتحان الدراسات الأسلوبية للفرقة الرابعة بالفصل الدراسي الأول، واعتبرت الكلية المصرية السؤال "متسقا مع طبيعة المادة العلمية"، ومدفوعا بأسباب أكاديمية.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انقسم الجمهور إلى فريقين إزاء السؤال وواضعه، واعتبره البعض "دليلًا على تراجع العملية التعليمية والقائمين عليها"، فيما عدّه آخرون "سؤالا احترافيا".
ودخلت النائبة المصرية أميرة أبوشقة على خط الجدل، وتقدمت ببيان عاجل إلى رئيس مجلس النواب ووزير التعليم العالي في مصر تدعو فيه إلى محاسبة المسؤولين عن الامتحان، معتبرة أن "ردود الكلية مستفزة وغير مقبولة".
وأوضحت كلية الألسن، في بيان، أسبابها لاختيار كلمات الأغنية في الامتحان، ومنها أنّ "مادة الدراسات الأسلوبية تهدف لتطبيق نظريات لغوية على نصوص إنجليزية وعربية متنوعة".
وأضافت أن "أستاذ المادة يعتمد على تعريض الطلاب لمختلف أنواع النصوص، بالفصحى والعامية ولهجات متعددة"، و"أن اختيار النص كان مبنيا على التنوع بين الشعر الغنائي والعامية المصرية القريبة من الطلاب"، وأن "الامتحان لم يتضمن أي كلمات غير لائقة، بل كلها كلمات محترمة".
وقبل هذه الواقعة، أثار حضور اسم إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي في نص إملائي بامتحان اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي جدلا كبيرا في مصر، خاصة لتزامنه مع أزمة مسرحية الشيخ الشعراوي ضمن خطة المسرح القومي لشهر رمضان المقبل، وهو ما قوبل بمعارضة شديدة.
اقتباس مشروع
ولا يمانع الخبير التربوي المصري إبراهيم عبدالحميد من الاقتباس من الأغنيات والقصائد العربية في أسئلة الامتحانات، معتبرًا أنها أشكال فنية تعبّر عن واقع المجتمع.
وتساءل في حديثه لـ"العين الإخبارية": "إذا كنا نقتبس جملة من فيلم، فما المشكلة ما دام العمل يعبر عن المجتمع وأحوال الناس؟"، مضيفا "في مراحل التعليم الأساسي يتعلم الطلاب نصوصًا من قصائد الشعراء العظام، مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وهؤلاء تغنت أم كلثوم بقصائدهم، وبالتالي لا مشكلة في الاقتباس".
واشترط الخبير التربوي في الاقتباس من كلمات الأغنيات عدم الوقوع في الإسفاف والكلمات المبتذلة، قائلًا: "ما دامت القصائد والأغاني والاقتباسات عالية الذوق وتعبر عن قيمة جمالية فلا مشكلة على الإطلاق، ولكن غير مقبول أن يتم الاقتباس من أغان ليس على مستوى الذوق العام مثل كلمات المهرجانات الشعبية".
"اقتباس في غير محله
ويرى الدكتور حسام النحاس، الخبير التعليمي، أن الاقتباس في الامتحانات مسألة لا خلاف عليها، فواضع الامتحان يلجأ إلى الاقتباس في بعض الأحيان لإثراء العملية الامتحانية، ومن أجل معرفة وجهة نظر الطالب في قضية أو مسألة معينة، حسب طبيعة المادة أو التخصص العلمي.
ويقول لـ"العين الإخبارية": "من وجهة نظري الإشكالية هي حالات الاقتباس الأخيرة"، وتساءل: "هل انتهت كل الاقتباسات من التراث الشعبي المصري الأصيل؟"، مضيفا "إذا كان لا بد من الاقتباس فليكن من أغان وطنية أو تراثية، لأن الدور الحقيقي في التعليم هو التوعية والارتقاء بالذوق العام".
واعتبر "النحاس" أن "الاقتباس من أغاني المهرجانات والراب ليس في محله على الإطلاق، وهناك نماذج مشرفة وتستحق أن تكون قدوة للطلاب، ولا يجب على الإطلاق أن ننحدر بالذوق العام للطلاب، وهذا النوع من الاقتباس يخلق حالة من الاستقطاب داخل الجامعات وحالة من الاستياء من قبل بعض الفئات".
وأوضح أن "كل الطلاب في هذه السن لا ينتمون لنفس التيار أو التوجه، وبالتالي إذا كان هناك كثير يعجبهم هذا اللون من الغناء فمن المؤكد أن هناك فئات أخرى من الطلاب ليسوا معجبين به، ومن ثمّ هذا النوع من الاقتباس سيسيء إليهم، وعند وجود قضية معينة مطروحة للنقاش في المجتمع يجب ألا نقحمها داخل الحرم الجامعي أو داخل الورقة الامتحانية، ففي حالة النص الإملائي عن الشيخ محمد متولي الشعراوي الجميع يُجِل الشيخ الشعراوي لكن ما شأن ذلك بالعملية الامتحانية؟ ولماذا نسمح بهذا الأمر؟".
وتساءل الخبير التربوي: "في حال إذا كتب أحد الطلاب وجهة النظر المعارضة عن الشيخ الشعراوي هل سيعاقب الطلاب بالخصم من الدرجات؟"، مضيفا "هذه الأمور نسبية ولا يقاس عليها في الامتحانات، وواضع الأسئلة يجب أن يكون متجردا وألا يتبنى وجهة نظر معينة".
سياق الاقتباس
من جهته، قال لطفي السيد، خبير تربوي، إن وضع الأسئلة يختلف في الجامعات المصرية عنه في مدارس التعليم الأساسي، مؤكدا أن الأمر في الحالة الأولى يخضع لسلطة وتقدير أستاذ المادة، لكن في الحالة الثانية تتولى لجان مختصة تحت إشراف وزارة التربية والتعليم وضع الأسئلة وفقا لاشتراطات ومعايير محددة".
وأضاف لـ"العين الإخبارية" أن العبارات العامية في امتحانات كلية الألسن باتت مألوفة خلال السنوات الأخيرة، وجرى تبريرها أكثر من مرة بأن طلاب كلية الألسن يجب أن يكونوا على دراية وإلمام بكل مفردات اللغة، سواء مفرداتها الفصحى أو العامية، كما أن العبارات العامية هي الأكثر استخداما في الحياة اليومية.
واعتبر الخبير التربوي أنه "إذا وصل الأمر إلى مرحلة اقتباس كلمات أغان شعبية أو مفردات مسفّة فهذا غير مقبول"، مضيفا أن "كلية الألسن بها مواد مرتبطة بالتراث والفولكلور، والترجمة بطبيعة الحال تشمل الكلمات الفصحى والعامية، وبالتالي قد يسمح السياق بالاقتباس من أغانٍ معينة بشرط البعد عن الإسفاف".
aXA6IDMuMTIuMTU0LjEzMyA= جزيرة ام اند امز